رمضان في تراحيب محضارية

لم أجد أفضل وأجمل وأعذب ترحيب شعري كالذي صاغه الشاعر الراحل حسين أبو بكر المحضار، بمناسبة قدوم الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك.

لا أنكر قراءتي لكثير من الأشعار عن هذا الشهر الفضيل لكثير من الشعراء، إلا أنها على كثرتها، فإن تلك الأشعار من وجهة نظري لم تصل بعد إلى ما قاله المحضار عن قدوم هذا الشهر الفضيل، وهنا لا أخفي حبي وإعجابي الكبير بهذه القصيدة المحضاريه التالية.

فالقصيدة منذ بدايتها وحتى آخر كلمة بها هي هدايا محضارية لا تقدر بثمن، فالقارئ للقصيدة سيعرف أن بها مراحل من النصائح والعبر التي يسوقها المحضار من غمار تجربته أو تجربة من حوله من البشر، وبحسه المرهف يرسل تلك الأبيات الجميلة لنا لكي نتعظ ونأخذ منها الفائدة.

فالبيت الأول الذي به الترحيب بقوله "أهلًا"، ثم يتبعه بذكر ما على الإنسان من واجبات أخرى كحقوق الأسرة والجيران، وهي معروفة في كل الشهور، لكن في رمضان لها خصوصية ومكانة عالية، وفضائلها كثيرة عند الله.
لنسمع بشيء من الإصغاء:
أهلًا بشهر الصوم ولياليه
والذكر وتراويح كل ليلة
في الشهر ذا كلين له وعليه
وحقوق للأسرة وللعيلة
وحقوق للجيران
يا مرحبا أهلًا بشهر الصوم
مقدمك مقدم خير يا رمضان
الحث والإكثار من الصلوات تنتصب أمامك في البيت القادم.
وهذا البيت بمجمله كأني بالمحضار يقول لنا راجعوا أنفسكم، فمن ظلم أحدًا عليه أن يتخلص من ظلمه لأخيه وبني جلدته، ويعود لجادة الطريق، ومن يحاول الإقدام في مسلك طريق الظلم، عليه العودة السريعة قبل أن يتورط بظلم أحد إخوانه بالدين.
فنسمع:
يا بخت من أدّى فروضه فيه
وإن حد تكاسل فيه يا ويله
ومن غفل يحتاج له تنبيه
قلّه يصفّي الحَبْ ويكيله
ويعدّل الميزان
يا مرحبا أهلًا بشهر الصوم
مقدمك مقدم خير يا رمضان
البيت الثالث أراه كأنه موجه للشباب، بحكم أنهم يمرون بمرحلة صعبة يختلط بها الطيش وعنفوان الشباب، فتحصل منهم الغلطات، وقد يسيطر على البعض منهم الشيطان، ويستحكم بعقولهم:
غلّق زمان العربدة والتّيه
والقفز من سيلة إلى سيلة
الّيه تترك واجباتك ليه
لا حرّك الشيطان لك ذيله
عوّذ من الشيطان
يا مرحبا أهلًا بشهر الصوم
مقدمك مقدم خير يا رمضان
فنتتبع البيت الأخير بشيء من التركيز والإصغاء:
الشهر ذا ما يقبل التشويه
لا تغشّنا إنك معك حيلة
صاحبك لي في خاطره يكفيه
حامل حمولة عوش وثقيلة
يمشي بها تعبان
يا مرحبا أهلًا بشهر الصوم
مقدمك مقدم خير يا رمضان
يا لها من قصيدة فريدة تركها لنا المحضار، فهي في الأصل أتت خصيصًا لرمضان، لكن هي في الواقع تتماشى مع كل الأوقات. فرحم الله المحضار، وطيب ثراه.