الأمم المتحدة دعت أطراف النزاع لهدنة انسانية

الأمم المتحدة دعت أطراف النزاع لهدنة انسانية

هربوا من الموت فتعقبهم إلى المخيمات
حين وطأت أقدامهم أرضاً لا تطالها قذائف المقاتلين في صعدة، اعتقدوا أنهم أفلتوا من آلة القتل. وحين وصلوا إلى ملاجئ إيواء النازحين أدركوا أن الخطر لم يبارحهم، وأن للموت صوراً عديدة. في مخيم المزرق للنازحين يأخذ الموت شكل الوباء.
وفي الشهر الماضي حذرت منظمة الأمم المتحدة (يونيسيف) من تردي الأوضاع الصحية، وقالت إن سوء التغذية واحتمال تفشي الكوليرا على نحو وبائي يهدد حياة النازحين في مخيم المزرق.
توماس دافين المسؤول الإقليمي بصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قال: «سوء التغذية هو السبب الرئيسي للقلق بشأن الأطفال النازحين».
حالة سوء التغذية الشديد الحاد التي تهدد الحياة تنتشر بين الأطفال الفارين من صعدة. وطبقاً لـ«دافين» فإن اليمن يعاني من مستويات مرتفعة جداً لسوء التغذية بين الأطفال. ويزداد قلق الـ«يونيسيف» من احتمال تفشي الكوليرا حيث يهيئ سوء الظروف الصحية والتكدس في المخيم أوضاعاً نموذجية للمرض الذي يمكن أن يكون فتاكاً.
وأضاف «لم يعتد سوى قليل من النازحين على الاغتسال بصفة منتظمة بسبب قلة المياه في اليمن، ولا يستخدم إلا قليل منهم المراحيض»، مفضلين حد قوله «ترك المخلفات في العراء».
غير أن أيمن مذكور مدير عام مستشفى حرض العام، والمدير السابق لمخيم المزرق 1، أكد أن الوضع الصحي في مخيمات النازحين مستقر، وأن فرقاً طبية متواجدة على مدار الساعة في المزرق 1 والمزرق 2.
وبخصوص سوء التغذية قال: أدخلنا برنامج معالجة سوء التغذية في رمضان، وحالات سوء التغذية منها الحاد والمتوسط والبسيط. موضحاً أن الفرق الطبية رصدت 554 حالة مصابة بسوء التغذية الحاد، أخضعت جميعها لبرنامج المعالجة. مؤكداً أن 300 حالة تعافت مطلع الشهر الجاري، فيما 254 تجاوزت المرحلة الحرجة، والآن تعاني من سوء التغذية البسيط.
ولفت مذكور إلى أن الأطفال النازحين ما دون الخامسة تم استهدافهم في حملة اللقاح ضد شلل الأطفال والحصبة.
مذكور الذي تحدث لـ«النداء» مساء الجمعة الماضية عبر الهاتف، نفى وجود حالات وفاة بسبب أمراض أو أوبئة تفشت داخل المخيمات، وقال: هناك 3 حالات وفاة لرجل مسن وطفلين، وكان سبب الوفاء أمراض مزمنة.
وكان السيد أبودو كاريمر ادجيباى ممثل اليونيسيف في اليمن، قال: «تزداد الحالة الإنسانية سوءاً يوماً عن يوم، ولا يستطيع آلاف الأطفال الوصول للمياه السليمة والطعام والصحة بالشكل الكافي». وأضاف أن «معدلات سوء التغذية آخذة في الارتفاع، ويواجه الأطفال تهديدات حقيقية على صحتهم وحياتهم».
ولا تزال وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في إغاثة نازحي صعدة، غير قادرة على الوصول إلى الأسر النازحة بسبب المعارك الدائرة وقطع الطرقات وخطوط الهاتف، فضلاً عن مئات الألغام المنتشرة في الطرقات بشكل عشوائي.
والأسبوع الماضي دعت الأمم المتحدة إلى «هدنة إنسانية» في اليمن، وطالبت بمبلغ 177 مليون دولار لمساعدة مليون و600 ألف شخص في وضع حرج في هذا البلد.
وقالت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية إليزابيث بيرز: «نحن في حاجة إلى هدنة إنسانية، وفي حاجة إلى ممرات إنسانية لإيصال المساعدات، ولتمكين المدنيين من الفرار من مناطق القتال».
وأضافت المتحدثة أن «الوضع في اليمن حرج وغير مستقر، فالوضع الإنساني يتدهور، وخاصة وضع 200 ألف نازح منذ 2004 بسبب النزاعات المتكررة، وخطورة الوضع الأمني». مشددة على وصول تام بلا عقبات إلى هؤلاء السكان: ورغم جهودنا لا يحصل على المساعدة سوى نصف النازحين، مطالبة بـ«وقف الهجمات على قوافل المساعدات الإنسانية».
ويعمل في مخيم النازحين العديد من فرق المنظمات الإنسانية أبرزها: مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومنظمة الغذاء العالمي، ومنظمة اليونيسيف، وأطباء بلا حدود، ومنظمة الإغاثة الإسلامية، والمنظمة السويدية للطفولة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وكانت المفوضية السامية كشفت في وقت سابق أن بعض النازحين اضطروا للسفر عبر طرقات جبلية وعرة ومحفوفة بالمخاطر، كما اضطرت النساء والأطفال والرضع للهروب عبر طرقات مزروعة بالألغام أحياناً، ومنهم من وصل إلى مخيم المزرق بعد عبور الصحراء مشياً ل5 أيام.
ونشرت وسائل إعلامية عن انتشار الأوبئة بعد 3 أسابيع من النزوح. وبحسب «نيوزيمن» فإن أغلب النازحين في مخيم المزرق يعانون من أمراض الإسهال وأمراض الجلد بسبب الازدحام داخل المخيمات، وأمراض الجهاز الهضمي وسوء التغذية لدى الأطفال، والتهاب الجهاز التنفسي.