نشكو الزمن أم أهله؟

نشكو هذا الزمن الذي حولناه من زمن ناصع البياض إلى زمن داكن بسواده المظلم حتى ضاع في ظلامه الكثير!
ألم تكن سلوكيات الكثير منا، صارت على غير عادتها، وتغيرت تغيرًا لا يمكن تصديقه أو قبوله إلا من خلال الأفعال التي تبين هذا التغير الواضح لهؤلاء الناس، فكانت النتائج سلبية ومؤدية للانحطاط الأخلاقي الأكثر إيلامًا.
تخلى الكثير منا عن آدميته المتصفة باللين والرأفة والرحمة ومساعدة المحتاج.
تلك الآدمية المستمدة من عروبتنا وإسلامنا وشريعتنا السمحاء،
فأصبحنا مع هذا التغير والتخلي الذي أصابنا بالقلة، نعيش مع حيوانات بشرية مفترسة وأكثر ظلمًا لبعضها البعض.
قل التعاون بيننا البين، وقلت معه مساعدة المحتاج، وظهر الفقر المدقع بقرونه الحادة التي ينطح بها هنا وهناك، دون تمييز منه بين من يستحق ومن لا يستحق النطح.
لنعطِ مثلًا من وقائع وشواهد حية، فمن ابتلاه الله بمرض في هذا الزمن الأغبر، فهو يواجه أكثر من مرضه، وهو ومن يقرب له بصلة يسيرون في حال يرثى لها.
فالأغلبية العظمى من هؤلاء يقفون عاجزين من مداواة أنفسهم، حتى إننا كما سمعنا بل رأينا بأم أعيننا، وبما لدينا من حواس، عن حالات مرضية يموت أصحابها بسبب عدم توفير العلاج المطلوب لها، أو عدم قدرة أصحابها للسفر بها للخارج من قلة ذات اليد، فيموتون قهرًا، ويتأذى ويتعب أهاليهم، وقد يصاب البعض منهم بالمرض بما واجهوه فترة مكوثهم بقرب مرضاهم الذين لم يقدروا على مساعدهم للنهوض من مرضهم.
قصص وحكايات مؤلمة نسمعها بكثرة في هذا الزمن عمن يبتليهم الله بالمرض.
أما من أتعبهم الزمن في توفير لقمة العيش الكريم لأبنائهم، فحدث ولا حرج، فهم أصبحوا السواد الأعظم والغالبية الكبرى في هذا الوطن الذي أراد ساسته أن يكون كسيحًا ومترهلًا، وهو يفترض أن يكون عكس ذلك تمامًا، وأن يكون سكانه في حال أفضل مما هم فيه.
وطن تتقاذفه أمواج الطامعين ممن عرفوا وبسهولة متناهية كيف يصطادون ساسته الواحد تلو الآخر.
وهكذا مع النطيحة والمتردية، سار الحال الذي لا يسر إلا الأعداء.