اللجنة الفنية أصدرت تقريراً، والحلول غائبة.. وبداية انفراط عقد لكارثة مستقبلية وشيكة: السكن عند حافة الانهيار في عدن

* المواطنون يفضلون الموت داخلها بعد انعدام الثقة بالدولة
 
عدن - مرزوق ياسين
تصاب أسرة محمد حسين القاطنة في عمارة شمسان بالمعلا بالذعر كلما مرت شاحنة خلف العمارة الايلة إلى للسقوط ضمن عدة عمائر أخرى، ذات العمارة التي سكن فيها المناضل الوحدوي المرحوم عمر الجاوي ونقل منها في العام 1974م عندما بدت بوادر التصدع فيها وعلامات الخطر ومن ذات الوقت إلى اليوم والخطورة تزداد منذرة بكارثة إنسانية محققة إذ لم يتحرك ساكن في قضية بدت تلوح بالخروج عن الجاهزية للتجمعات السكنية القائمة في شارع مدرم المعروف بالشارع الرئيسي بالمعلا.. السلطة المحلية بعدن يبدو أنها ستعتبر الضحايا شهداء وستقوم بتوفير الخيام وإصدار بيانات النعي لإسقاط الواجب فيما هي لم تحرك ساكناً في الوقت الراهن.
تقرير اللجنة الفنية التي تشكلت بقرار من المحافظ في العام 2006م إلى الوقت الراهن لم يتم التحرك بموجب لتقرير الذي أصدرته اللجنة الفنية المشكلة من نخبة مهندسين في نقابة المهندسين والجامعة لمعاينة وضع العمارات في مديريات صيرة والمعلا والتواهي وواجه فريق اللجنة حسب ما أكده المهندس/ البصري نقيب المهندسين عدة صعوبات موضحا أن التقرير أولي وليس نهائياً لأنه تطرق فقط إلى سبع عمارات ولم يتطرق إلى الوضع العام للعمارات التي تم تأميمها وبنيت منذ مطلع الخمسينيات وأوائل الستينات وانتهى عمرها الافتراضي.
يقول المهندس/ عبدالرحمن حسين البصري رئيس اللجنة الفنية المكلفة بمعاينة العمارات في كل من التواهي والمعلا وصيرة أن عدداً من العمارات التي تم معينتها من قبل فريق اللجنة إرتفاع مياه المجاري على أساساتها وبدروماتها ويصل إلى متر وأن شبكة المجاري منتهية كما هو حال تمديدات المياه وزاد مضيفاً أن جهات عدة في مؤسسة المياه ومؤسسة الكهرباء والصرف الصحي أبدت استعدادها لوضع حلول كما أن قيادة المحافظة أثناء تشكيل اللجنة كانت عازمة على إيجاد حلول وتدخل في تدارك الوضع لكن هذا لم يتم حتى الآن.
التقرير الأولى لمعاينة العمارات المتهالكة تضمن أنه تم النزول إلميداني إلى مديرية المعلا والتواهي في تاريخ / 7/6/2006م إلى كلا من عمارات اليمنية، شولق، باثواب، شمسان ولوحظ تراكم القمامات بكميات كبيرة خلف العمارات بالإضافة إلى طفح مياه المجاري في بدرومات العمارة وتسرب في المواسير الخلفية وعدم صلاحيتها وأن المجاري والقمامة أعاقت أعضاء اللجنة بشكل كبير ولم يتمكنوا من التوغل داخل العمارات التي يقطنها- وما زال- مواطنون والتعرف عن قرب على نوعية التشققات في الجدارن والهياكل الانشائية وبالرغم من ذلك كما جاء في التقرير أن اللجنة واصلت أعمالها وتم التقاط بعض الصور للتشققات وأكوام القمامة وطفح المجاري والتشققات العميقة في الهياكل الإنشائية وتآكل الغطاءات الخرسانية في الأسقف والأرضيات...التقرير حذر من انهيار العمارات في أي لحظة وبدورها اللجنة وضعت ستة اعتبارات- كما جاء في التقرير- كإجراء إسعافي يتم اتخاذه بما فيه إصلاح مواسير المياه والمجاري وتأهيل المناهل وحمامات الشقق التي يتسرب منها الماء إلى مداميك العمارات على أن تلحقها دراسات دقيقة فنية لقوة الخرسانات وتوزيع الأحمال وصلاحيات حديد التسليح وهل بالإمكان الترميم أو الهدم وهي الأمور التي توقفت عندها أعمال اللجنة ولم يتم إعقابها بتحركات ليظل الخطر قائماً ومهدداً بالانهيار بأي لحظة.
العمارات السكنية التي تم تأميمها والتي تم بناؤها إبان فترة الاستعمار البريطاني في الخمسينات والستينات بعد أعمال ردميات في ساحل المعلا بدت بشكل عام مهددة الآن سيما تأثيرات الملوحة والرطوبة وانتهاء عمرها الافتراضي والذي حددته مصادر هندسية بثلاثة وثلاثين عاماً في هكذا ضروف، فعلى عكس ما كان في السابق لم يعد الآن إسكان والدولة الأم انتهت وتخلت الآن عن مسؤوليتها في هذا الجانب وحد مصادر في السلطة المحلية بعدن فإن عقلية صنعاء لم تستوعب خصوصيات المحافظة ووضعها المعقد في مسألة الترميم وتدارك المشكلة فصناع القرار حد تأكيد المصادر لا تبدي أي اهتمام، أي أكتراث وماذا سيؤول إليه الوضع مستقبلاً سيما والعمارات مترابطة وخروج هذه العمارات المشار إليها في التقرير بداية انفراط عقد لكارثة مستقبلية.
بعيداً عن أوراق التقارير التي ركزت على هذه العمارات فقط ولم تتناول الوضع العام الصورة تبدو أكثر قتامة على أرض الواقع. حسن يعمل في احد البقالات في المعلا قال إنه شاهد أمس سقوط كتلة أسمنتية كبيرة من بلكونات الدور الرابع، موضحاً: ستر الله ما كانش في احد بالشارع. ليس هذا فقط فالمتأمل لخلفيات معظ العمارات بشكل عام سيصاب بالذهول، تآكل لأنابيب المجاري يكاد يكون عاماً في كافة العمارات وانعدام للنظافة في الخلف فالواجهة الأمامية حد تأكيد عديد مواطنين تطلى بالدهانات أيام المناسبات ويظل الخلف يخفي كوارث.
يقول / محمد أحمد حسين 25 عاماً أحد سكان عمارة شمسان بالمعلا: كلما مرت سيارة خلف العمارة يهتز المنزل وكل من فيه ويضيف لجأنا إلى إغلاق الخط تخوفاً من سقوط العمارة.. مضيفاً: جاءت إلينا لجنة منذ أعوام ولم يتم إيجاد حلول حتى الآن.
تسعون مواطناً يقطنون عمارة شمسان وأعداد مقاربة في العمارات الأخرى السبع المشمولة بالتقرير، كما وغيرها في ذات الشارع الذي يتم الإسراف في تصويره وعرضه عبر التلفاز ولم يتم حتى النظر إلى أحوال ساكنيه والكارثة التي تنتظرهم، فسكان العمارات حد تأكيداتهم لم يعودوا يثقون بالجهات الرسمية مفضلين الموت داخل الشقق التي هي على مشارف الانهيار.
يقول عاقل الحارة / أحمد ألميسري 60 عاماً لم نعد نثق بأحد في كل انتخاب يقولون لنا سنرمم لكم مبانيكم وكالعادة يتكرر السيناريو بعد الانتخاب ويضيف الرجل الستيني نحن ننتظر الموت في أي لحظة ولا يوجد حتى مجرد نظرة إنسانية لنا، نتحرك بحذر في شققنا والشقوق لم تعد صغيرة أصبحت أشعة الشمس تتسرب منها.. يأخذ نفساً عميقاً ممزوجاً بالمرارة ثم يطلق زفرة تنم عن تذمر واستياء: كان قدم إلينا فاعل خير يا ابني لترميم العمارة التي تتكون من عشر شقق موزعة على خمسة أدوار لكن منعوه في المحافظة وطلبوا منه تسليم الفلوس لهم.. مؤكداً أن المبلغ الذي قدمه فاعل الخير- تحفظ على اسمه- خمسون مليون: يريدون أن يأكلوا على حساب حياتنا.
مخاوف خروج السكان حد تأكيدات عضو المجلس المحلي / نائل كليب رئيس لجنة التخطيط تنصب في الثغرة القانونية والتي في حالة الهدم ستعيد الأرض لملاكها الأصليين الذي تم مصادرتها عليهم أثناء التأميم يقول نائل: إن القضية مطروحة منذ فترة ونتيجة الخرق القانوني ظلت على ما هي عليه وفيما أكد سكان العمارات تساهل السلطة المحلية في المحافظة وسلبيات موقفها نفى ذلك قائلاً أن سلطته قدمت اقتراحاً مبدئياً في تسهيل قروض تتحمل نصف التكاليف والباقي يدفعها المواطن الأمر الذي أعتبره المواطنون كارثة عليهم سيتكبدونها وأن معظمهم يعيشون فقط على الراتب، وعن تحمل الدولة لإعادة البناء والترميم قال: نائل الجهات المعنية في الدولة تنظر إلى (الملك ملكك) وغير مستوعبة المشكلة.
مدير بلدية المعلا سابقاً/ المهندس عصام عبد القادر- مدير مكتب التخطيط في مكتب الإنشاءات حالياً أكد أن المشكلة كبيرة وفي تفاقم في العمارات بشكل عام بأنها بنيت في منطقة ردم بشكل مترابط مؤكداً أن ما تبقى من عمر معظمها فقط عشرون عاماً على أكثر تقدير وأضاف: تلك العمارات بنيت بشكل تجاري وسقوفها من مادة (الهوردي) وهيكلها خرساني وقال: في إطار إيجاد حلول في الوضع الراهن ينبغي إيجاد تعويض عادل لأصحاب الأرضي التي بنيت عليها ومن ثم تقديم اقتراح بعروض استثمارية لبناء عمارات كبيرة تصل إلى عشرة أدوار وإيجاد مساكن مؤقتة تتحمل نفقات إيجارها الدولة وقال: لم يعد هناك وزارة للإسكان، ثمة ضرورة تنظيم المسؤوليات داخل العمارات وأن مشاكل الساكنين أحياناً كثيرة وطالب السكان بإيجاد جمعيات فيما بينهم داخل العمارات والمحافظة على الوضع الداخلي للعمارات.
ختاماً يمكن القول إن عمارات التقرير نموذج يمكن القياس عليه والاستدلال به على التجمعات السكانية المختلفة في المعلا والتواهي وكريتر والشيخ عثمان والتي تم تأميمها بعد عقود تنتظرها مخاطر مؤكده في ظل غياب الاهتمام وايجاد الحلول وغض الطرف والتجاهل لتبقى ملفاً مفتوحاً سيفرض نفسه بكل تأكيد في المستقبل