رئيس جمعية الإخاء للتنمية والسلم بشبوة ينصح مشائخ اليمن بتجنيب ابناءهم ويلات الثأر.. والرياح وحدها ترتاد مدارس الجوف

رئيس جمعية الإخاء للتنمية والسلم الأهلي في محافظة شبوة لـ"النداء": جمعيتنا في أطوارها الأولى.. والبدايات تبشر بخير
* الثأر مشكلة عميقة يعاني منها المجتمع ومشروع التوعية بمخاطر النزاع على التعليم بوابتنا نحو الإخاء والمحبة والسلام
* علاقتنا بالمعهد الديمقراطي علاقة شراكة.. ونشكر السلطة المحلية بالمحافظة على تعاونها
 
 حوار: شفيع محمد العبد
شركاء مشروع التوعية بمخاطر النزاع على التعليم يجتهدون هذه الأيام ويسابقون الوقت بهدف الانطلاقة صوب آفاق جديدة تهدف إلى جعل مناطق التعليم مساحات بيضاء، وبلغة القبيلي "مُهجّرة"، خالية من النزاع والثأر.
"جمعية الإخاء للتنمية والسلم الأهلي" بمحافظة شبوة أحد الشركاء، إضافة للمعهد الديمقراطي وجمعيتي "المستقبلـ" و"السلام" بمأرب والجوف، إضافة لصحيفة "النداء" وموقع "مأرب برس".
وللوقوف على الخطوات التي تمت في شبوة وكيفية تأسيس الجمعية وعلاقاتها بالآخرين وأهدافها وطموحاتها وأبرز الصعوبات التي تعوق عملها، كان لنا هذا اللقاء برئيس الجمعية، احمد حسين طلان الحارثي. وقد خرجنا بالحوار التالي:
> ما هي خلفية تأسيس الجمعية؟
- نشأت فكرة تأسيس الجمعية من حقيقة الصعوبات التي رافقت سير عمل المنظمة اليمنية للتنمية والسلم الاجتماعي التي كونها عدد من الأشخاص المهتمين بالسلم الاجتماعي في مأرب وشبوة والجوف. وهي امتداد طبيعي لنشاط بعض الأشخاص الذين كانوا يمثلون شبوة في تلك المنظمة. كما أن الاهتمام بجانب التنمية الاجتماعية في إطار العمل الخيري التطوعي كان دافعا لنا في هذا الاتجاه، نظرا لشعورنا بوجود القصور والفراغ في هذا الجانب والذي نأمل أن تكون هذه الجمعية اللبنة الأولى في سد هذه الثغرة الهامة في حياة المجتمع.
> كيف كانت الخطوات الأولى للتأسيس؟
- بعد تداول الفكرة وتمحيصها تم تشكيل لجنة تحضيرية، ثم قامت بإعداد مشروع النظام الأساسي، ثم متابعة الجهات المعنية في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة للحصول على الأدلة والأدبيات المنظمة للأعمال التحضيرية. وبعد استكمال النصاب العددي المطلوب للمؤسسين تم تسليم الوثائق للمكتب والذي بدوره أشرف على الاجتماع التأسيسي للجمعية حتى تم انتخاب الهيئة الإدارية ولجنة الرقابة ثم إصدار التصريح وفق نصوص القانون ولائحته التنفيذية.
ولا يفوتنا أن نقدم شكرنا وتقديرنا للإخوة في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل لتعاونهم معنا بإنجاز متطلبات التأسيس. ونأمل أن تستمر جهودهم لدعم هذه الجمعية. كما لا يفوتنا أن نشكر الأستاذ عبد الحكيم العفيري على ما قدمه من جهد في إنجاز مشروع النظام الأساسي للجمعية. كما نشكر كل من تعاون معنا في هذا المضمار.
> ما هي أهداف الجمعية؟
- للجمعية أربعة أهداف حددها النظام الأساسي، وهي: دعم جهود الدولة والمجتمع في حل النزاعات المختلفة، إيجاد فرص لتوسيع وتعزيز مشاركة مختلف شرائح المجتمع من الرجال والنساء والشباب في جهود حل النزاعات وتحقيق التنمية وتعزيز الوعي الديمقراطي، المساهمة في نشر الوعي المناهض لثقافة العنف والصراع والثارات المختلفة وإشاعة روح الأخوة والسلم والتضامن والعيش المشترك، ومساندة الجهود والمبادرات الرسمية والشعبية وجهود المنظمات والمؤسسات الدولية التي لديها برامج دعم تنموي وديمقراطي على المستوى المحلي.
> هل تمكنتم خلال هذه الفترة من إيجاد علاقات للجمعية مع منظمات أو جمعيات أخرى؟
- على ضوء العلاقة التي جمعت بين الأفراد في إطار المنظمة اليمنية للتنمية والسلم الاجتماعي، فقد تطورت علاقة الجمعية مع جمعية المستقبل للتنمية والسلم الاجتماعي بمحافظة مأرب وجمعية السلام والتنمية بمحافظة الجوف، وهناك تنسيق متبادل ولدينا طموح في تنظيم شبكة تربط هذه الجمعيات من أجل التكامل والتعاون في كافة المجالات.
> حدثنا عن طبيعة علاقتكم بالمعهد الديمقراطي من جهة، وعلاقتكم بالسلطة المحلية بالمحافظة من جهة أخرى!
- تربط الجمعية بالمعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية علاقة طيبة من خلال تعاونه معها في إطار برنامج "إدارة النزاعات بالمعهد" والذي تولى إعداد دراسة ميدانية عن النزاعات في شبوة ومأرب والجوف، وهذا العمل كان بداية التعاون في الإطار العملي مع منظمات المجتمع المدني في هذه المحافظات، من خلال تنسيق الجهود العملية أثناء إعداد هذه الدراسة والتي كانت سببا أساسيا في تفهم المعهد للوضع في المحافظات الثلاث بحيث تشكلت القناعة التامة لدى إدارة المعهد بضرورة التعاون مع هذه المحافظات لتجاوز مآسي النزاعات ولفت أنظار الجهات المانحة إلى تركيز الجهد التنموي فيها باعتبار أن تخلف التنمية السبب الرئيسي لنشوب النزاعات والصراعات، ومن ثم وصولها إلى مرحلة خطيرة تكون محصلتها النهائية قتلا وتدميرا يضر بالإنسان.
وفيما يخص الشق الثاني من السؤال فقد حصلنا على تعاون وترحاب السلطة المحلية في المحافظة ممثلة بمحافظ المحافظة الأخ محمد الرويشان، حيث التقينا به بحضور بعض أعضاء الهيئة الإدارية للمجلس المحلي ومدير التربية والتعليم بالمحافظة، وعرضنا عليهم المشروع الذي ستنفذه الجمعية بالتعاون مع برنامج إدارة النزاعات في المعهد الديمقراطي والمتعلق بالتوعية بمخاطر النزاعات على العملية التعليمية. كما وجه المحافظ إلى عمداء كليتي التربية والنفط والمعادن بالتعاون مع الجمعية في مشروع التوعية، وهذا يدل على تفهم السلطة المحلية لدور الجمعيات الأهلية في مؤازرة السلطة فيما يتعلق برفع المعاناة عن كاهل المجتمع. ونحن ما زلنا في البداية والتي هي مشجعة إلى حد كبير.
> حدثنا عن مشروع التوعية بمخاطر النزاعات على العملية التعليمية!
- في إطار التعاون والتنسيق مع المعهد الديمقراطي وضمن برنامجه "إدارة النزاعات" تم الاتفاق على اختيار هذا المشروع والذي يتكون من عدد من الأنشطة التوعوية في إطار المجتمع، وبالتالي توجيه كافة الجهود الرسمية والشعبية نحو تحقيق سلامة العملية التعليمية من كافة أسباب النزاعات وجعلها مساحة بيضاء تتسع للجميع وهذا يحتاج إلى تضافر جهود الجميع والتي من خلالها نأمل تحقيق نتائج طيبة مع أن عامل الوقت جزء من الحل ومساحة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
> ألا تلاحظ أن جهودكم لن تثمر دون وجود تعاون محلي؟
- بكل تأكيد، فاليد الواحدة لا تصفق، ونحن نعلق آمالا كبيرة بعد معونة الله عز وجل على جهود الجميع، ودورنا الأساسي يكمن في السعي الحثيث إلى تنسيق هذه الجهود وتوجيهها في هذا الاتجاه. وبالمناسبة نتوجه بالدعوة إلى كل المحبين للخير أن يساعدونا بما لديهم سواء الدعم المادي أو المعنوي فكلها جهود تنفع بإذن الله.
> مشايخ القبائل باعتبارهم مفتاح الحلول للنزاعات، كيف ستكون علاقتكم في الجمعية بهم؟
- المشايخ هم جزء من قادة الرأي في المجتمع وتأثيرهم ملموس في تحريك من دونهم من الأفراد، ومكانتهم عالية في الأوساط الشعبية والرسمية، وهذا يستدعي التعامل معهم بجدية ومصداقية في تبني توجيه الأفراد الوجهة الصحيحة وعدم الزج بهم في النزاعات والمشاكل، لأن الجميع ونحن حريصون كل الحرص على رفع مستوى الوعي بمخاطر النزاعات على المجتمع في كل مناحي الحياة، كما أننا حريصون على إشراك الكل في استشعار المسؤولية تجاه هذه المعضلة.
> لماذا وقع اختياركم على موضوع تهجير التعليم، بينما الثأر لا تقتصر آثاره على التعليم، وإنما تتعداه إلى أمور أخرى، لعل أخطرها انتهاك الحق في الحياة؟
- التعليم أساس النهضة الحضارية وهو مفتاح التقدم، وكما قال الناظم:
 العلم يبني بيوتاً لا أساس لها
والجهل يهدم بيوت العز والشرف
 من هنا كان الاختيار هذا من جانب. ومن جانب آخر فإنه حيثما استطعت الدخول والتأثير فأنت تقلص حجم النزاعات وسيزيد من حجم المساحة التي تتسع للجميع في ظل المحبة والوئام والإخاء، وهذا ما نهدف للوصول إليه إن شاء الله.
> هل لدى الجمعية طموحات ومشاريع مستقبلية في مجال حل النزاعات؟
- بنظرة سريعة إلى أدبيات الجمعية ستجد مستوى التعبير عن هذه الطموحات وعلى رأسها رؤية الجمعية وغايتها وشعارها. وفي هذا الاتجاه تبذل الجمعية جهود في تسويق عدد من المشاريع التوعوية منها ما هو في مراحله النهائية ومنها ما هو قيد الدراسة والتسويق.
> جمعيتكم تعمل على شقين: التنمية، والسلم الأهلي؛ ما هي جهودكم على مسار التنمية؟
- التنمية تعني إحداث نقلة نوعية في حياة المجتمع. وأنت تعرف الواقع الذي تعيشه البلاد، ونظرة الناس للتنمية قاصرة من حيث فهم الواجبات المناطة بالمجتمع والدولة، لأن الإنسان هدف التنمية وهو وسيلتها في نفس الوقت، فإذا أدرك الجميع هذا الأمر وكل منا نهض بواجبه سوف تتحقق التنمية بمعدلات عالية إن شاء الله. وأما الاتكالية والتسويف فلن تحقق شيئا. ونحن نحاول السير في طريق حل ما نستطيع من الصعوبات من خلال تنسيق الجهود الرامية إلى تطوير البنية الأساسية للتنمية..
> حدثنا أكثر عن الصعوبات التي تعانيها الجمعية!
- أبرز الصعوبات عدم وجود المال، باعتباره عصب الحياة، وهذا يجعلنا نفكر كثيراً في ماذا سنعمل في ظل زيادة التكاليف والأعباء التي يعاني منها المجتمع بشكل عام، ونحن ما زلنا في البداية والتي غالباً ما تكون منطقة حشد الصعوبات والمعوقات. وإن شاء الله نغادر هذه المنطقة.
> حدثنا عن ظاهرة الثأر في شبوة، وأضرارها على السلم والتنمية في المحافظة؟
- الثأر مشكلة عميقة يعاني منها المجتمع اليمني بأسره، وشبوة بشكل خاص بحكم التعقيدات القبلية واختلاف أنماط الحياة فيها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن ضعف دور الدولة يعد سببا أساسيا في تعميق هذه الظاهرة في بعض مناطق المحافظة، مع أن معطيات الواقع تؤكد رغبة الناس في تدخل الدولة لحل قضايا القتل، كما أن هناك الكثير من أولياء الدم يرغبون في تطبيق القصاص الشرعي. وبالجملة فإن الثار غالباً ما يحدث بسبب عدم التدخل لحل النزاعات قبل استفحالها وبلوغها المرحلة الدموية. وفي كل الأحوال فإن خطر الثار عظيم على الفرد والمجتمع، ففي ظله تنعدم مقومات الأمن والاستقرار وتضعف التنمية وتتأثر الحياة العامة وتزهق أحيانا أرواح بريئة لا صلة لها بالمشكلة إطلاقا.
> ما هي نصيحتك للقبائل التي تحتكم في خلافاتها للغة العنف والتعصب؟
- أنصح نفسي أولا ثم آبائي وإخواني المشايخ والأعيان وكافة أفراد المجتمع على مختلف شرائحهم الاجتماعي، بتقوى الله عز وجل، ثم بتحكيم العقل والضمير وإعمال الفكر قبل الإقدام على أي عمل من شأنه تقويض السلم الأهلي، وأن ننمي بدواخلنا روح المحبة والإخاء والتعاون على البر والتقوى وترك التعاون على الإثم والعدوان؛ حتى يرحمنا سبحانه وتعالى، وأن نتقرب إليه بصالح الأعمال، ليرتفع عنا المقت والغضب وشدة المؤونة، وأن يحاول كل منا ألاَّ يكون معول هدم في جدار الألفة والمحبة، وألاَّ يكون سبباً في إيقاظ الفتنة، فتحل اللعنة والطرد من رحمة الله.
 
 
***
 

مدارس الجوف وبنادقها
 
 
الجوف: مبخوت محمد - صنعاء: علي الضبيبي

لا يمر في الجوف عام دراسي واحد دون أن تتلقى المدارس نصيبها من الضربات الموجعة.
قبل 3 أسابيع طافت «النداء» بين بعض قبائل الجوف المتناحرة، وأخذت تتلمس أحوال المدارس هناك. لقد بدا المشهد محزناً للغاية. إنه الأنين إذ يتسرب من كل ربع.
في أقصى شمال شرق المحافظة وعلى بعد 170كم من مركزها، تتمدد مديريتا «خب» و«الشعف» على محيط رمال غبراء وحارقة. وهناك يسكب الناس أرواحهم ببسالة.
عندما انفجرت الحرب بين قبيلتي «المرازيق» و«آل صيدة» مطلع العام 2005 لم تكن مدرسة «المرازيق» قد بلغت العشرين من عمرها كانت لا تزال في الخامسة عشرة، ومؤلفة من 3 فصول حجرية صممت سنة 1989. والمحزن أنه لم تعد سوى الريح ترتاد فصولها، أما الطلاب والمعلمون فقد حال الموت دونهم والرصاص. هم تركوها منذ اندلعت الحرب قبل 3 سنوات. لقد خسرت كل شيء حتى أبوابها ونوافذها.
لا يسمح الآباء لأبنائهم بالذهاب، خشية أن يحصدهم الرصاص. ولقد حاولت «النداء» أن تقابل أيٍاً من طلابها الذين لا يتجاوزون الخمسين. لم يكن الأمر ميسراً، بسبب حساسية الحرب. وحين ظفرت ببعضهم كان نفر من الشباب المسالمين يأخذون مواقعهم زيادةً في التأكد.
جابر مرشد، طالب في الصف الثامن، كان يتحدث إلى «النداء» عن مدرسته بشيء من القهر. وقال إن معلميه الذين جاءوا من خارج المحافظة غادروها بسبب الظروف الأمنية «وحتى لا يروحوا في هجوم».
ليس البنين وحدهم من كانوا يجيئون للدراسة، كان هناك أيضاً طالبات. كيف لا وليس بينها والبيوت سوى 500 متر تقريباً.
هذه المدرسة جاءت على أنقاض مدرسة قبلها دمرتها الحرب أيضاً، وليس بين المدرستين سوى 3 أمتار تقريباً!
لم يعد باقيا من الأولى سوى جدران قديمة وزوايا تتلاحق بداخلها الأغنام والكباش.
الحرب، الثأر، والنزاع، ثلاثي لا يلحق الضرر بطرف دون آخر. إنه يقصف الحياة بكل معالمها، ويلحق بالتنمية أضراراً تفوق الوصف. لم يعد هناك قبيلة خاسرة وأخرى رابحة، فالمشاريع الخدمية بكل مسمياتها تنتهي وتدمر، فضلاً عن النفوس التي تزهق والحركة التي تبدو دائخة أمام الموت.
لقد تكبدت هاتان القبيلتان خسائر بشرية ومادية فادحة. ففي ظرف 3 ساعات خسرت القبيلتان ما يزيد عن 59 شخصاً بين قتيل وجريح. ناهيك عن نتائجها الكارثية على الأسر والبيوت والحياة بمختلف جوانبها.
الحال نفسها في مدرسة «الأقران» من «آل صيدة». مدرسة من الطين تتكون من 3 فصول دراسية تبدو خالية ومنزوعة الحياة. يقول أحمد علي مرضي، 30 عاماً، وهو أحد معاقي الحرب: «لقد كانت المدرسة مليئة بالطلاب والمدرسين السودانيين، واليوم لا أحد يدخلها». كان قوام هذه المدرسة 60 طالباً، بنين وبنات. اليوم لم يعد أحد منهم يتعلم. بل وأفادت «النداء» مصادر خاصة بأنه تم تنزيل أسمائهم من كشوفات قوة المركز التعليمي.
التحق «عبد الغني» بالمدرسة قبل نشوب الحرب بثلاث سنوات. وحين انتقل إلى الصف الثالث الأساسي كان عليه أن يتوقف، بسبب الحرب والنزاع «وانعدام المعلمين». إنه الآن يمارس التجارة على طريقته.
إنه يكابد بجسمه الغض حياة قاسية: يشتري بسكويتات ومشروبات وحبوب بارامول ويبيعها لزبائنه ديناً حتى يوم الثلاثاء من كل أسبوع (يوم السوق) ويتقاضاها.
يتملك طلاب القبيلتين شعور جامح نحو المدرسة؛ «ولكن كيف...؟!» يقول أحدهم. علي صالح مرضي، لم يتجاوز الثانية عشرة، قال لـ«النداء» إنه حزين لعدم تمكنه من الدراسة ومواصلة التعليم، ومع ذلك لم يفترسه اليأس: «ما زلت أطمح!» أكد ذلك.
 عن هذه المدرسة تبعد أخرى حوالىَ 22كم وتبدو أيضاً منهكة. إنها مدرسة «الستية» وتتكون من 3 فصول مع المرافق، لكن لا يبدو أن ثمة طلاباً يرتادونها.
وقد أفاد الطالب علي صالح شرتيان بأن أحداً لم يأت للدراسة بسبب المشاكل، وأنها مهجورة بعد أن تركها المعلمون وغادروا المنطقة.
 وأضاف أن المعلم الذي كان يداوم في هذه المدرسة اعتذر بشدة ورحل، لأسباب نفسية، وقال إنه لن يستطيع أن يواصل التدريس، لأن السوق بعيد عنه «مع أنه كان يأكل ويشرب معنا» يقول علي. عدد الطلاب والطالبات المسجلين في هذه المدرسة حوالىَ 40 تقريباً.
إنهم الآن يمارسون هواية الرسم والتعبير على واجهة جدران مدرستهم المكلومة.
تفرض الظروف الأمنية على الطلاب حمل السلاح حتى غدت البندقية جزءاً من هوية الطالب. كان الطالب عبدالواحد شحيط يتحدث لـ«النداء» وبندقيته على كتفه وقال إنه هكذا للعام الثالث على التوالي . وأضاف، وهو من «المرازيق»، أنه يمضي سنته الثالثة في الصف الثالث الثانوي، إذ لم تكن الظروف مواتية للوصول إلى مركز الامتحان، البعيد حوالىَ 50كم وفي المنطقة التي يقطنها «آل صيدة». ومثله محمد احمد، 15 عاماً، لم يتمكن. وهذا الأخير داهمه سوء الحظ وهو في الثامن أساسي. وقال للصحيفة إنه توَّاق للدراسة ولكن الظروف تحول دونها.