ياسر العواضي: «على المجلس أن يدعم الحكومة في تحميل مسؤوليتها». وعشال: «على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها عن إطلاق الرصاص وعشوائية الاعتقال».. الجلسة التي حضرها وزير الداخلية بلا صوت

ياسر العواضي: «على المجلس أن يدعم الحكومة في تحميل مسؤوليتها». وعشال: «على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها عن إطلاق الرصاص وعشوائية الاعتقال».. الجلسة التي حضرها وزير الداخلية بلا صوت

- علي الضبيبي
توافد أعضاء البرلمان في جلسة الاثنين إلى قاعة المجلس بشكل لافت. وفي الحادية عشرة إلاَّ ربعاً وصل نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية وأخذ طريقه إلى المنصة يصافح زعماءها الأربعة واحداً واحداً بدءاً من اليسار.
أخذ رشاد العليمي مكانه في الصف الأول والمعركة محتدمة بين البركاني وبافضل. لقد استمر السجال والتلاسن بينهما طويلاً دون أن يتدخل الوزير لفض الإشتباك.
كان الوزير يبدو متوعكاً. وكان مزاج رئيس المجلس غير رائق لمناقشة أحداث الشغب. لقد وزع الراعي الكلام بين البركاني وبافضل بالتساوي وأدار المباراة بصدر رحب. لكأنه يفضل أن يبقى النقاش في هذه الزاوية: قضية مستمثر خليجي امتنعت وزارة التجارة عن منحه الترخيص كما يقول بافضل.
لقد تنبه 4 من نواب الصف الأوسط الأخير لمسار الجلسة.. وأخذ بعضهم ينظر إلى ساعته والبعض رفعوا أيديهم لنقطة نظام. لكن الراعي تنبه لهم وأطلق صفارة نهاية المباراة مؤذناً للوزير أن يقدم ما لديه للمجلس. وكان رئيس المجلس قد طرح الموضوع على النواب: بين أن تكون الجلسة علنية. «أو نقول للصحفيين الله.. يفتح عليكم». والملاحظ أن الغالبية كانت تفضل أن تبقى الصحافة. وكان سلطان البركاني مع هذا الرأي وعدد من النواب (حاكم ومعارضة). بالنسبة لياسر العواضي الذي يجلس تحت شرفة الإعلام دوماً كان صوته يرتفع إلى الشرفة وهو يصيح بأن لا تكون الجلسة إلاَّ مغلقة. كان الراعي قد خضع لرأي الأغلبية التي تفضل بقاء الصحفيين، ولكن وحين تسلم وزير الداخلية الميكرفون وآمال رأسه إليه أو مأله إيماءة جعلته يتراجع عن قراره ويطلب من القاعة إعادة التصويت، مبدياً رأيه: «يخرج الصحفيين ونخليها جلسة مغلقة نتصارح ونتدارس أمورنا براحتنا.. كل واحد يقول اللي يشتي».
أخذ الراعي التصويت وطلب من الإعلام مغادرة المجلس. كان يشير لهم بيده قائلاً: «يالله ياالله.. ياالله يا الله مع السلامة». لكن وهو يفعل ذلك كان الضجيج يرتفع والأصوات تعلو وتعترض، وقد اضطر الراعي أن يرفع الجلسة للتشاور بين هيئة الرئاسة لعشر دقائق.
في كل الأحوال خرجت الصحافة إلى الساحة وبقي الصحفيون في الشمس ينتظرون الرد أو ما قاله الوزير.
بعد نصف ساعة تقريباً غادرت الداخلية قاعة المجلس، وتدفق النواب خارجين، وخاطب سلطان البركاني الصحفيين: «قولوا إن الوزير لم يأت بجديد وأن صوته كان شاحباً». ورغم أن وزير الداخلية قد خرج و النواب قد شرعوا في نقاش موضوع آخر إلاَّ أن الباب ظل مغلقاً في وجه الصحفيين.
وحسب نواب فإن العليمي لم يأتي بجديد يستحق الذكر. لكن ياسر العواضي وعلي عشال أكدا أن ثمة شيئاً مهما قاله وزير الداخلية. أفاد الأول بأنه جاء بمعلومات مهمة «يجب أن يحاط بها المجلس». وقال الآخر إن الوزير اعترف ضمنياً أن حالة البطالة والفقر وتدني المستوى المعيشي «دفعت هؤلاء الشباب إلى الخروج بحركة عنيفة».
وإذ حمَّل النائب المعارض علي عشال الحكومة مسؤولية «الإعتقالات غير القانونية وإطلاق الرصاص الحي على المواطنين في الضالع وردفان»، حمَّلها الآخر وهو نائب رئيس كتلة الحزب الحاكم مسؤولية التقصير في عملها «وأن تقف ضد الفوضى ومثيري الشغب». وقال إن إجراءتها قانونية «طالما وهناك من يخل باستقرار البلد».
وهاجم عشال الحكومة لرفضها قبول المجندين من الشباب الذين يعيشون حالة بطالة وفراغ. ووصف ذلك التصرف ب «غير المسؤول وبالأداءات الحكومية السيئة». وقال إن هناك أخطاء ترتكبها الحكومة «من شأنها أن تمد ما يحصل بأسباب البقاء»، معتبراً هذه التداعيات إحدى نتائج «تلك الأداءات».
وإذ دعا ياسر العواضي أعضاء البرلمان إلى أن يشدوا على يد الحكومة باتخاذ إجراءاتها وقال: «أنا مع الضبط القانوني ومع الاعتقالات القانونية وأي اعتقال خارج القانون أنا ضده»، قال عشال: «أنا مع حرية التعبير عن الاحتجاج سلمياً، وضد أن تواجه الحكومة المحتجين بالرصاص الحي» داعياً المجلس إلى «أن يقف أمام هذا الأمر الخطير بمسؤولية وبصورة جادة». واستغرب عشال، أن تلجأ الحكومة للرصاص «حتى وان حدثت أعمال شغب فحكومات العالم، كما يقول، «تستخدم وسائل أخرى لتفريق المتظاهرين والجموع الغاضبة»، وتساءل: «أين مسيل الدموع مثلاً أو الماء الساخن، أو الرصاص المطاطي...». «حكومة المؤتمر لا تفرق بين المظاهرة السلمية والمواجهة العسكرية» قال عشال.
وكانت جلسات السبت والأحد والإثنين قد بدأت باعتراضات عيدروس النقيب رئيس كتلة الاشتراكي على الاعتقالات العشوائية التي نفذتها الحكومة ضد ناشطين سياسيين. وقال النقيب في جلسة الإثنين: «لقد قوطعتُ من الكلام 3 مرات. مازلت أطالب بالمعتقلين السياسيين الذين اعتقلتهم الحكومة من بيوتهم بدون وجه حق». وفي جلسة السبت قال إن الحكومة اعتقلت الذين لا دخل لهم بالأحداث وتركت المتسببين الرئيسيين. وكان الرد من ياسر العواضي جاهزاً: «عليكم أن تقدموا لنا أسماء هؤلاء إذا كان هناك من تسبب في الإخلال بالأمن وإقلاق السكينة ولم يقبض عليه».
يوم الأحد صاح عيدروس في وجه القاعة بصوت عالٍ وهو يطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسين: «علينا أن نثبت وحدويتنا من أقصى الشمال إلى أقصى اليمين»، وطالب المجلس بتشكيل لجنة لزيارة المعتقلين «حيث وبعضهم لم يعرف مصيره حتى الآن» قال النقيب.
ومن المقرر أن يعود وزير الداخلية إلى النواب صباح اليوم وقد عاد إليه صوته ليطرح عليهم ملابسات ما حدث بشكل كامل. لكن نواب في المعارضة أبدوا استغرابهم في جلسة أمس من عدم تضمين محضر جلسة الإثنين موعد حضور الوزير الذي اتفق المجلس أن يكون الأربعاء.
 
 

***
 

سلَّمت اللجنة البرلمانية المكلفة بتقصي حقائق حادثة المنصة تقريرها إلى هيئة الرئاسة في نوفمبر الفائت ولم يتسمله أعضاء المجلس إلاَّ قبل يومين:
هناك علاقة تلازمية بين الاستغلال والجشع من قبل
متنفذين وبين أصحاب المشاريع الإنفصالية

أمضى تقرير اللجنة البرلمانية المكلفة بتقصي حقائق حادثة منصة ردفان 4 أشهر في ضيافة هيئة رئاسة مجلس النواب. واللافت أن المسافة الزمنية التي قطعها هذا التقرير من شرفة الرئاسة إلى القاعة كانت أطول من تلك التي استغرقها من لحج حتى صنعاء.
في جلسة السبت الماضي تمنى اللواء يحيى الراعي رئيس المجلس على النائب البرلماني الأبرز صخر الوجيه أن يوجه سؤاله عن سبب تأخير التقرير وعدم مناقشته، إلى رئيس اللجنة المكلفة وليس إلى هيئة الرئاسة، «اسألهم هم هل وصلوه.. وبعدا قل إن الهيئة قصرت». وبدت الدهشة والإستغراب على وجوه النواب الذين توجهت انظارهم نحو الجهة الغربية من القاعة حيث علي العمراني رئيس اللجنة.
لم ينه الراعي تعقيبه على صخر إلاَّ وقد ارتفع ذراع رئيس اللجنة في سماء القاعة. توقف الراعي للحظات يبلع ريقه، فيما لا تزال يد العمراني سابحة في الفضاء وقد وقف.
«على العمراني» قال الراعي بصوت خافت ومتردد وسمح له أن يرد ل ثم أدار كرسيه، إلى الخلف ليصافح أحدهم.
انتظر العمراني حتى يعود الرئيس بوجهه إلى النواب، وبدأ قائلاً: «اللجنة انتهت من تقريرها بشأن حادثة منصة الحبيلين في شهر 11 وسلمته وكنت أظن أن الإخوة في هيئة الرئاسة يتذكرون ذلك ولكن يبدو أنهم نسوا». موضحاً؛ ولكن كان الراعي قد دخل على الخط ليطرح على النواب مقترح أن تؤجل جلسة أمين العاصمة، الذي كان حاضراً في الأمام، إلى حين يحضر معه وزير الإدارة المحلية، وطلب من النواب التصويت على ذلك، فصوتت الأغلبية. وكعادة أخذت الضجة ترتفع والنواب يخرجون.
أسف العمراني لتأخر التقرير مبيناً أنه كان يجب أن لا يتأخر. لقد تضمن استنتاجات وتوصيات مهمة «انتهت بعضها» قال العمراني. وأضاف مستحسناً قراءته على المجلس: «قد يكون مناسباً أن نستعرضه هنا حتى ولو كان ذلك بعد 5 أشهر»، وجلس يجفف عرق جبهته بمنديل ومبتسماً.
في تمام الحادية عشرة والنصف من جلسة اليوم الثاني تسلم أعضاء البرلمان التقرير ولكن بعد أن كرر صخر للرئاسة نفس سؤال الأمس.
«يا اخي مالك؟! التقرير موجود.. شلوه» رد الراعي على الوجيه وأشار للسكرتارية «وزعوه». وتقافزت القاعة تأخذه وتتسابق.
ما الذي لاحظته اللجنة في نزولها الميداني والتقائها بكل أطراف الحادث؟! لقد كشفت عن وجود علاقة تلازمية «بين صورة الإستغلال والجشع» من قبل متنفذين «وبين أصحاب المشاريع الصغيرة والنزاعات الإنفصالية من جهة أخرى». وقالت اللجنة: «إن كلا الجانبين يستحقان التنديد والإدانة».
 وإذ رأت ذلك، أكدت أن الجهود التي بذلت لاحتواء ومعالجة جوانب وآثار حرب صيف 1994. «لم تكن كافية». ولأن الأمر كذلك؛ فقد أوصى التقرير، وعلى وجه الضرورة والإستعجال، بتقييم شامل وموضوعي لآثار تلك الحرب.
ولاحظت اللجنة أن الإستقطابات «والمناكفات السياسية والحزبية» قد ساهمت بقدر كبير في تفاقم المشكلة. «ولو أمكن معالجة قضايا المتقاعدين في الوقت المناسب وبشكل موضوعي وبعيداً عن الاهمال والترحيل والمماطلة من جهة» والتربص والإستغلال والتهويل من جهة أخرى «لما تفاقم الامر إلى ما هو عليه». وأهابت اللجنة في خلاصة تقريرها بكافة القوى الوطنية «أن تعيد النظر وأن ترشد خطابها وأساليبها»، وبالمقابل «أن تتوخى وسائل الاعلام الرسمية والأهلية والحزبية الحقيقة والمصداقية.. حيث تبين للجنة أن الحقيقة قد تكون في واد وما يتناوله الإعلام في واد آخر».
وبشأن حادثة المنصة وما نتج عن اطلاق النار من قتلى وجرحى يوم 13 اكتوبر الماضي قالت: «يستحق الإستنكار والإدانة.. وما كان يجب أن يحدث».
وأوصى التقرير بضرورة استيعاب جزء من البطالة التي تعاني منها منطقة ردفان، وبإجراء دراسة عاجلة لإحتياجات المنطقة التنموية والحقوقية وعلى وجه السرعة.
وقالت اللجنة إنها تتفهم مجمل ما استمعت إليه من مطالب وحقوق لأبناء تلك المنطقة.
وفي نهاية تقريرها أشارت اللجنة المكلفة إلى أنها حرصت على أن تضع الصورة كاملة أمام المجلس حسبما سمعت، ومتماشيةً الدخول في بعض التفاصيل المرتبطة بالحادث «حتى لا يؤثر ذلك على سير العدالة في القضاء».
وكانت اللجنة نقلت الصورة إلى البرلمان في هذا التقرير بصورة مختلفة عن غيره من التقارير. لقد أوردت كلاماً وإفادات أطراف الحادث من مسؤولين وضباط وعساكر ومواطنين وجرحى ومصابين ومشائخ, وشهادات كما قيلت- حسب التقرير.
وكان البرلمان قد ناقش قضية حادثة المنصة التي نتج عنها 4 قتلى من المواطنين وعدد من الجرحى والمصابين، بعد حدوثها في منتصف اكتوبر الفائت وشكلت لجنة برلمانية لتقصي الحقائق برئاسة النائب علي العمراني وعضوية 6 نواب.