يُمضي عامه ال18 في سجن القناطرة بمصر.. حضرمي يستغيث برئيس الجمهورية لإعادته الى اليمن

حرصَ عادل جابر القعيطي، طيلة ال18 عاماً الفائتة، على أن لا تفوته لحظات الإبتهاج مع زملائه، تلك النادرة، التي تأتي حين يُعلن خلاص أحدهم ومغادرة بوابة سجن القناطرة بجمهورية مصر العربية.
لكن خلال الشهور الثلاثة الماضية، لم تعد لحظات الابتهاج نادرة؛ إذ أصبحت تتكرر أسبوعياً في عنبر الأجانب داخل السجن، مرة بخروج نرويجي وأخرى أسباني، وثالث ألماني... إلخ، غير أن لحظة خلاص الشاب اليمني عادل القعيطي، 39 عاماً، مرهونة بمبادرة يمنية وتسديد 100 ألف جنيه مصري، للخزانة المصرية، كما فعلت حكومات السجناء الذين غادروا السجن.
عادل، ينحدر من أسرة القعيطي الحضرمية. انتقل إلى مصر لغرض دراسة آداب لغة عربية في جامعة القاهرة أثناء أزمة الخليج الأولى 1991. آنذاك كان عمره 20 عاماً. وكغيره من اليمنيين عصفت به أزمة الخليج، ولم تغفر له وإن كان من مواليد السعودية، إذ لاحقته لعنتها إلى مصر. فبعد وصوله إلى القاهرة بخمسة أيام، وجد نفسه مرمياً خلف القضبان، بتهمة حيازته 42 جراماً من الهروين، فيما ظل ينفي التهمة حتى الآن، وقال أمام القضاء المصري إنها تهمة لفقها له شخص كويتي تربطه علاقة بأحد الضباط المصريين النافذين، بسبب قيامه (أي عادل) بنقد الحكومة الكويتية والاصطفاف مع سياسة صدام حسين، لكن دون جدوا، ففي 24 نوفمبر 1992 أصدر القضاء المصري حكماً قضى عليه بالاشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه 100 ألف جنيه مصري. من حينها يقبع عادل القعيطي في عنبر الأجانب في سجن القناطرة، والآن يعاني من أمراض عدة أبرزها انزلاق غضروفي في الفقرتين الرابعة والخامسة من العمود الفقري.
حاول عادل التأقلم مع عالمه الجديد وراء سور السجن. كما و ظل يتشبث بالأمل.
في مايو 2005 أبرمت وزارة العدل اليمنية ووزارة العدل المصرية إتفاقية تنص على تبادل المساجين، وتم المصادقة عليها العام الفائت 2007 من قبل مجلس النواب اليمني ومجلس الشعب المصري. الإتفاقية ذاتها أبرمتها مصر مع كثير من الدول، وأثبتت نجاعتها خلال الثلاثة الأشهر الماضية، إذ أخذ عدد نزلاء عنبر الأجانب يقل. فيما عادل القعيطي ما يزال حريصاً على توديع زملائه بفيض دموع فرائحية، لتغدو عقب انتهاء المشهد حسرة وغصة موحشة؛ لمجرد أنك يمني.
إذن، على عادل أن يزود الخزانة المصرية ب100 ألف جنيه مصري (ما يعادل 17 ألف دولار) مقابل انتقاله إلى اليمن.
في مذكرة رسمية بعثها وزير العدل المصري موجهة إلى الحكومة اليمنية جاء فيها: «نوافق على نقل السجين عادل القعيطي إلى اليمن لتكملة باقي العقوبة بحسب الإتفاقية المبرمة بين البلدين، شريطة سداد الالتزامات المالية المقررة عليه».
لكن عادل لا يملك شيئاً. وبحسب مذكرة نيابة المنصورة وعاقل الحارة التي كانت أسرة عادل تقطنها، قبل إغترابها في السعودية، فضلاً عن إفادة مصلحة الأراضي والعقارات، فإن عادل وأسرته ليس لديهم أملاك، كما وأنهم أسرة فقيرة.
عادل يتيم الأبوين وله 5 أشقاء، وشقيقتان عادوا إلى اليمن أثناء أزمة الخليج. ويؤكد ناصر القعيطي (شقيقه الأكبر) أنه وأشقاءه إن كان بمقدورهم مساعدة عادل فلن يترددوا لحظة واحدة. وأضاف في اتصال هاتفي مع «النداء» أنهم عرضوا قضية شقيقه الأصغر (عادل) على كثير من فاعلي الخير، ولكن لم يستجب أحد.
محنة عادل القعيطي لم تظل محصورة داخل سجن القناطرة، فمنذ 1996 أخذت تتناقلها المذكرات الرسمية بين السفارة اليمنية بالقاهرة، ووزارتي الخارجية والعدل اليمنية والمصرية ومكتب رئيس الجمهورية. وكان مدير مكتب رئيس الجمهورية بعث بمذكرة للسفير اليمني بالقاهرة في مارس 1996، طالب فيها باتخاذ الإجراءات ومساعدة عادل. لكن مذاك ظل عادل بدون مساعدة.
 قبل أسبوعين تلقت الصحيفة رسالة من السجين عادل القعيطي شارحاً غصة سجنه في جزأها الأول قال: «من فين أجيب 100 ألف جنيه وأنا في السجن منذ 18 عاماً؟! هذا تعسف، أنا تعبان، عمري هدر في السجن، وأنا مشتاق لإخواني واخواتي». فيما الجزء الثاني عبارة عن مناشدة لرئيس الجمهورية: «أنا واحد من أبناء اليمن قادته الظروف إلى أن ينسى داخل سجن القناطرة بجمهورية مصر منذ 1991».
وأخاطبك وألوذ بك لأنك رئيسنا والمسؤول الأول عن أبناء اليمن، أناشدك أن تدخل وتساعدنا على الرجوع إلى اليمن، أو أي سجن في اليمن أنا محتجز في مصر على 100 ألف جنيه وأنا لا أملك شيئاً».
رغم أنه لا أحد يستطيع تعويض عادل القعيطي عن عمره المفقود في السجن، غير أن محنته ستتعمر بقية أيامه أيضاً داخل السجن حال تغاضت الحكومة عن مساعدته واستكثرت «17«ألف دولار لاعتاقه من سجن دولة أخرى».