حكم محلي كامل الصلاحيات وحده هو الحل - صالح علي

حكم محلي كامل الصلاحيات وحده هو الحل - صالح علي

ما يقرب من عام على اشتعال الحركة الاحتجاجية في المحافظات الجنوبية والشرقية، خلال فترة أكثر من قياسية بلغت ذروتها. الأمر الذي قد شكل مفاجأة حتى لمن كانو يتقدمون هذه الحركة كقيادات.
تسارع وتيرة تصاعد الاحتجاجات جاء نتاج حالة السخط والتذمر التي وصل إليها الشارع في هذه المحافظات. جراء تراكمات سبعة عشر عاما من السياسات الخاطئة، وليس لقدرات خارقة كانت تمتلكها قيادة الحركة.. فكل ما قامت به ليس أكثر من السير أمام شارع كان أساساً يبحث عمن يتقدمه لكن لم تكن الممرضة وصانعة الزخم الذي شهدته فعاليتها لذلك فالمهمة التي كانت تؤديها تلك القيادات قد يكون بمقدور كثيرين غيرهم من بين صفوف المحتجين القيام بها.
مما يجعل التفكير في القضاء على حالة الغليان باتباع أساليب الإغواء أو شق عصا قيادتها مجرد مضيعة للوقت وإهدار للمال.
ولربما أن الاتجاه بالشارع في المحافظات الجنوبية والشرقية جهة وسائل التعبير السلمي عن حالة الرفض قد نجَّى البلد من بدائل لم تكن مستبعدة. ولعل مواجهات وأعمال عنف جرت في كثير مناطق كانت دليلاً على احتمال الجنوح للعنف.. مواجهات اختلفت أسباب اندلاعها، لكن ظل الدافع واحداً والوجهة واحدة.
لذا فالبحث عن حل للأزمة القائمة من خلال تفكيك الحركة الاحتجاجية بهدف ضربها وإن تبين أن بالإمكان ذلك فلن يكون الحل.
فما يجب التفكير به هو البحث عن الاسباب التي دفعت بالشارع الجنوبي للانتفاض وأعادت التفكير بما قبل مايو 1990، ولماذا بالتحديد التفكير بالعودة إلى ما قبل مايو 1990. مما لا شك فيه أن السبب وراء ذلك أن مواطني هذه المحافظات لم يعد من نمط الحياة الذي اعتادوا عليه وخططوا لحياتهم ومستقبلهم وأولادهم وفق معطياته أي وجود. بل وجدوا من يجبرهم قسراً على القبول بنمط جديد غير مؤهلين للتعاطي معه، و أن من يدبرون أمور الحياة في محافظاتهم لم يستوعبوا معاناتهم جراء ذلك ثم لم يراعوا ما كانوا يمرون به.
وما يجب الالتفات اليه أن الازمة التي سبقت حرب 1994 تختلف عن الأزمة القائمة اليوم، فتلك جاءت بداياتها من أعلى هرم السلطة ثم تم العمل بعد ذلك على التعبئة لها في الشارع. أما ما يجري اليوم فمصدر بداية لأزمة كان الشارع، دون الوقوع تحت طائلة التحريض من قبل جهة أو قيادة معينة، المحرض الاساسي كانت معاناته.
فعقب حرب 1994. دمرت الركائز التي كانت تسند مواطني المحافظات الجنوبية في مجاراتهم للواقع الجديد الذي جاءت به الوحدة في مايو 1990.
ولم يتم الاتيان ببدائل، اذا ما سلمنا بأن تلك الركائز لم تعد صالحة للوضع الجديد.
فبالعودة إلى الوراء قليلاً إذا نظرنا للفترة من 1990-1994 سنجد الأوضاع في هذه المحافظات لم تكن بالصورة التي كانت عليها بعد 1994. أي: لم تكن مشاعر الغبن والاستياء حينها بما هي عليه اليوم،بل إن معظم سكان هذه المحافظات وقفوا في صف الدفاع عن الوحدة.
ولعل أبرز الأسباب التي كانت تقف خلف هذا الموقف أن تلك المحافظات كانت تدار بما نسبته 90٪_ من القيادات من أبنائها، ليس لأي اعتبارات لكن لأنهم كانوا قادرين على فهم واقع هذه المحافظات وعلى دراية كافية بكيفية التعامل معهم ومع مشكلاتهم وهمومهم، لأنهم يعدون جزءاً من نسيج هذا التكوين المجتمعي بأدق تفاصيله، وهو ما لم يستطيع القيام به غيرهم.
فالمخرج اليوم مما نحن فيه لن يأتي بالوسائل التي يروج له البعض عن أن البوابة التي يمكن الدخول عبرها للحل هي استهداف قيادة الاحتجاجات من خلال اساليب الاغواء.. فأصحاب هذه الرؤية ليسوا أكثر من سماسرة وتجار أزمات يجدون في اشتعال الأزمات مواسم للتكسب. فكل الحيثيات التي أفرزتها الحركة الاحتجاجية خلال عام كامل تؤكد أن الحل الاوحد إذا ما صحة النوايا في الوصول إلى حل في إطار الوطن الواحد لن تكون خارج إطار حكم محلي كامل الصلاحيات.
وحدة من قد ينقذ الوطن من السير في طريق قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
قد يكون عنده طرح فكرة الحكم المحلي كامل الصلاحيات غير مقبولة.