في القضية الجنوبية.. يجوز ترتيب كهذا

في القضية الجنوبية.. يجوز ترتيب كهذا - إبراهيم حسين محمد

الأمر المؤكد أن حرب صيف 94، أفرزت استحقاقات لا علاقة لها «بإعادة توحيد اليمن». منتصر، مهزوم، غالب مغلوب في الإطار السياسي، هكذا كان الأمر. وهو أمر مفهوم، ليس بجديد على تاريخ الدويلات الإسلامية (المتأسلمة)، تاريخ تكوينه الفتك بالآخر والتنكيل بالخصوم.. منذ تلك اللحظة لم يقدم (الإسلام) حلاً لمصفوفة من المشاكل والتعقيدات التي برزت في حياة الناس.
ظل الأمر متوقفاً عند إشكالية فروض الوضوء، ونجاسة دم البعوض...
عودة لما حدث في اليمن، بعد حرب 94: تسيد المنتصر (الشمال)، وأصبح المهزوم (الجنوب)، ذليلاً لا منكسراً... «الجنوب» هنا ليس الحزب الاشتراكي الذي خرج أو أخرج باقتدار من اللعبة، لأن قيادته كانت غير مدركة لقواعد اللعبة، وتمكن «التفكير القبلي» من هزيمة نخبة الماركسييين والمتمركسين... «الجنوب» هنا إجمالي القاطنيين في الرقعة الجغرافية الممتدة من عدن إلى المهرة.. هؤلاء تحولت حرب 94 إلى قدر مرعب من المعاناة في حياتهم اليومية. عرفوا أصنافاً من السلوك الذي لم يعهدوه في حياتهم منذ (صانونة الهواء) مروراً بطوابير «الروتي»، وإنتهاءً بمسيرة الحصول على «علبة الدانو»... لكنهم لم يعرفوا هذا الكم من الإذلال والتجويع والرعب.
اليوم يصبح قدر أبناء الجنوب، وهم خليط من العدني، اليافعي، الحضرمي، الأغبري، العبسي، العنسي، الرداعي، والضالعي، أنهم في الصفوف الأولى لمعاناة ما أنزل الله بها من سلطان.
سكان الجنوب وليس الجنوبيون، اليوم بحاجة إلى قدر من المواساة، وتقبيل الجبين وربما الركب، لما لحق بهم من ظلم جراء «معركة» غير عادلة انتصر فيها «الشمال» القبيلي على «الجنوب المدني» في تلك الحرب اختلطت أوراق كثيرة، قاتلت «الزمرة» ضد الطغمة، اصطف قياديو جيش عدن أبين وتنظيمات القاعدة، ضد الخصم اللدود، الأشتراكي.
اليوم يظل الحديث عن انفصال الجنوب عن الشمال، أمراً غير ممكن التحقيق بظروف محلية، إقليمية ودولية، ويظل الحديث عن «حكومات» محلية تضليلاً لا جدوى منه... لكنه أمر غير مستحيل مستقبلاً.
الانتخابات البرلمانية قادمة السنة المقبلة سيكون مفيداً إعادة النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية، بحيث تكون دوائر المحافظات الجنوبية مساوية لدوائر المحافظات الشمالية، بمعنى أن يكون التمثيل البرلماني مناضفةً بين شمال اليمن وجنوبه.... أمر كهذا يمكن أن يجنب اليمن مشاريع الكونفدرالية، والفيدرالية، وإمارة حضرموت، وجمهورية تعز، ودويلة صعدة... إلخ.
اليمن قادمة على مستقبل «يجهل لاعبوه الأساسيون اليوم ملامحه»، ولربما يكون هؤلاء في الصفوف الخلفية، لحظة تقسيم اليمن.