لن يغضب الرئيس!

لن يغضب الرئيس! - محمد الغباري

انتهت فورة الغضب التي ظهرت خلال الأيام اللاحقة على مقتل المواطن صلاح الرعوي في سجن المباحث الجنائية بمدينة إب، وانكشف ظهر زوجته أطفاله الستة بين البحث عن قوت يومهم وعجزهم عن تحمل نفقات توكيل عام للترافع عنهم في القضية، وتخلي الجميع عنهم.
لا أعرف على وجه الدقة سبب هذا الخذلان وإنْ كان غالبية الناس يتوقعونه منذ البداية لأن المتصدرين للقضية ليسوا على استعداد لإغضاب الرئيس ولا مواجهة مراكز القوى التي تحمي المتهمين بتسهيل مهمة القتلة، لكن ما تسرب من معلومات يشير إلى أن الرئيس قد كلف محافظ تعز ويحيى الراعي بمعالجة المشكلة دون الحاجة للحديث عن كرامة الدولة وهيبة القانون الذي ذبح بأول طعنة وجهت إلى صدر سجين في مصلحة أمنية مهمتها حماية المواطنين.
شهر انتهى ولم يجرؤ خمسة آلاف من أهالي محافظة تعداد سكانها نحو مليوني ونصف المليون على الخروج إلى الشارع لمطالبة الحكومة بالانتصار للقانون ولئن كان شائعاً لدى الكثيرين أن وجهاء ومشائخ في المحافظة وحتى مسؤوليها الكبار إنما يريدون من حضور اللقاءات الاحتجاجية المتعددة تذكير القصر بوجودهم طمعاً في اتصال هاتفي، فإن الأحزاب والمنظمات الحقوقية كانت وما تزال غائبة.
وأنا أقف خجلاً أمام عائلة الرعوي المكونة من أم مكلومة وأطفال محاصرين أجدني مجبراً على القول ان موقفي المنحاز لهذه العائلة والمندد بواقعة دهس النظام على وقع الزوامل جلب عليَّ من أصدقاء عزيزين بشبهة المناطقية، إذ رأوا في ما كتبته انعكاساً لتعصب مناطقي لا يليق بصحفي يدعي التزامه المهني، وسندهم في ذلك أن القضية اتخذت منحى المواجهة المناطقية، وهو ما اعتبر سبباً منطقياً لعدم كتابتهم عن الحادثة وإبداء التعاطف مع الصحيفة أو الجاني.
ما لايعلمه الملايين من الناس أن كل الوجوه التي تصدرت «المقايل» وهي تمتلك المال والنقود، ومقيدة بالولاء والطاعة للسلطة لم تلتفت للأوضاع المعيشية لعائلة الرعوي ولم تتجرأ حتى على تحمل نفقات المحامي الذي سيترافع عن حقوق الصغار وأمهم، فذلك بالقطع لن يغضب الرئيس ولا حتى المسؤولين الذين يحمون بقية المتهمين في القضية.
النيابة التي استقبلت توجيهات النائب العام بسرعة الغاء القبض على كل المشتبة فيهم لم تفعل شيئاً، ومن عابوا عليَّ ما قالوا إنها مناطقية متعصبة مطالبون الآن بالانتصار لهذه الأسرة المستضعفة، ليس بإعلان المواجهة المناطقية ولكن بالدعوة لإعمال القانون وتوفير العون القضائي لعائلة أراد البعض المتاجرة ببؤسها ومحنتها وأفاقت صباح ذات يوم لتجد أن الجميع قد تركها وحيدة ومجددة من كل شيء.
لينسى الجميع مكان ميلاد الضحية أوالمنطقة التي ينتمي إليها المتهمون في القضية، أليس من الواجب على الناشطين والمنظمات الحقوقية المشدودة للإنتماء الحزبي اسناد هؤلاء الصغار وأمهم؟ الا يفرض الواجب على السلطات الانتصار؟ لاغيره أم يراد للقضية ان تُدفن لمجرد أن الضحية وعائلته قُدِّر لم أن يكونوا مواطنين من محافظة إب.
malghobariMail