يتساءل: لمن كل هذي البراميل؟

منصور هائل يتساءل: لمن كل هذي البراميل؟

* الى الصديق والأستاذ القدير/ عبده سالم
نفذت براميل كرش والشريجة هجمتها المرتدة وسجلت هدفاً قاتلاً في شباك الوحدة من غير بيان او اعلان اوخبر يذكر في صحافة السلطة او المعارضة لأن معظم الوعي السائد لدى هؤلاء ممنوع من الإنذهال بأنفصال مؤكد ميدانياً، لحساب احتفاظه بأحزمة أمان منسوجة من خيوط الوهم بالتوحد، ومن ذوائب الهذيان بالوحدة.
وما أتعس مصير المحكوم بتصديق ما يسمع، وتكذيب ما يرى على غرار ذاك الذي لم يشأ تصديق عيونه على أم عياله!!
حتى لو كان الإنفصال هو ما وقع على نحو افجع وأوجع بين كرش والشريجة، وتكرس كحقيقة (ثابتة) مؤيدة بالشواهد والوقائع فإنه -اي ذاك الذي- سيرد عليك بسؤال الدليل: اين البراميل؟ وسيرميك بحقيقة جامعة، مانعة، قاطعة، فهو لم يسمع البيان الرئاسي او الإعلامي؟!
ذلك هو حال من يتركز مصيره وقراره وعقله في أذنيه!.. ثم انها محنة التغني بالمقطع الوحيد المقرر من سردية البراميل التراجيدية وهو ذلك المقطع الطافح برغوة براميل السياسة وبالأحرى الزعامات السياسية البرميلية وابواقها التي تفاخرت بإزالة براميل الحديد بما هي شواهد مادية على انفصال كان قائماً بين شمال اليمن وجنوبها!
والمحنة في هذه المحنة انها أسقطت من الحساب ان البراميل التي أزيلت بموجب البيانات والخطابات الرسمية توارت عن النظر وانزاحت لتنغرز اكثر في اعماق الاذهان والعقول وكان مفعولها قوياً بشهادة من احوال ايامنا الراهنة التي تفيد بأن اليمنيين شطحوا في الانفعال، وقفزوا الى المجهول والعدم لأسباب كثيرة ومنها استخفافهم بعناد البراميل وعدم ادراكهم انها كانت ولا زالت تطوي معها طائفة واسعة من الحيوات والحكايات، والعلامات والاشارات والرسائل التي لم تفك شفرتها ولم تأخذ حقها من القراءة الجادة والمفتوحة على افق تجاوز محنتها بابداع انساني خلاق يتوسل تحرير الوجدان والوعي من أثقال صدأ البراميل الراسب والمتكدس في الاعماق.
وما كان أجدرنا بقراءة رواية كرش والشريجة بكافة فصولها حتى نستقر على قناعة راسخة، وتستقر معنا الأجيال التي لا تعلم ما تعنيه براميل كرش والشريجة، على قناعة بأن تلك المنطقة بشقيها المذكورين تستحق رد الاعتبار والاعتذار من مجانين الحروب والوحدة في الشطرين، ومن كافة الأحزاب والفعاليات التي يلزمها الواجب الأخلاقي والإنساني ناهيك عن الوطني، على الانحناء امام تلك المنطقة واهاليها الذين عانوا الأمرين من ويلات الحروب وفظاعاتها ومن كوابيس اشباح الليل والمغامرات المجنونة، والتفجيرات المروعة التي طالما هزت كرش والشريجة الى ان اعلنت جمهورية 22 مايو 1990.
والمحزن أنه بعد ان كانت تلك المنطقة ساحة للالتحام والاضطرام، والاتصال والانفصال، والسكون والاحتدام، ومرصداً لقياس حالة العلاقة بين صنعاء وعدن والعكس، غرقت في الظلام بالمعنى الفيزيائي، وبأوسع المعاني، وتحوصلت على الخراب والموات، وتوحدت بالظلم المشترك والمعاناة الأليمة.
وحينما تنادى اهالي كرش والشريجة لإنشاء جمعية تطالب بالخدمات وتسعى لتوصيل الكهرباء استجابت السلطات في المركز، ولكنها أوصلت خدمة الكهرباء الى الشريجة وحجبتها عن كرش، وانفرط عقد الجمعية! وانفصلت كرش.
ترى من يمارس الإنفصال؟ ومن يزرع البراميل في الرؤوس والنفوس؟ ومن يردع هذه البراميل؟.
mansoorhaelMail