بعيداً عن المكابرة

بعيداً عن المكابرة - محمد الغباري

لا ينقص المبادرة التي أطلقها الرئيس علي عبدالله صالح بشأن الحكم المحلي وشكل نظام الحكم، إلا الجدية في تحويل ذلك الى واقع عملي، ولا يقلل من جهود اللقاء المشترك ان يأتي الاعلان من خارج طاولة الحوار.
 حين رفعت المعارضة مطالبها بحكم محلي واسع الصلاحيات وبإيجاد نظام حكم برلماني، كان المؤتمر الشعبي بدون بديل يقابل هذه الاطروحات. وما أعلنه الرئيس أمس الأول يمثل مبادرة من الحكم تقابل ما طرحته المعارضة وإن اتفقت معها في كثير من القضايا، وبخاصة ما يتعلق بطبيعة نظام الحكم المحلي.
غياب المعارضة عن اللقاء الرئاسي الذي خرجت منه تلك المبادرة لا يجب أن يشكل مصدراً للتعامل مع القضية بمنطق المكابرة والعناد، بل إن المسؤولية الوطنية تقتضي من هذه الاحزاب أن تتعامل بإيجابية مع هذا الاعلان، وأن تغوص في تفاصيله وتحاور على آليات تنفيذه وبما يحافظ على جوهره حتى لا يكون صورة مشوهة لما هو مطلوب ويفقد المواطنون الثقة في كل الاطروحات.
ليس معيباً أن تسجل المعارضة موقفاً مؤيداً لأي خطوة إيجابية من الحكم، ولا ينقص من أدائها، ونضالها أن يأتي جزء من مطالبها عن طريق السلطة، بل إن الخلاف المفترض حول طبيعة نظام الحكم قد يبدو الوحيد الذي يحتاج الى الحوار. أما بقية القضايا الذي تضمنتها مبادرة الرئيس فهي محط اتفاق بين فرقاء السياسة وحتى الحكم الرئاسي فإنه نموذج معمول به في اكثر من بلد من البلدان الديمقراطية الفيدرالية كالولايات المتحدة وألمانيا.. وما كان مطلوباً من قبل المعارضة هو نظام واضح بمسؤوليات واضحة.
بإمكاننا أن نكون شركاء في معالجة المشكلات التي تواجهنا، ويمكننا ايضاً أن نساهم في تعقيدها. ولهذا فإن من المهم مطالبة الرئيس بأن يعطي لمبادرته صفة الشمول بإصدار قرار معلن بإعادة جميع العسكريين والمدنيين الذين أُبعدوا عن وظائفهم عقب حرب صيف 1994 إلى مواقعهم التي كانوا يشغلونها آنذاك، والانتقال فوراً الى إزالة كل الاضرار التي لحقت بملاك الأراضي في تلك المحافظات، وفقاً للتقرير الذي أعدته اللجنة المشكلة لهذا الغرض. حينها سنكون قد قطعنا شوطاً مهماً في سبيل بناء يمن ديمقراطي حديث لكل أبنائه.
الدخول في مناقشة تفاصيل مضامين المبادرة الرئاسية من حيث صلاحيات الرئيس، وعلاقته مع البرلمان، وطرق مساءلته عند تجاوز صلاحياته، هي الأهم من الحديث عن الكيفية التي أُخرجت بها. كما أن دراسة تفاصيل مقترح الحكم المحلي وبما يحافظ على جوهر الفكرة ويحول دون مصادرتها عبر النصوص القانونيةالملتوية والفضفاضة، وتحديد الكيفية التي يجب أن تكون عليها الحكومات المحلية، وصلاحياتها وطرق مساءلة القائمين عليها، قضايا تستحق منَّا جميعاً النقاش والاجتهاد وفي المقدمة أحزاب اللقاء المشترك؛ باعتبارها البديل الطبيعي للحزب الحاكم، ولأنها صاحبة الدعوة لهذين الأمرين.
malghobariMail