ماذا تبقى من كرامة؟

ماذا تبقى من كرامة؟ - صالح مبارك الغرابي

ما تمر به البلد من وضع اقتصادي خطير لم يعد خفياً على أحد. ألم يدع هذا الوضع السلطة إلى التقشف والتقشف الزائد؟ بل على العكس نجد التلاعب بخيرات الشعب في ما لا ينفع في شيء، ليستفيد منه عدد محدود وهو يفترض أن يصل الجميع. لماذا لا تفكر السلطة بشيء من الجدية حيال هذا الوضع وأوضاع أخرى كثيرة تستحق الاهتمام الزائد؟ من منا لم ير ما لم يكن في الحسبان وهو الفقر المدقع الذي أضحى عنوان وكابوس الحياة وهو الذي يؤرقنا ويجعلنا في حالة هذيان ولم نعد كالسابق قليلي التفكير والتأمل؛ فاليوم الكل يفكر في كيفية الحصول على مصاريف قوت يومه لا نقول السنة أو الشهر، فالتفكير بذلك هو الجنون لا غير! جميع الأبواب مغلقة أمام الجميع.من صعدة إلى المهرة الناس تتلظى بنار الأسعار التي لم ترحم أحداً فالكل سواسية إلا من امتلك المال الذي لم يكد ويتعب في كسبه وجمعه، فهو الوحيد لم يشعر بشيء ولم يفكر في هذا الغلاء الجائر ومع هذا كله لم نر بادرة أمل تلوح من سلطتنا الرشيدة في كيفية التعامل مع هذه الأوضاع التي أصبحت هم السواد الأعظم من الشعب كلما نراه مبررات واهية لا يتقبلها عقل إنسان. ماذا تريدنا تفعل سلطتنا أن نفعل حيال ما يحصل من أشياء؟ إن طالت لن تأتي بالخير، فهي أصابتنا بمأتم أو بعبارة أخرى هي مثل المرض بل إن المرض، أرحم، ففي حالات كثيرة يشفى ويتعافى المريض، أما غلاء الأسعار والبطالة، فلم نر منه العافية المرجوة، فمن خلال تعايشنا معه نراه مثل المرض الشهير «الايدز» الذي إلى اللحظة لمرضاه إلا ذالك العلاج الذي تكرم به الشيخ الزنداني ولكن لم نره على أرض الواقع وياليت شيخنا الفاضل ركز اهتمامه على علاج البطالة والتخفيف من حدة الأسعار المتسارعة. جميع الدول خصوصاً دول الجوار عندما تعتزم الزيادة في قوت شعوبها لا تباغتهم في الارتفاع فهي تأتي بالارتفاع على درجات ومع ذلك تدعم المواد الأساسية والضرورية وترفع مرتبات اليد العاملة، لهذا لا يشعر السكان بالارتفاع مع أنه غالباً ما يكون ارتفاعها مرتبط بارتفاع عالمي. أما نحن فالحبل على الغارب ومتروك للسلطة، هي تقرر ما تريد ويأتي في إعلامها على أنه مرتبط بارتفاع عالمي المهم إن سلطتنا تريد تذكرنا بالمثل الشعبي القائل: «مهري كما إخوة».
 أي أن كل الجرعات في الأسعار هي آتية من الخارج ولماذا لا تكون مثل تلك الدول تراعي شعبها في كل شيء وتجعل من نفسها مثل المواطنين وتشاركهم المعاناة لا التهرب منها؟ ليس عيباً أخذ الفوائد والمنافع من الغير. العيب يكمن في أن غالبية الشعب يتحول إلى شحات وترى بوابات المطاعم والمساجد ومحلات الصرافة والشوارع وهي تختنق بالمتسولين من رجال ونساء من جميع الاعمار ولم يعد التسول حصراً على أصحاب البشرة السوداء فهاهم إخوانهم من رجال ونساء أصحاب البشرة البيضاء يشاركونهم هذه المهمة الجديدة عليهم.
 هذا هو العيب والعار يا سلطة يا رشيدة أن الذي يتضح من خطط وبرامج الحكومة هو فقاقيع إعلامية بين فترة وأخرى ولا تأتي بالفائدة فهي سرعان ما تذهب ولا يبقى لها أثر وهي أيضاً بعيدة كل البعد عن صميم وجوهر المشاكل والمعاناة المستمرة والتي كما قلنا سابقاً من صعدة إلى المهرة البطالة وكلما يأتي من السلطة هو مثل ذر الرماد في العيون، بل أكذوبة مفضوحة ومكشوفة من مثل محاربة الفساد والمفسدين الذين نراهم في ازدياد ولم نرى واحد تم إدانته وعرضه للناس مع أنهم معروفون للجميع، فالذي يفعلونه مكشوف ولم يعد خافياً على أحد.. الشيء الثاني من أكاذيب السلطة هو استقدام المستثمرين الجادين ولم نر مستثمراً إلا وقع في فخ الأكاذيب. نقولها بالفم المليان: يا ناس يا عالم لا داعي للضحك علينا داخلياً وخارجياً، فنحن هنا في الوطن في هم ومعاناة لا تنقطع مع ما يحصل لنا أما إخواننا في الاغتراب، فهم مثلنا وأكثر يتعرضون للاهانات والتنكيل في اغترابهم وخير دليل ما حصل لإخواننا في خميس مشيط في السعودية حيث حرقوا بالنار، والنار كما هو معروف لا يعذب بها إلا الله جلت قدرته وبعد هذا، ماذا تبقى لنا من كرامة بين الناس وماذا سيقول عنا الآخرون؟ نحن أصحاب الإيمان والحكمة وكفى!.