المرأة في الحضارة اليمنية القديمة

صدر الكتاب عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر . بعد الإهداء تصدير للدكتور على حمود السمحي نائب عميد كلية الآداب للشؤون الأكاديمية، يتضمن اشادة بالباحث والبحث، يشتمل الكتاب على مقدمة ، وتمهيد وخمسة فصول ، وتحت كل فصل عناوين كثيرة ، يدرس في المقدمة أسباب اختيار الموضوع ، ومنهج الدراسة ، وتقسيم البحث ، ومواضيع الفصول الخمسة .
التمهيد
يتناول التمهيد منطقة الشرق الأدنى كمركز حضاري ، مركز الحضارات الأولى ، والجزيرة العربية جزء منها ، ويأتي على تقسيم الجزيرة العربية ، ونشأة الأسرة ، والمدينة ، وتغلب القبيلة الأقوى على ما سواها ، ومن ثم ظهور الكيانات السياسية ووجود المجالس الإستشارية الموصوفة بالملأ كما في القرآن .
ويعتبر الطريق التجاري العامل الأساس للإزدهار ، ويذكر السلع المتجر بها ، وتعتبر مكة الحد الفاصل بين الشمال والجنوب وهو ما يطلق عليه (( اليمن )) ، ويناقش وسائل النقل ، وهدية ملكة سبأ لسليمان ، والصلات مع مصر ، وتحول التجارة البرية الى بحرية ، ويتناول الدول التي نشأت في اليمن القديم ، وصراعاتها وازدهار النشاط التجاري، والتدخل الحبشي ، وصراع حمير وسبأ ، وصراع اليهودية والمسيحية ، ويرى ان اعتناق اليهودية كان ردا على الحبشة ، وثورة سيف بن ذي يزن ، ودخول الفرس .
الفصل الأول يتناول الدور الإجتماعي للمرأة ، ويوثق ان أقدم الشواهد للعصر القديم يعود إلى 1300000 - 1100000 مستندا الى ما تم العثور عليه في كهف القزة (( حضرموت )) بواسطة تنقيب اليمن والبعثة الروسية ، والى وجود مواقع للعصر الحجري في قاع جهران ، واكتشاف للبعثة الفرنسية تعود لعصور ما قبل التاريخ. كما يدرس دور البعثات الروسية والفرنسية والأمريكية ، ويشير الى صعوبة دراسة دور المرأة من الناحية الإجتماعية في عصور ما قبل التاريخ في اليمن القديم ، ويدرس المشاعية العشائرية البدائية ، والقيمة العلمية ان الباحث يدرس المشاعية من واقع اليمن ، ومن الأدلة الواقعية ، وليس بالإستعارة من النظريات الكونية العامة ، يدرس حالة الزواج بين افراد المجموعة الواحدة ، ويخلص الى القول (( ان المرأة والرجل بدآ حياتهما بصورة مشاعية ، وتعرض المرأة للأمراض والمخاطر بسبب الحمل والولادة . كما يتناول الدور الإقتصادي للمرأة، ويرى الصعوبة، بسبب قلة التنقيبات الأثرية ، ويدون اشتراكهما في رسم الحيوانات على الصخور ، او نحتها على شكل تماثيل ليتمكنا من اصطيادهما ، كإعتقادهما ، ويدون مشاهد الرعي في الرسوم الصخرية ، وممارسة انسان ما قبل التاريخ ، تربية الحيوانات ، مشيرا الى تطور قوى الإنتاج ، في أواخر المشاعية بفعل تطور النسيج الإجتماعي، وعمل الرجل والمرأة مع الغطاء النباتي، واهتداء الرجل والمرأة الى الزراعة ، ويشير إلى محدودية المستوطنات الزراعية من هكتار إلى خمسة هكتارات ، وتوزع الأنشطة لهما ما بين الزراعة والرعي والصيد ، والتبادل التجاري ، وممارسة طحن الحبوب ، وانتشار الصناعات الفخارية .
في الدور الديني للمرأة يدلل على وجود العديد من الشواهد الدالة ، على تقديس المرأة ، وعبادتها ، وتقديس الأمومة ، وتقديس المرأة كآلهة للخصوبة في حضارات الشرق الأدنى ، ويتناول الدور السياسي للمرأة ، وحضور المعارك ، وقد تكون من اجلها ، ويأتي على ذكر ملابسها ، وحليها ، ودورها في الحياة الإجتماعية، ويربطه ببداية التدوين عائدا به إلى أواخر الألف الثاني وبداية الألف الأول قبل الميلاد ، ويقرأ النصوص اليمنية القديمة ، في المعاملات ، والعبادات ، والمنشاءات العامة والخاصة، والحروب ، والقبور ، كما يتناول آخر خط كتبت به اليمنية وهو خط الزبور ويعرفه بأنه خط شعبي يتميز بالترابط ، والحركة السريعة ، والتشكيل ، وكتب على اعواد من الأخشاب ، وعسيب النخل ، كما كتب على الصخور ، ويدرس ازدهار الفنون الجدارية والتماثيل .
يدرس المرأة والأسرة ، وحق الملكية والأرث ، والزواج والإنجاب ، ومراسيم الزواج ، والزواج بعدد من الأزواج والزواج من أجنبيات ، والزواج من المعبودات والأهم في هذه المباحث توثيقها او بالأحرى دراستها من واقع نصوص النقوش ولعل أهم ما لفتني ايراد نص تشريعي بأنه 1- لا يحق شرعا اقصاء كل فطيم من المدينة مطرة (( منطقة بين أرحب ونهم )) 2- كما لا يجوز زواج بنات مدينة مطرة من خارجها والأهم 3- لا يحق شرعا واد بنات المدينة من قبل أفراد الشعب شعب مطرة وتعدد الأزواج للمرأة والرجل . وكانت التوراة ممن حدد الزواج بأربع ، ويتناول الباحث المرأة والعبودية وهي عبودية مختلفة تماما عن العبودية في (( المركزية الأوروبية )) ، ووضع المرأة في الحروب ، والصراعات ، والرق ، وحقوق الاماء .في الفصل الثالث يدرس دور المرأة في الحياة الإقتصادية : الزراعة ، التجارة ، الصناعة ،الغزل والنسيج ، وطحن الحبوب ، وصناعة الفخار ، ويشير الى توليها وظائف (( جباية الضرائب )) وإدارة اراضي المعبد . ويدرس الفصل الرابع دور المرأة في الحياة الدينية ، والرموز البشرية للمعبودات والوظائف التي شغلتها في المعابد ، والطقوس الدينية المتعلقة بها : الصيد الديني ، الحج ، الإستسقاء ، الصلاة، الإعتراف بالذنب ، والزواج المقدس ، وتقديمها للقرابين ، كما يدرس الفصل الخامس دور المرأة في الحياة السياسية ، وجله مكرس لملكة سبأ : اسمها في الكتب الدينية ، وعند المؤرخين المسلمين ، وعند اللغويين ، والدارسين اليمنيين ، والغربيين ، ودورها السياسي ، والزيارة لسليمان وهدفها ، والموقع الجغرافي، كما يتناول الباحث مشاركة المرأة ، في تنصيب الملوك، ودورها في الحروب والصراعات ، وفي الملاحق يقدم كشفا بأسماء زوجات المعينيين من الأجنبيات ، وخرائط اليمن واللوحات ، ثم الخاتمة، وقائمة بالإختصارات ، وقائمة المصادر والمراجع. الكتاب بحث عظيم ، وجديد ، والأهم اعتماده على النقوش والمراجع الموثوقة، ودراسة الوضع القائم بعيدا عن الإستعارة ، أو قراءة الواقع بعين أجنبية ، ورصد التشريعات الراقية ، حول المساوات والندية والتكافىء بين المرأة والرجل ، والعمل المشترك في مختلف الميادين ، ورقي التشريع المحرم واد البنات في حضارة اليمن قديما ، وحضارة المنطقة وهو ما يتجلى في الآية الكريمة ، واذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت التكوين 8 . الكتاب جهد بحثي راق ومفيد ، ورائع ، نتمنى ان يتواصل إلى المراحل المختلفة بما فيها الجاهلية الأولى والثانية في جنوب الجزيرة والتشريعات والقوانين التمييزية والجائرة التي تحرم المرأة من الشرف والكرامة كما هو حال واقعنا العربي اليوم