مؤشِّر!

مؤشِّر! - هشام علي السقاف

قال الراوي:
حقاً فوجئت وذهلت و صدمت.
هذا الموظف الصغير، ناحل الجسد والتعليم، المتوحّد والمنطوي على نفسه وهمومه، فجأة تنتابه نوبة غضب صادم، على من حوله في الإدارة الحكومية. وينفجر أوّل ما رآني، شاحطاً في وجهي:
" لن نسمح لك أيها "السيّد" أن "تُسيِّد" إدارتنا!!!
ساءلت نفسي حينها وبعدها وإلى اليوم:
 أين يختبئ الشيطان داخل هذا الجسد المنهك؟ كيف توحّش هذا المسالم البسيط؟
كيف يختارني دون غيري من زملائه في العمل ليوجّه لي (قذيفته) وهو يعرف ويدرك أنني لا أملك ولا أمثّل أي سلطة ولا سطوة لا عليه ولا على غيره في الإدارة وليس لي منصب لا إداري ولا مالي ولا إشرافيا؟
وتتزاحم الأسئلة الحيرى تباعاً: كيف احتله هاجس العداء لي ولم أتقاطع معه في مصلحة أو حتى كلام؟ متى حفرت مخالب العداوة باطنه لتوجّه زوايا عينيه وفكره نحو (الأصول) و(العرق) أو (المعتقد) حتى صار لا يرى إلاّ إيّاها في غيره؟ كيف لمنطق الأشياء وديدن الحياة أن ينقلب فيه حتى لم تعد المصالح أو تضاربها هي التي تخلق التواد أو التنافر، الوئام أوالعداء بين خلق الله؟ أيولد عداء من أجل العداء؟
 وأسئلة وأسئلة!!! عرفت أنه محافظ على صلواته في المساجد، ويداوم على المحاضرات والخطب الدعوية منذ أن غادر بعد الوحدة اليمنية مكتبه الصغير في مبنى الحزب وقتذاك.
متى احتله ذلك الشيطان؟          أفي ذلك الزمان أم بعده؟
أم أن (الشيطان) كان وما زال نقطة تلاقي الخطاب الموجّه لبسطاء الناس وسُذَّجهم في ذلك الزمان والآن، لا فرق بين يسارها واليمين، ولا بين غرض الملحد والمتأسلم كأدوات للتمزيق والتفتيت بالتناحر، ما دام المستهدف هو المجتمعات العربية؟؟؟
hishamfargazMail