التعريفات.. الأسطورة الاجتماعية

التعريفات.. الأسطورة الاجتماعية - أبوبكر السقاف

وهي مظهر حديث للنشاط الاجتماعي الايديولوجي، في القرنين التاسع عشر والعشرين، ولون يتميز فيه يعمل على صوغ  ونشر الأساطير السياسية. إذ حدث تغيير جوهري في مصير الأسطورة في العصر الحديث، وفي التاريخ المعاصر. فقد أصبحت الأسطورة تعني تصورات و همية، تقوم القوىالحاكمة بصوغها ونشرها للتأثير في الجمهور. وقد انتفعت الطبقات الحاكمة، في هذا الشأن، بأعمال شوبنهاور، ونيتشه، وسوريل، وباريتو، وفرويد، ويونغ. ونجد في أساس هذه الظاهرة تأكيد شوبنهاور على أولوية الإرادة العمياء على العقل. فهو قد قام بتحليل الأيديولوجيا من موقف الذات التي تفكر في آرائها، واقتناعاتها، ودوافعها، وتجعل للإرادة القول الفصل في إضفاء المعنى، على كل هذه الموضوعات. وقد أضفى نيتشه، طابعاً راديكالياً على تحليل شوبنهاور ونقده للأيديولوجيا. إذ لم يقتصر نقده على الجوانب الروحية في حد ذاتها، بل وجه نقده إلى صورة التفكير المنطقي أو قوانينه. ويرى باريتو أنه يجب البحث عن أسباب الخرافات التي تنتشر انتشاراً واسعاً، لا في المنطق، ولا في العقل، بل في العواطف، والنزوع العميق، والشهوات المدفونة في الأعماق. وقد قام بمحاولات لجعل لغة الدعاية مستبطنة عند الفرد. أما سوريل، فقد اعتبر ان الأيديولوجيا هي التي تدمج وتوحد في السياق الاجتماعي.
ورأى فرويد ويونغ، أن الأيديولوجيا وعي زائف، لأن ما يجري في النفس، إنما هو لعب الدوافع اللاواعية والعواطف، التي تقوم بتشويه الوعي السوي. وقد اهتمت الدراسات الاجتماعية في الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، بطبيعة الأوهام، وميكانيزماتها، وإعادة انتاجها، وفاعليتها، ووظيفتها الاجتماعية، وتأثيرها الجبار في الوعي الاجتماعي. إن الاسطورة الاجتماعية في أيامنا هذه، تصوغ الاسئلة «الخالدة»: السلطة والطاعة، الاستقلال والتبعية، العدل والظلم. وقد راجت قبل الحرب الأهلية اللبنانية، أساطير اجتماعية سياسية، وازداد انتشارها بعدها، مثل: لبنان الذي لا يشبه إلا نفسه، ورسالته التي لا نظير لها بين الشرق والغرب، والمردة الذين استعصوا على  كل سلطة  منذ العهد الأموي.
الآراء العرقية، و«الاستثنائية الأمريكية»، و«رسالة الرجل الأوروبي»، و«أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، نماذج من الأسطورة الاجتماعية.