في ضرورة إعادة صعدة إلى السياسة

في ضرورة إعادة صعدة إلى السياسة - سامي غالب

أفسد اللقاء المشترك في بيانه الصادر الإثنين بشأن أحداث صعدة «صناعة الإجماع الوطني» التي بدا وكأنها قد دخلت دور الازدهار.
أعاد البيان، بصرف النظر عن اللغة التي اعتمدها، الاعتبار إلى السياسة، فالثابت أنه لا إجماع يمكن أن يتحقق في حرب داخلية حتى وأن كان أحد طرفيها فئة صغيرة ترفع السلاح في مواجهة الدولة.
والمؤمل في بيان المعارضة أن يعيد طرح أحداث صعدة في سياق السياسة بما هي ممكنات وتسويات ومقاربات تراعي الحساسيات والتعقيدات وتستند إلى منطق الدولة، وتقارب الأزمات بروح العصر، بدلاً من الانحدار إلى خطاب عصبوي تكفيري يشيطن «الخصم»، توطئة لاقصائه، فتجريده من انسانيته.
عوض التهوين أو التهويل من شأن أحداث صعدة وتداعياتها على النسيج الوطني، فإن أطراف المنظومة السياسية مدعوون إلى التوافق على صيغة معالجة تحفظ للدولة هيبتها بضمان حقها في احتكار وسائل القوة والإكراه المادي، وتصون دماء اليمنيين جنداً و«متمردين»، وتصد أية محاولات لتدخلات اقليمية ودولية لإستثمار أزمة تولدت عن اعتمالات محلية صرفة، وإن حفزتها متغيرات اقليمية ايديولوجية ومذهبية.
لاح بيان المعارضة في بعض فقراته وكأنه يرد على اتهامات السلطة، لكأنه يبادلها توظيف «المأساة الصَعدية» في سجالات عقيمة. ومع ذلك فإن من العدل أن يحسب للمعارضة انها سجلت موقفاً صريحاً مما يجري في بقعة غالية من الوطن. وعليها الآن أن تمتص ردود الفعل المتوقعة من أطراف داخل الحكم، وتبذل في الوقت نفسه الجهد المستطاع، وفي طاقتها الكثير مما تستطيع بذله، من أجل الإسهام في كبح جماح القوة، تمهيداً لجرها من أذنيها وإدخالها إلى حظيرة السياسة، وصولاً إلى صيغة وطنية لتحديد إقامة الأزمة الخطرة، وتحجيم آثارها، تؤسس لمعالجة حاسمة لا توقف الحرب في صعدة فحسب، بل تسد أي منفذ لاستعارها مجدداً في نسخة رابعة.
Hide Mail