كسارة حبنا!!

كسارة حبنا!! - فضل علي مبارك

بلغ غليان الشارع الأبيني الذي بدأه منذ اسبوعين، حده، لدرجة ان البعض نذر نصف عمره لمعرفة تفاصيل جزئية صغيرة في مضمون «مفسدة» كبيرة دبرت في ليل أظلم والناس في غفلة من أمرها بسبب انشغالهم بأمور العيد.
 ومع أن اهتمام هؤلاء يكاد يندرج في اطار قاعدة «يصيب الشعرة ويخطئ البقر» لكن يمكننا تجاوز ذلك إلى حدود ابعد على اعتبار ان الناس في أبين لم يعد يعنيها كثيراً ما يدور على واقع الارض من أمور مشابهة لكثرة تكرارها لدرجة الغثيان الأمر الذي دفع بالناس لصرف النظر عن متابعتها أو لوك الحديث عنها في «المقايل».
لكن اهتمامهم بتفاصيل هذه الجزئية الثانوية يعود إلى منبع سيرها وكيف جرت خطواتها؟ وإلى أي حد تم اتقان حبكتها على «الجني الأزرق» خصوصاً إذا ما كنا مهووسين بالحديث عن يقظة الامن الذي تعددت ألوانه وتنافست نقاطه المعروضة على قارعة الطريق تعد انفاس الغلابا فيما تترك الحبل على الغارب لصنف خاص من العابرين كي يمروا ما ارادوا ولو كان تمثال «أبو الهول» وليس «كسارة».
وأصل الحكاية ان الناس فوجئوا بأن نفراً من «حمران العيون» الذين يأكلون «الزلط» قد قاموا بإخراج كسارة أنعم كسارة وهي لمن لا يعرف آلة طويلة عريضة لها اجزاء متعددة تقوم بتكسير الاحجار الكبيرة إلى قطع صغيرة «رمل، كري» مما يستخدم في أعمال البناء والطرقات وغيرها. وثمنها لا يقل عن مائة مليون ريال. والكسارة كانت تابعة لمؤسسة الطرق، استفيد منها فترة ثم بقيت في موقعها.
صحيح أن هناك همساً بصوت عال، يدافع عن من قام بهذا الفعل بامتياز ثم بأوراق رسمية، لكن هذا الصوت «مخنوق» لانها تشتم منه رائحة «مش مليحة» إذ أن «الصفقة» من خلال تبادل الاتهامات التي طالت رؤوساً في السلطة المحلية جاءت عن طريق التدليس والغش وبطرق ملتوية واخذ كل واحد «يفزع» من الآخر ولا يريد قول الحقيقة مش على شان الكسارة فهذه امرها سهل ومجرد نقطة من سيل وادي بناء الذي جرف وما زال يجرف اشياء واشياء.. حيث والخوف يكمن من هبوب رياح تقلب «ملفات» لأشياء «وسخة» كل ورقة فيها تزكم انوف دائرة انتخابية بكاملها. ولأن الأمن والنيابة واجهزة القضاء والرقابة والمجالس المحلية ومخصصات المجتمع المدني والاحزاب ومن لف لفهم كل واحد منهم فوق رأسه «بطحة» فهم أعجز من تحريك «قشاشة» و«سكِّن تسلم» مع أن الأمن سارع ربما على شان يعرف تفاصيل «العملية» الجهنمية حتى يستفيد منها، حيث -كعادته- اصاب الشعرة بأن ألقى القبض على سمسار مسكين حصل له حق العيد، وخجل واستحين من مواجهة من تدور اصابع الشائعات نحوهم.. ولو حتى لمجرد جمع المعلومات.
إذ أنه من غير المعقول أن يتم «بيع» الكسارة بهذا «الفتات» الذي نخجل من ذكر رقمه.. ولا نريد ان نقول ان عملية البيع تجاوزت الشروط والخطوات والاجراءات المتعارف عليها يعني تمت العملية «من الباب للطاقة» وقبيل اذان الفجر!!
ومع ذلك يبقى السؤال الذي يشغل بال الناس هنا: في ظل وجود نقاط تفتيش على الطريق تقوم بحجز ملابسك الداخلية التي ترتديها وتجري معك تحقيقاً حول ملكيتها وعبورها، فكيف مرت عليها ثلاث «قاطرات» تحمل «البضاعة» من أبين إلى تعز مروراً بعدن؟!