«كاظم اليمن».. معروف لديهم, منسي لدينا!!

.. قبل ليلة السبت قبل الماضي لم يكن محمد أحمد قبان يشكل اسماً يذكر.. سوى عند شلة محدودة تعرفه بانه مجرد عسكري في معهد الموسيقى العسكري.
لكن التاريخ من حينها سطَّر واقعاً آخر في حياة محمد.. متغير كلياً، وإن لم يكن مكانه اليمن..
من هناك من قناة «دبي الفضائية» حمل لنا الأثير وهج، محمد القباني متلالئاً، وهو يحتل المرتبة الأولى بين مجموعته الممثلة من بلدان المغرب وتونس ومصر والاردن ضمن مسابقات برنامج «زي النجوم» في جولة التصفيات ربع النهائي.. حاصداً جائزة مقدارها عشرة الآلاف دولار ليتأهل إلى الأدوار النهائية للمنافسة على الجائزة الكبرى للبرنامج، ومقدارها مائة ألف دولار.
ومن يقف على قصة «محمد» وظروف ومراحل مشاركته يجدها مؤلمة تدثرت بالمعاناة والتعب المضني بالسير وحيداً صوب الهدف الذي راهن «محمد» على السعي والوصول إليه بتحدٍ بعد أن سدت الجهات المختصة المعنية بالتنقيب والاهتمام والرعاية بالخامات المبدعة في وجهه.. كعادة درجت عليها وفق قاعدة «لا كرامة لنبي في وطنه».
وهاهو التحدي المقرون بالإصرار، الذي ولدته قناعة محمد قباني بموهبته وقدرته على المنافسة متجاوزاً تعليقات بعض زملائه ومن شاهدوه وهو يقدم اسمه إلى البرنامج عبر أحد مقاهي الانترنت في صنعاء.. ها هو التحدي يثمر ليعلن عن ولادة اسم لفنان، بلا شك، سيكون له رصيده في سجل الأغنية اليمنية.
هذا الشاب الذي يتحلى بالبساطة ودماثة الأخلاق ولم يلحظ عليه أنه قد أصبح مشهوراً وحقق هذا الفوز على المستوى الخارجي اذ لم يتغير فيه شيئ سوى ان ابتسامته، التي يبادلها الجميع، قد ازدادت اتساعاً وقلبه غدا اكثر انشراحاً.. وبدا اكثر تواضعاً عن ذي قبل، كما عرفت من عدد من زملائه واصدقائه.
حينما التقيته وتعرفت عليه ظهر الأول الثلاثاء الفائت امام بوابة دائرة التوجيه المعنوي بمنطقة التحرير بصنعاء.. فوجدته متواضعاً.. بشوشاً لا يحمل ذرة تكلف وهو يحدثك لأول مرة.. وكأن رابط علاقة بينكما منذ الولادة.. وكم كان محمد يتمنى أن تأتي ولادته الفنية بهذه الصورة في زمان ومكان تختص به اليمن، التي يحمل شجوها في دمه وقال: «ان الجائزة، وان كانت قيمتها المادية بالنسبة لوضعه تساوي الكثير فهو غير مكترث بها ولم يأبه بها بقدر ما كان همه تحقيق النجاح المعنوي ورفع اسم اليمن عالياً في «مهمة نضال» حتمتها عليه نظرة الآخرين القاصرة: بأن اليمن متخلفة عن الركب المعاصر للاغنية وتغرد خارج السرب بتاريخها وتراثها الغنائي الذي ينحصر على الرقعة اليمنية فقط؛ الأمر الذي ذهب بالكثير إلى التفكير بأن اليمن غير ولاِّدة لاي مواهب امثال قباني. ولا شك ان الجهات الرسمية الآن سوف تتهافت لكسب ود النجم الصاعد الذي أصبح جاهزاً للاستثمار ولم تكلف نفسها القيام بادنى واجبها في السؤال حتى عن صحة هذا الشخص، فما بالك بدعمه وصقل موهبته وتقديمه في الوقت الذي يفكر فيه محمد ليس باستثمار نجاحه هنا، بقدر ما يفكر أن يطمح بمد يد العون له لدراسة الموسيقى في مصر وتجديد الاغنية اليمنية وتقديمها بقالب جديد يفرض تواجدها في المسرح العربي الغنائي بشكل عام.
فهل من مستثمر «وطني» يأخذ بيد هذه الموهبة قبل ان تقع فريسة سهلة في يد تجار الاغنية الرخيصة الذين يحرصون على استثمار كل موهبة لتحقيق مكاسب مادية بعيداً عن خدمة الفن!