مشاهد ما بعد الانتخابات (3-4)

مشاهد ما بعد الانتخابات (3-4) - محمد عبدالملك المتوكل

المشهد الثالث والرابع:
مشهدان صداميان يرتكزان على عدم قبول اي من المتنافسين: المؤتمر أو المشترك لنتائج الانتخابات او لمؤشراتها فقد تنفجر المواقف في مرحلة التصويت، أو مرحلة الفرز، أو عند ظهور النتائج الجزئية أو عند إعلان النتيجة الكلية.
وقد بدت مؤشرات التوجه للعنف من بعض خطابات المرشحين للرئاسة ومن بعض الممارسات الصبيانية في الجوف والحديدة، إب، وغيرها. أما حجم عنف الصراع ونوعه فسوف يعتمد على قدرة المعارضة على التمسك برفض العنف والإصرار على منهجها في النضال السلمي والديمقراطي، كما يعتمد ايضاً على دور القوات المسلحة والأمن وقبولهما أو عدم قبولهما في ان يكونا أداة في يدي طرف من الأطراف المتنافسة وأن يعلنا بوضوح انهما في صف الدستور والقانون وانهما جيش وأمن  الوطن لا مستأجرين أو شقاة لدى  افراد أو أحزاب وأن من خرج من مؤسسة الجيش أو الأمن عن ذلك اعتبر متمرداً او يعلم خارج إطار الشرعية الدستورية. وفي ظل التوازن والتدافع ستمتنع الاطراف عن اللجوء إلى العنف ويقبلون بالعودة إلى كلمة سواء أو بالاحتكام إلى هيئات محايدة محلية او اقليمية أو دولية. وبذلك تنقذ اليمن من شر مستطير وتدخل مرحلة جديدة من الوفاق والعمل المشترك من اجل اليمن ضمن اتفاق وطني ومنهج حضاري.. هذه هي النهاية التي نتمناها ونحلم بها لو وصلنا -ولا قدر الله- إلى المشهدين الثالث والرابع.
اما الوجه الآخر السلبي والكارثي فهو أن يسعى طرف من الاطراف المتنافسة إلى استخدام العنف سواء بالأسلوب المصري وهو دفع البلاطجة إلى افتعال المشاكل والاعتداء على هذا الطرف أو ذاك او يتدخل رجال الأمن بانحياز إلى طرف من الاطراف. وقد تتصاعد ردود الأفعال فيتم استدعاء القوات المسلحة  او  وحدات معينة منها. وفي نفس الوقت لابد من إبعاد الرقابة الدولية حرصاً على  حياة أفرادها وفي الهيصة والفوضى تجرى عدد من العمليات للصناديق.. وعند عودة الهدوء تستدعى الرقابة المحلية والدولية للرقابة على الفرز لتكون النتيجة كما أراها  المخرج وهي حتماً نتيجة قد لا يقبل بها هذا الطرف او ذاك.. واذا فرضت بحكم قدرة طرف على التحكم في العملية او بحكم الخلل في توازن القوى فإن اليمن سوف تشهد ازمات متصاعدة لأن من المستحيل بعد اليوم ان يفرض طرف واحد ارادته علىالاطراف الأخرى.
واذا كانت حرب صعدة قد كلفت اليمن الكثير والكثير رغم محدوديتها فما بالك بالوقوف ضد ارادة الشعب من المهرة حتى صعدة.. ويخشى اننا اذا لم نقبل بالوسيلة الحضارية وهي التسليم بما اراده الشعب من خلال صناديق الاقتراع ان نعود بعد «خراب البصرة» إلىالقبول بحل كانت نتيجة الانتخابات أهون منه.
إن اخطر ما يقع فيه البشر من اخطاء هو الوقوع في الغرور والغطرسة والحسابات الخاطئة والتي ساقت بوش ومعه أقوى دولة في العالم إلى المستنقع العراقي.. وعلى ضوء ما سوف نعمله سوف يتقرر هل نحن بلد الحكمة والايمان ام ان غيرنا هم المعنيون بذلك؟ ولسنا سوى داحس والغبراء جئنا خلفاً لقوم رحلوا بحكمتهم واعماقهم.