يمن "الناس العاديين"

يمن "الناس العاديين"

سامي غالب
يتخلق يمن جديد في الساحات والميادين فارضاً إيقاعه على القوى السياسية والاجتماعية داخل النظام السياسي الطالع من دخان حرب 1994.
نهار الجمعة الماضية انتظم ملايين اليمنيين في صنعاء وعدن وتعز والحديدة والمكلا وغيرها من الحواضر تحت مطلب واحد هو إسقاط النظام. لكن النظام, نظام حرب 94 الذي آل إلى سلطة مشخصنة بفعل الاقصاءات المتعاقبة التي لم توفر أوثق الحلفاء والشركاء والمستشارين,أختار ما ألف استخدامه, وهو الأداة الأمنية, للتعامل مع مشهد "غير مألوف" قوامه "ناس عاديون" كفوا عن شراء الوقت فغادروا رصيف السياسة وهوامشها عازمين على الفوز بالمتن. كذلك نزلت الأداة الأمنية معصومة العينيين إلى الشارع الرئيسي في المعلا لسحق المحتجين ومطاردتهم إلى الأزقة و"الحافات" الخلفية في واحد من أفظع المشاهد وأكثرها دموية في تاريخ اليمنيين المغمس بالأحزان والمرصع بالأبطال الزائفين.وفي الأثناء يستمر نزيف الأدوات الأخرى للحكم, إذ توالت الاستقالات من عضوية المؤتمر الشعبي العام ( الأداة الحزبية المزدراة شعبياً والمقلل من شأنها في السلطة) ومن الكتلة البرلمانية للمؤتمر والمجالس المحلية في المحافظات فضلاً على عشرات الضباط والجنود من أفراد الجيش والأمن الذين ارتموا في أحضان "الناس العاديين" غير أبهين بالتبعات والعواقب.
جبهة النظام السياسي تتصدع بوتيرة متسارعة خصوصاً بعد انضمام شخصيات وجماعات قبلية إلى الشباب الثائر في ساحات المدن, التي صارت مصانع غزل ونسيج, في رحابها يعيد اليمني اكتشاف ذاته وهويته وإنسانيته. وبفضلها تتوثق عرى الوحدة اليمنية, ببعديها السياسي والوطني.