أدباء في ساحة الحرية

أدباء في ساحة الحرية

ما يجمع بين 3 من الأدباء في صفحة واحدة، ارتباط نشاطهم مع الاحتجاجات التي تطالب بإسقاط النظام، بما حدث لهم.
محيي الدين جرمة:
معنى إسقاط النظام
يعني خروج الشباب لإسقاط نظام مثخن بالفساد الكثير لأديب كتب طويلا، لسنوات كان قرَّاء صحيفة الثوري على موعد مع حديثه السياسي القصير وهو العالم بالشعر طويلا. قبل الخروج كان محيي الدين جرمة أعلن استقالته من اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ضمن محاولاته للتنبيه بوجود خطأ عام جدير بالخروج عليه. فبراير كانت البداية وكان هو أحد المتظاهرين أولئك، فقد تعرض له بلاطجة النظام بالاعتداء أثناء مشاركته في وقفة احتجاجية سلمية مساء الخميس الماضي، أمام جامعة صنعاء. لقد قام البلطجية أيضا بالاعتداء على جرمة داخل سيارة الإسعاف. يقول جرمة: "نزولي للشارع واجب ومشروع بالطبع كوني مواطنا يطلب الحرية والثورة الجديدة والتغيير الجذري عبرها. التظاهر السلمي بمطالب وخيارات واضحة ذلك هو الدرس الذي يفهمه الشعب اليوم. الموقف هنا هو من يصنعنا جميعا ويضمن استعادة كرامة الشعب اليمني التي أهينت طويلا. الشعب اليوم لن يتراجع عن مطالبه مهما بدت من سيناريوهات قد تضمر بشكل أو بآخر وأد فكرة التغيير والثورة الجديدة. هو خيار التحرر إذن بأبعاده وتحولاته.
ويضيف: هناك مطالب دستورية واضحة، أجندة تغيير جذرية شعارها الأساسي توحيد الهتاف الشعبي لكل العناوين السياسية الوطنية والحقوقية والمدنية منها بوعي مدني. المطلب واضح كما تردد جموع المتظاهرين من مختلف الأبعاد الوظيفية والأنساق، الحشود تردد بصوت واحد وإرادة قوية: "الشعب يريد إسقاط النظام".
كمواطن تنزل إلى الشارع لتجد نفسك مواطنا أصيلا ومشرعا وصاحب كرامة ورأي وحرية طالما انتزعت منك. والأصل هنا بمعنى لا يتوجب عبره البحث عن الرجوع إلى أصل سوى ما يفترض أن يكونه "عقد اجتماعي مدني" لدستور مرحلة يكون هو "ولي الأمر"، وبقدر ما يجد المرء نفسه يحلم بمطالب التغيير، فإنها الثورة اليوم أو غدا عاجلا أم آجلا بإزاء دولة النظام والقانون، وليس دولة تحمي كهنوت الحاكم الفرد وفاشية نظامه.
تشعر وأنت تشارك الناس خياراتهم بأنه لا مجال لأية استهانة بقدرات الناس في التغيير. الحرية اليوم تعني حتمية الانعتاق من كهنوت ورهبوت العهد "الجملكي" البائد لصالح حتى وهو ما يزال يكابر بإمبراطورية إعلامه الرسمي التي سقطت في أعين الناس بزيفها وستسقط هي الأخرى قريبا على الواقع، ليتم تحريرها بالرجوع إلى حضانة الشعب. الحرية غدت مطلبا اليوم من أجل بلورة معنى الدولة في مبادئ وغايات الشارع الذي يصنع بخياراته ومطالبه الثورة اليوم. وبمعزل عمن يزعمون "الأمن والاستقرار" فيما هم أحط أعداء الحياة وقيمها العليا في التعايش والمسلك الطبيعي، لأن جوهر الحقيقة ودلالة ما يحدث من "بلطجة" سياسية اليوم على الواقع يعكس ما وصل إليه النظام من انحدار وانحطاط في علاقته بشعبه، بينما يضع النظام نفسه في موقع ماكينة حروب ضد شعبه تستهدف قتل وتنكيل العزل من المواطنين والمتظاهرين سلميا كما دوّن العالم ويدون انتهاكاته كل ساعة ولحظة بلحظة.
ويرى جرمة أن ما يحدث اليوم في الشارع اليمني بخيارات مطالبه التي لا رجعة عنها، لا يستطيع أحد أن ينكر أنه قد سبق ويسبق بوعيه البعيد كل "أدلوجة" سياسية. فعلى صعيد صنع الخيارات، الشعب اليوم بمختلف أبعاده ماضٍ باتجاه إنجاح مطالبه وتحقيق ثورته السلمية. الانقلابي هو من يسرق الشعب ويختطف الدولة ويريد أن يحكم حتى من القبر.
بشرى المقطري:
من المستشفى إلى الساحة
كانت القاصة والناشطة بشرى المقطري إحدى ضحايا إلقاء القنبلة على متظاهرين في ساحة الحرية بمدينة تعز. دخلت على إثره المستشفى، وبعد خروجها توجهت مباشرة إلى ساحة الحرية. هي تعلن أن ثمة حلماً لا يمكن التخلي عن تحقيقه مهما كان الثمن. أعلنت بشرى بداية الاعتصامات عن تأسيس جماعة "ارحلـ" لينضم للجماعة مجموعة من الشباب، والمثقفين، والناشطين. تتجاوز بشرى مرحلة القول إلى مرحلة الفعل، ويبدو الشباب بنظرها بديلا ملهما في مواجهة هزائم تأتي من أي طرف. أصدرت جماعة "ارحلـ" بيانا تضمن دعوات بنقاط ستبقى مستمرة حتى يتم تنفيذها:
"بناءً على قرارات رئيس الجمهورية رفضه للتوريث وعدم ترشحه للرئاسة، ونظراً لأن مصادر القوى لا زالت تتركز بشخص الرئيس وأسرته، وحتى تكون الدعوة ذات مصداقية، لذا ندعو إلى:
• استقالة الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة، وعزل أبنائه ومقربيه من كل مناصب الجيش والدولة والاقتصاد، منهم نجله أحمد وأبناء أخيه طارق ويحيى وعمار وإخوانه علي محسن وعلي صالح الأحمر وعدد من أصهاره.
• استقالة الرئيس من رئاسة المؤتمر الشعبي العام حتى يعود لحجمه الطبيعي في المجتمع بعيداً عن سيطرته على مقاليد الوظيفة والابتعاث والتعليم.
• إقالة وزير الداخلية مطهر رشاد المصري باعتباره رمزاً من رموز الفساد في اليمن، وتقديمه للمحاكمة؛ كونه المتسبب الأول في استمرار اعتقالات المواطنين والطلاب والصحفيين والناشطين في اليمن، وترويعه الآمنين، وعدم احترامه لكرامة الإنسان اليمني، والتحقيق معه في مجمل الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون في الجنوب، ومنها قضية أحمد الدرويش.
• إقالة وزير الإعلام حسن اللوزي، الذي دشن عهداً بوليسياً قمعياً لم تشهده اليمن من قبل، وانتكاساً لقيم حرية التعبير؛ حيث تم مصادرة عشرات الصحف، وإغلاق صحيفة الأيام، وإنشاء محكمة الصحافة سيئة الذكر التي مثل بسببها كثير من الصحفيين للمحاكم، والمطالبة بتقديمه للمحاكمة جراء استغلاله للإعلام الرسمي لإشعال الفتن والتحريض وتخوين أطياف الشعب الواحد.
• إلغاء قانون التظاهر الذي هو قيد على حق التعبير الذي كفله الدستور.
• حل قضية الجنوب مع شركاء الوحدة في الداخل والخارج، وعدم إقصائهم أو تخوينهم كما حدث سابقاً.
• إعادة أراضي وممتلكات الجنوب المنهوبة، وفتح تحقيق في إطلاق النار والاعتقالات غير المشروعة لإخواننا من أبناء الجنوب.
• فتح تحقيق فوري في المجازر الدموية البشعة في صعدة، والتي ذهب فيها خيرة من أبنائنا من الجيش والمواطنين.
• تفعيل مجانية التعليم الجامعي، واستقلال الجامعات، وعدم استخدامها منابر للدفاع عن السلطة، ومحاكمة أعضاء هيئة التدريس الذين يستخدمون الجامعة لترويج أفكار السلطة، وترويع الطلاب ذوي الانتماءات السياسية المختلفة.
• القضاء على البطالة وفق برنامج زمني مدروس وفاعل، وبمشاركة لجنة من الشباب تحقيقاً لمبدأ الشفافية.
• إشراك الشباب في مستقبل اليمن.
ونؤكد على استمرار اعتصامنا حتى يتم الاستجابة لمطالبنا المذكورة".

صلاح الدكاك:
واحد من الناس
يلتقط الشاعر صلاح الدكاك المبادرة، من منا لا يتذكر مبادرته القديمة في عموده "نافخ الكير"؛ يقول إنه يستهدف تلك الشريحة من القراء الذين يروقهم إيقاع رشق نوافذ الأبراج العاجية "بالفتاتير"، وتحطيم مزهريات القصور ومقتنيات الأثرياء، وصفع مؤخرات الساسة.
خلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدينة تعز، والتي كان مشاركا فيها، تعرضت مكالمة هاتفية أجرتها قناة الجزيرة مباشر للاختراق لتحدث عن الاعتصام المستمر منذ أيام كما يقول تحت سقف مطالب المحتجين. وأضاف أنه انتظر وقتاً طويلاً لكنه لم يتلق أي اتصال، وتبين في ما بعد أنه تمت القرصنة على رقم هاتفه وتحويله إلى رقم لشخص مجهول، وبدوره الأخير انتحل اسم الدكاك وتحدث إلى قناة الجزيرة مباشر عن صورة مغايرة تماماً لما يدور على أرض الواقع في اليمن، وامتدح النظام والرئيس علي عبدالله صالح وسياسته في إدارة البلاد. وأضاف: الدكاك أنه تلقى إفادة من قناة الجزيرة في ما بعد أنها انتبهت لما تعرض له من انتحال لاسمه، وحاولت الاتصال به أكثر من مرة، لكنه كان يرد شخص آخر لعدة اتصالات. واتهم الدكاك الأمن والسلطة بالوقوف وراء هذه القرصنة التي قال إنها تريد من وراء ذلك تشويه مواقف الناس وانتحال هوياتهم لنقل صورة معكوسة ومضللة عن الأوضاع الجارية في اليمن.
يقول الدكاك "لقد تجاوز الشباب كل الكيانات، وزادتهم أعمال القمع التي يواجهون بها وتسليط البلطجية وإلقاء القنابل إصراراً على التمسك بمطالبهم، كما بدأ الناس ينضمون إليهم. فقد قرر المحامون الانضمام للاعتصام، والتربويون والأكاديميون والفنانون التشكيليون". هي إشارة واضحة إلى إصرار على المواصلة.