وأخيرا.. رحل الطاغية المصري.. عمنا حسني!

وأخيرا.. رحل الطاغية المصري .. عمنا حسني!

د .  حسين مثنى العاقل
دشنت جماهير الشعب التونسي أحفاد الشاعر الكبير أبو القاسم الشابي، وفي أرض بساط الريح تونس الخضراء، ثورتها السلمية باقتلاع الجلمود المارد والنظام الفاسد من جذوره خلال 27 يوما، والعجيب أنها تجاوزت عدد سنوات الحكم المستبد للمخلوع الأول (زين العابدين بن علي) بأربعة أيام فقط. حيث اعتبرت الثورة التونسية نذيرا لإشعال شرارة الغضب العربي ضد الدكتاتوريات العسكرية والأصنام البشرية المحنطة في الوطن العربي الذي صارت شعوبه مضربا للفقر والتخلف والمجاعات والتدهور الاقتصادي رغم موارده الهائلة التي يعتمد عليها في تأمين واستقرار الأنظمة الرأسمالية في مختلف القارات وبلدان العالم..  ولأن الحال من بعضه، كما يقول إخواننا المصريون، فقد اندفعت الجماهير المصرية في أرض الكنانة، وهبة النيل، وموطن العروبة، وهي: كالطوفان العاصف والموج الهادر لتحتشد بشبابها ورجالها ونسائها وأحزابها السياسية ومنظماتها الحقوقية والإنسانية، ومختلف الشرائح الاجتماعية  التي خرجت إلى شوارع عاصمة المعز (القاهرة) وفي مختلف الميادين والساحات العامة لعواصم المحافظات المصرية والمدن الكبرى، لتعبر عن رفضها القاطع لاستمرارية حكم الطاغية المتبلد والزعيم الممقوت والبطل الكذاب وذي التاريخ الملوث بالفضائح النكراء، المخلوع  الثاني عمنا (محمد حسني مبارك)، والذي صعقت العقول وصدمت الضمائر الإنسانية من حجم ثرواته المالية في البنوك الغربية، والتي تتراوح حسب التقديرات ما بين 40 و70 مليار دولار. وهذا يعني أن الرجل لم يكن رئيسا للشعب المصري، ولكنه أن صحت هذهى المعلومات يعتبر لصا كبيرا ونهابا فظيعا تجاوزت ثرواته العائلية الفاسدة أكثر من المديونية المصرية للخارج والمقدرة بنحو 35 مليار دولار.. وبمعنى آخر إذا كانت سنوات حكم عمنا حسني 30 عاما، فإن عمنا كما يبدو كان يسرق كل عام 2,333.000,000 مليار وثلاث مئة وثلاثة وثلاثين مليون دولار. وعلى القارئ العزيز أن يحسب بدقة كم كان الراتب الشهري للعم المخلوع حسنننننني مبارك.
وبحكم المعاناة والضيم والقهر الذي طال مداه على الشعب المصري، فإنه لم يكن من المستبعد عليه أن يصنع هذه الملحمة التاريخية فيجعل من ميدان التحرير في قلب القاهرة وكبري 6 أكتوبر رمزا من الرموز الدالة على عظة التضحية وعلى مآثر المجد والشموخ لحضارة الاهرامات والقناطر الخيرية وغيرها، حيث امتزجت دماء الشهداء بمياه نهر النيل الخالد، ورسمت الجماهير المصرية بإصرارها وتحديها لوحة الحرية المطرزة بروائع العزة والكرامة، لتسمو فوق جبين التاريح المعاصر وعلى هامات الأبطال قوسا للنصر ليبقى شاهدا على قوة الشعوب عندما تقرر اقتلاع جبروت الطغاة!.
   فإلى أين يا ترى ستلقي بك الجماهر المصممة على رحيلك يا عم حسني ؟. وفي أية مزبلة ستضع فيها حقار أفعالك ؟ من سيستضيف وجهك الملطخ بالعار لما سفكته من دماء الأبرياء، وما سكبته من دموع أمهات وأسر الشهداء وما تزفره أنات وآلام الجرحى بعد كل هذه المآسي والجرائم التي ارتكبتها بحق شعبك وأهلك وناسك يا فارس الفرسان العرب والعجم؟ كيف ستمضي بقية حياتك بعد أن يستعيد الشعب المصري ثرواته المنهوبة، وتجمد الدول والبنوك العالمية أرصدتك وأرصدة أبنائك وزوجتك وأفراد عصابات حزبك ورموز سلطة نظامك الفاسدة ؟. أسئلة متواترة ومترابطة لا ندري كيف ستواجهها في منفاك الاضطراري؟ وكم من المرات ستموت غيظا وكمدا عندما يفيق وعيك ويدرك عقلك أن مصيرك المحتوم قد صار حقيقة، وأن بلطجة الغرور والزيف والخداع لم تجدك نفعا طوال سنواتك المثخنة بالذل والهوان يا أفندم حسني؟!.
   18 يوما فقط ارتجت الأرض تحت قدميك، فتهاوت سقوف القصر وعروش الاستبداد.. ستة 18 يوما يا بن مبارك فقط قلبت رأسك على عقب، فصرت مذموما مطاردا تلاحقك اللعنات ودعوات الشماتة والاحتقار.. حتى وإن قبلت إحدى الدول العربية المجاورة لصديق المخلوع الأول بتغطية عورتك وسمحت بترخيص أو كفالة بقبرك على أرضها قريبا !. فعليك الأمانة أن ترتب لبقية زملائك من الجنرالات والفخامات والفرسان في الفساد والنهب واللصوصية مساكن فاخرة بجوارك لكي تشكلوا مع بعضكم البعض نادياً للديناصورات العربية والاصنام البشرية المنفية، حديقة مسورة بالفضائح، والتي ستزكم الأنوف كلما طال بكم عمر البقاء وما بعد الرحيل الأخير، وعليكم أن تراقبوا عن كثب من سيتولى قصور الخراب على ضفاف نهر النيل من بعدكم، والذي من المؤكد أنه لن يسير على خطاكم المملوءة بالاوحال، أو سيحاول التستر على عدم كشف الأسرار.. وليس لنا من خيار يا عم حسني سوى القول عاش الصمود الاسطوري للشعب المصري، التحية لثورة الشباب والمجد والخلود للشهداء الأبرار.. ولك منا مواساة الوداع إذا أجبرت على الرحيل مكرها.. وعسى أن يتعظ المرشحون من بعدك بألا يكابروا ويستخفوا مثلك بإرادة الجماهير فيقولوا كما قلت قبل 16 يوما بأن "مصر ليست تونس"، ثم يجدوا أنفسهم وعائلاتهم وأموالهم المنهوبة وقد صارت هباءً منثورا !.