حكام... وبلاطجة

حكام... وبلاطجة

سامي غالب
التكرار لا يعلِّم الحكام في العالم العربي! والبلطجة التي استخدمت في الأيام الثلاثة الماضية ضد تظاهرات سلمية في عدة مدن يمنية آية ساطعة على أن السلطة لم تقرأ جيداً الدرسين التونسي والمصري.
 ليس هذا فحسب، بل إن ما تحقق في مصر من انجاز ثوري باهر و فريد أطاح بحكم ديكتاتوري فاسد هو في عقل السلطة اليمنية «أمر لا يشرف مصر ولا أبناءها» حسبما قال يحيى الراعي رئيس مجلس النواب، المعهود بعفويته الشديدة.
 الشعوب العربية تتعلم والحكام المشاغبون «يزوغون» من المدرسة. وصباح أمس أرسل المشاغب اليمني مئات البلاطجة لمنع الشباب اليمني المتشوق للحرية والحياة الكريمة من ممارسة حقه في التعبير.
في عدن وصنعاء وتعز والحديدة نفذ البلاطجة انتهاكات جسيمة ضد شباب من الجنسين، ما يفيد بأن الحكم في اليمن عاجز تماماً عن التكيف مع المتغيرات والمستجدات الأخيرة والتي تقطع بأفول «البلطجة» في العالم العربي.
لم يكتف النظام التونسي بقمع المعارضين والصحفيين والحقوقيين فوق الأراضي التونسية، بل كان يتعقبهم جواً إلى خارج الحدود، مرسلاً بلاطجة من الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية يحملون هويات صحفية أو مدنية أو حقوقية، وذلك لغرض ترويعهم والتنكيل بهم.
وفي مصر تنامي دور البلطجة في الانتخابات البرلمانية دورة تلو أخرى على مدار عقدين حتى بلغ أوجه في الانتخابات الأخيرة (نوفمبر 2010). وهي -أي البلطجة- كانت السلاح، الأخير والبائس، في جعبة الفرعونية السياسية التي انحدرت إلى دور الحضيض في عهد حسني مبارك. وقد تكفل «الشعب المعلم» بدحر الطاغية وبلاطجته نهائياً من أرض مصر.
 إلى البلاطجة الذين اطلقتهم الأجهزة الأمنية وحزب الرئيس اليمني في شوارع وميادين عدن وصنعاء وتعز والحديدة، عاودت السلطة الحاكمة التلويح بسلاح الاقتتال القبلي والمناطقي وهو سلاح تقليدي وأثير لدى الحكام في اليمن الحديث والمعاصر.
وليس هناك ما يوجب الاندهاش لكل من يتابع اللقاءات التي يجريها كبار المسؤولين في الدولة مع بعض الجماعات القبلية بعد ساعات فقط من دعوة الحوار التي وجهها الرئيس صالح إلى احزاب المعارضة.
الشباب اليمني يتشرب قيم العصر ويتعلم استخدام أدواته مستلهماً النموذجين التونسي والمصري، والحاكم يشهر أسلحته التقليدية لأنه أدمن «التزويغ من المدرسة» ويوشك على اللحاق برفيقيه التونسي والمصري.