جثة الدرويش ما زالت في الثلاجة منذ 7 أشهر

جثة الدرويش ما زالت في الثلاجة منذ 7 أشهر

النائب العام لم يهتم بقضيته ل7 أشهر، وحين فعل قام بإعادتها لنقطة الصفر، ولكونه مواطناً جنوبياً لا ينتمي إلى قبيلة شمالية نافذة أو قوية، فإن العدالة ما زالت غير معنية بالالتفات إليه فعلياً...
ماجد المذحجي
شكل قرار النائب العام بخصوص قضية أحمد درويش، المتوفى تحت التعذيب بتاريخ 25 يونيو 2010، صدمة حقيقية لأسرته وللمنظمات والنشطاء الحقوقيين الذين يراقبون مسار القضية، لكون هذا القرار أهمل مساراً قانونياً ناجزاً وحيثيات جلية تؤكد الواقعة الجنائية الجسيمة الحاصلة، من ضمنها تقارير طبية محلية وأخرى خارجية تثبت واقعة التعذيب وكونها سبباً للوفاة، علاوة على كون مضمون القرار النهائي شكل تجلياً فجاً لعدالة متعالية تجاه أسرة تقبع جثة ولدها في الثلاجة منذ 7 أشهر دون أن تحظى باهتمام من رأس العدالة على المستوى الوطني كما يُفترض.
إن قضية درويش تبدو اختباراً حقيقياً لقدرة العدالة على الإنصاف في مواجهة مراكز النفوذ الأمنية التي تحمي أفرادها حين يتحولون لجلادين وقتلة في مواجهة المواطنين، وحين تغض أجهزة العدالة، وعلى رأسها النائب العام، النظر عن رفض الأوامر القهرية الصادرة من النيابة في عدن تجاه المتهمين، والتي لم تنفذ سوى تجاه حارس البحث الجنائي، وتجاهلت الآخرين المنتمين للأمن المركزي، وتقوم لاحقاً بإلغاء المسار القانوني السابق والبدء من جديد بإصدار أمر بتشريح الجثة، فهي ستبدو بالضرورة كخصم يُحاول تمييع القضية وإنهاك أصحاب حق راهنوا على خيار القانون ورفضوا الانسياق وراء أساليب البلطجة.
شكلت هذه القضية رهاناً حقيقياً لأسرة الدرويش كمواطنين جنوبيين بإمكانهم الانتصاف من خصومهم عبر القانون وفي ظل حمايته، ضداً على التأكيد السائد بالمعاملة غير المتساوية للمواطنين الشماليين والجنوبيين، وفي كون الأخيرين هم عرضة دوماً للبلطجة والتعسف وغياب العدالة والمواطنة المتساوية. وليصبح المسار القانوني الطويل الذي قطعته القضية منذ وفاة أحمد درويش تحت التعذيب في سجن البحث الجنائي بعدن، تأكيداً ممتداً على مدى غياب العدالة وتعاليها، وعلى كون أسباب الاحتقان الجنوبي ما زالت حارة وحقيقية، وتدعو للمزيد من الاشتعال.
إن تأكيد غياب العدالة الذي طال أسرة الدرويش كمواطنين جنوبيين تؤكده بشكل ساخر واقعة نظيرة لها شمالاً، حيث قامت وزارة الداخلية أخيراً بتهجير قبيلة همدان في قضية مقتل طالب جامعي ينتمي لها على يد أحد أفراد أمن جامعة صنعاء، هذا حدث بعد أن استنفرت أجهزة النيابة كامل حيوتها وأنجزت القضية في فترة قياسية أحالتها بعدها إلى المحكمة التي أصدرت حكماً ابتدائياً بالإعدام على العنصر الأمني، ليأتي العفو القبلي على الجندي المتهم بتدخل من قبيل رئيس الجمهورية المتابع للقضية من البداية، وبتهجير من وزارة الداخلية. كل ذلك في حدود نفس الفترة الزمنية التي استغرقتها قضية درويش، التي لم تتجاوز بعد إطار النيابة وصولاً إلى المحكمة، لتعاد القضية الآن إلى البداية من قبل النائب العام!
ليس من المفترض على أسرة الدرويش أن تنتمي لقبيلة همدان أو خولان أو سنحان أو أية قبيلة شمالية نافذة لتحظى بالعدالة كما يُفترض، وأن يتم الالتفات لها تبعاً لذلك من وزارة الداخلية والنائب العام أو حتى رئيس الجمهورية. ما يجب أن يحدث من إنصاف وعدالة لأسرة أحمد درويش، هو حق طبيعي لهم يكفله دستور هذه البلاد وقوانينها، علاوة على ضمانة مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، التي صادقت عليها اليمن، لهذا الحق. وعلى قتلة أحمد درويش، وأولئك الذين يحمونهم أو يحولون دون مسار العدالة في قضيته، أن يدركوا حقيقة واحدة: إنها قضية لا تسقط بالتقادم، وسيلاحق من قام بارتكاب هذه الجريمة ومن قام بحمايتهم، سواء تم ذلك هنا على المستوى الوطني، أو خارجياً على المستوى الدولي، حيث أصبحت للعدالة في العالم ذراع تطال جميع القتلة ومنتهكي حقوق الناس أينما كانوا وفي أي وقت مهما تأخر.
Hide Mail