تقرير برلماني:

تقرير برلماني:

شركة الهمداني تبيع أراضي بيضاء، وهذا مخالف لعقود الاستثمار
ومكتب الاستثمار بلحج: الهمداني يسطو على 1500 فدان ويرفض المثول أمام القضاء
مواطنون: الأمن يحمي الشركة في البسط على أراضينا
جمال الصويلحي يشكو اعتداء صاحب "المدينة الخضراء" على أملاكه الخاصة ويناشد رئيس الجمهورية التدخل لإنصافه
*عدن- فؤاد مسعد
في واحد من خطاباته الجماهيرية طالب رئيس الجمهورية بدليل مادي على نهب الأراضي في المحافظات الجنوبية من قبل نافذين، وقال: "أدوا لي أي شخص أخذ حق مواطن..."، وحين سمع ذلك المواطن جمال سالم الصويلحي لم ينتظر طويلا، بل سارع لتقديم الدليل، وبادر لطرح مأساته عبر الصحافة والبرلمان، وناشد رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس مجلس النواب وعلماء ومشائخ اليمن وجميع المنظمات الحقوقية، سرعة التدخل لحسم قضيته، وإعادة حقوقه التي يقول إنها سُلبت منه أكثر من 5 سنين.
أكثر من مرة طرح المواطن المنكوب جمال سالم قضيته، ومفادها أنه قام بشراء أرض مساحتها 100 فدان في مديرية تبن بمحافظة لحج، من ملاكها الشرعيين ورثة آل عبيد، وذلك في مارس 2005، كما قامت شركة الهمداني بشراء 300 فدان من نفس البائعين بجوار الأرض التي اشتراها، بعد 7 أشهر من الشراء، وكل مشترٍ قام بحيازة ما اشتراه وتحديدها بحاجز ترابي من جميع الجهات، وبقيت مساحة فاصلة بين المشتريين تابعة للبائعين، وبعد ذلك قامت شركة الهمداني في إطار توسعها بالاعتداء على أرضه، وبحسب ما ورد في شكوى تقدم بها جمال سالم لمجلس النواب، وقال فيها:
في تاريخ 9/12/2006 تم إرسال مساحين من قبل الشركة للعمل في أرضي بدون أي سابق إنذار أو سبب يذكر، وعندما حاولنا اعتراضهم ومنعهم من العمل أتى طقم الأمن المركزي المتواجد في المدينة الخضراء، وأخذوني ومن معي إلى السجن بالقوة، وأخذوا حراثتنا إلى المدينة الخضراء (مشروع تابع للهمداني) وأودعونا في سجن إدارة أمن المحافظة وكأننا نحن المعتدون. وقمنا بإبلاغ النيابة بالحادثة ولم يتخذ ضدهم أي إجراء.
وفي تاريخ 10/12/2006 قامت جرافات تابعة لشركة الهمداني، ويحميها مسلحون، بإزالة الفاصلة الشرقية لأرضيتي لضمها إلى أرض الهمداني، وقد تم اعتراضهم مرة أخرى، وتم إبلاغ النيابة بالاعتداء، حيث أصدر وكيل النيابة أمراً بتوقيف شركة الهمداني عن العمل في أرضي.
وفي تاريخ 19/12/2006 قامت شركة الهمداني مرة أخرى بالاعتداء على أرضي بالجرافات، يرافقها أشخاص مسلحون قاموا هذه المرة بمسح الفاصل الخارجي للأرض ودفن البئر الموجودة وهدم المسكن وتم طمس معالم الأرض تماماً. ولم يكتفوا بهذا، بل قاموا بضرب الحارس وأخذوا تلفونه عندما حاول الاتصال بنا.
على إثر ذلك قمنا بتكرار الشكوى إلى النيابة التي قامت باستدعاء الأطراف جميعاً والتحقيق في الواقعة مع المعتدين. وقد تم إثبات هذا الاعتداء وبشكل واضح.
تدخل بعض الأشخاص وهم: فضل حيدرة ماطر شقيق الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة، والمحامي أمين كوشاب محامي شركة الهمداني، ووكيل البائعين الشيخ علي مجرب، والعاقل فضل سالم. وقد أسفر هذا التدخل عن اتفاقية صلح بيننا بتاريخ 20/12/2006، تضمنت قيام البائعين بالخروج مع مساحين إلى الأرض ومسح أرض كل واحد من المشتريين وتسليمها إليه. وتعتبر هذه الاتفاقية منهية للخصومة بيننا على أن أقوم بسحب البلاغ الجنائي لدى النيابة، والذي ثبت على شركة الهمداني.
وفعلاً قمت بسحب البلاغ الجنائي بناءً على اتفاقية الصلح الموقعة، وأغلق ملف القضية الجنائية بالتوقيع على محضر أمام عضو النيابة، حيث أصدرت النيابة قرارها بإنهاء القضية، ولكن للأسف لم تنته القضية عند هذا الحد، حيث تبين أن الهمداني كان مقصده من الصلح هو أولاً أن يتهرب من القضية الجنائية التي ثبتت عليه، وثانياً أن يستمر في الاعتداء والسطو على أملاكي، وذلك بفرض سياسة الأمر الواقع، حيث رفض رفضاً قاطعاً خروج المهندسين المساحين، ومن تم الاتفاق عليهم، إلى الأرض، لتنفيذ اتفاقية الصلح الموقعة بيننا، وقام بشق الطرق وتحديد البقع وتسوير الأرض بشبك حديد، ضارباً باتفاقية الصلح عرض الحائط.
يضيف جمال قائلا: عندما عدت إلى النيابة لإبلاغها بما حصل رفضت النيابة التجاوب معنا على أساس أن الصلح الذي تم توقيعه منهٍ للخصومة والمنازعة بين أطرافه، وقد تم تأييده من قبل محكمة الاستئناف ومحكمة النقض التي اعتبرت جميعها اتفاقية الصلح منهية للخصومة. وفي الوقت نفسه رفضت شركة الهمداني رفضاً قاطعاً تنفيذ الصلح على أرض الواقع.
عندها تقدمنا إلى المجلس المحلي بتبن بشكوى ضد شركة الهمداني، مطالبين بتوقيف أعمال الاستيلاء على أرضيتي وتنفيذ اتفاقية الصلح الموقعة بيننا. وقد قامت الهيئة الإدارية بمديرية تبن بتوجيه مذكرة إلى محافظ المحافظة بتاريخ 27/5/2007، تطلب فيها وقف الاعتداءات والاستحداثات في أرضيتي، وطلبت تشكيل لجنة خاصة تقوم بالإشراف على عمل المهندسين لتنفيذ اتفاقية الصلح، حيث قام المحافظ بالتوجيه إلى الأمن بوقف الاعتداء حتى يتم حل القضية، ولكن لم يتم تنفيذ أي شيء.
كما قام الأخ الأمين العام علي حيدرة ماطر بالتوجيه إلى الأمن بتوقيف العمل حتى تعالج المشكلة، وذلك في تاريخ 13/5/2007، وقام الأمن بتوجيه مذكرة في 20/5/2007 إلى مصلحة الأراضي، مطالباً بانتداب مهندسين للنزول إلى الأرض للفصل بين الطرفين بموجب اتفاقية الصلح وعقود البيع، ولكن لم يتم أي شيء من ذلك.
بعدها أصدر الأمين العام لمديرية تبن أمرا إداريا بتشكيل لجنة مختصة بالنزول لتنفيذ اتفاقية الصلح، وتم إشعار ممثل شركة الهمداني بهذا النزول، وقد تفاجأت قيادة مديرية تبن ونحن كذلك بتدخل رؤساء اللجان في محلي المحافظة، حيث قاموا بالنزول من تلقاء أنفسهم، وبدون إشعارنا، ورفعوا تقريرا تحيزوا فيه بشكل واضح لشركة الهمداني، حيث أعطوه الحق بالاستمرار في العمل في أرضيتي بدون أي مبرر قانوني أو شرعي سوى أنه مستثمر، ولأنه باسط على الأرض، رغم أن البسط قائم بالاعتماد على القوة، وبحماية الأطقم العسكرية. وقد رفض المجلس المحلي بتبن قرار لجنة المحافظة، وأدان تدخلها في أعماله، وقد تم عقد اجتماع استثنائي للمجلس المحلي بتبن أسفر عنه إصدار قرار رقم 2 لسنة 2007 بشأن تنفيذ اتفاقية الصلح المبرمة بين الطرفين، وهذا استناداً إلى القوانين النافذة التي تعتبر أن قرارات اللجان المناط بها حل الخلافات من السندات التنفيذية الواجبة النفاذ، ولكن ومنذ تلك الفترة لم يتم تنفيذ أي أمر سواء للنيابة أو للسلطة المحلية، نتيجة لتواطؤ المتنفذين مع شركة الهمداني.
وفي الشكوى ذاتها يضيف جمال الصويلحي: تقدمت برسالة إلى مكتب الاستثمار بالاعتراض على الإجراءات التي تتم لصالح شركة الهمداني في أرضيتي، وقد علق مكتب الاستثمار على الشكوى مطالباً السلطة المحلية في تبن بالإفادة عن القضية، وأوضحت له السلطة المحلية القضية من بدايتها حتى نهايتها بالتفصيل، وطالبنا بحماية حقوق المواطنين من المتنفذين، ولكن لم يتم عمل أي شيء، وظل في موقف المتفرج.
يختم قائلا: لقد أصبحت هذه القضية قضية رأي عام وتداولتها عدة صحف أهلية وحزبية، وناشدت كل القيادات في بلادنا من ضمنهم مجلس النواب عبر الصحف، إلا أني لم أجد أي تفاعل أو تجاوب مع قضيتي.
مشائخ وعقال ووجاهات مديرية تبن وجهوا بدورهم شكوى للبرلمان بذات الشأن، ختموها بالقول: "نطالبكم بحق الإسلام والوحدة والثورة، أن تعملوا على إنصاف أخينا واسترجاع حقوقه..".
ومن جهته، كلف مجلس النواب لجنة الخدمات بالنزول الميداني لتقصي الحقائق بشأن الشكوى، وشكلت اللجنة لجنة مصغرة قامت خلال الفترة من 3 إلى 6/1/2010، بالنزول الميداني للمحافظة، حيث عقدت اجتماعاً مع المحافظ والمسؤولين المختصين في المحافظة. وبعد سماع اللجنة لشكوى جمال سالم استمعت لمحامي جمال الهمداني الذي اكتفى بالقول: "إن الشركة لم تأخذ أموال أحد، وإنها قامت فقط بشراء الأرض من ملاكها، وأن على الشاكي العودة إلى من باع له".
كما أوضح مدير مكتب الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، أن المكتب لا يعترف بملكية هذه الأرض سواءً لورثة آل عبيد أو للهمداني أو لجمال سالم، وأنه يعتبرها من أملاك الدولة، وكون الهمداني قد قام بالبسط الفعلي عليها، وبدأ العمل فيها، فإن المكتب قد أقام دعوى قضائية يتهم فيها شركة الهمداني بالسطو على مساحة 1500 فدان من أملاك الدولة بدون أي مبرر قانوني، وأن شركة الهمداني ترفض المثول أمام القضاء من أجل حل القضية، وأن هناك أمر إحضار قهري لشركة الهمداني لإجبارها على المثول أمام القضاء، ولكن الشركة لم تتجاوب حتى الآن، وسيقوم المكتب بالمتابعة حتى تمثل الشركة أمام القضاء.
وفي تقريرها المرفوع لمجلس النواب أشارت اللجنة إلى أنه تم التوضيح من قبل المسؤولين بأن شركة الهمداني تقوم بمخالفة عقدها الاستثماري الممنوح لها للمرحلتين الأولى والثانية، وذلك بالقيام ببيعها أجزاء من الأرض المتنازع عليها، وهي المائة فدان التي اشتراها جمال سالم، قبل أن يتم حل المشكلة بشكل نهائي.
وفي استعراضها للملاحظات التي وجدتها أثناء نزولها للمحافظة، ترى اللجنة "أن قيام شركة الهمداني بتسوية أرض جمال سالم وضمها إليها، وإلغاء الحدود الفاصلة والبناء عليها، وهدم الغرفة ودفن البئر التي في الأرض يعتبر اعتداء على أملاك خاصة، لم تجد اللجنة له أي مبرر على الإطلاق".
كما لاحظت اللجنة أن هناك تقصيراً شديداً من قبل السلطات المحلية في عدم إنصاف الشاكي، حيث "تكرر الاعتداء عليه عدة مرات، ورغم إبلاغه للنيابة وللجهات الأمنية وللسلطات المحلية، إلا أنه لم يتم عمل أي شيء لإنصافه، بل استمر العمل في أرض الشاكي من قبل شركة الهمداني وتحت حراسة الأطقم العسكرية طوال الفترة الماضية".
ولاحظت اللجنة أن مكتب الهيئة العامة للأراضي قد تقدم بدعوى قضائية ضد شركة الهمداني يتهمها فيها بالبسط والاستيلاء على 1500 فدان من أملاك الدولة، وأن الشركة لا تبدي أي تجاوب مع هذه الدعوى، مع العلم أن مساحة ال300 فدان التي اشترتها شركة الهمداني من آل عبيد، وكذلك مساحة ال100 فدان التي اشتراها جمال سالم هي من ضمن المساحة التي يعتبرها مكتب الهيئة العامة للأراضي من أملاك الدولة.
ولاحظت أيضا أن شركة الهمداني لديها عقود استثمار في المرحلتين الأولى والثانية، أما المرحلتان الثالثة والرابعة فليس لها أي عقود، كما أن الشركة تقوم ببيع أراضٍ في المشروع بيضاء، وهذا مخالف لعقود الاستثمار التي تنص على بناء مساكن وليس قطع أراض.
وتقول اللجنة في تقريرها: "أثناء النزول الميداني تقدم للجنة العديد من المواطنين بشكاوى ضد شركة الهمداني، تضمنت قيامها بالاستيلاء على أملاكهم، ولكن اللجنة اعتذرت لهم بأنها مكلفة بقضية محددة ومحالة لها من هيئة رئاسة المجلس، ولا تستطيع التوسع في عملها حتى لا تخرج عن الإطار المكلفة به، ونصحتهم بالتوجه بالشكوى إلى الجهات المختصة أو هيئة رئاسة مجلس النواب، وإحالة الشكوى للجنة رسمياً.
وأوصت اللجنة بـ"تشكيل لجنة خاصة من المجلس لفحص جميع أعمال شركة الهمداني للتحقق من التزام الشركة بالعقود الاستثمارية التي منحت لها، وكذلك التحقيق في الشكاوى الأخرى من المواطنين الذين يدعون أن الشركة قامت بالبسط على أراضيهم، وكذا التحقيق في ادعاء المواطنين بأن الجهات الأمنية تقوم بتسخير نفسها لحماية الشركة عند قيامها بالبسط على أراضي وأملاك الغير".