في حق اليمنيين بـ"فريق"!

في حق اليمنيين بـ"فريق"!

منصور هائل
يستحق المنتخب الوطني الكويتي لكرة القدم أحر التحايا والتهاني لفوزه بالنسخة ال20 من كأس الخليج، وهو فوز لا يرتبط بواقع أن هذا الفريق المميز أحرز الفوز لأنه استفاد من فرصة اللعب على أرضه ووسط جمهوره فحسب، وإنما لأنه استطاع أن يصدح بذلك النشيد الذي يردد ويعيد أن لعبة كرة القدم صارت من المؤشرات المهمة ووحدات القياس اللافتة لمستوى التطور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، بل الحضاري بصفة عامة لأي بلد، فهي صناعة بالمعنى التقني للكلمة وبالمعنى الواسع أيضاً، علاوة على أنها ثقافة وتربية ومهارة وخبرة واقتدار وبيئة حاضنة، ولياقة بدنية وذهنية ونفسية وانفتاح واقتدار و... وغير ذلك من الشروط والمقدمات التي تهيأت وأثمرت في دولة الكويت التي تستحق، هي الأخرى، كل التقدير والمحبة على هذا المنجز المبهج والمثير للمسرة والفرح، والجدير بالثناء والاحتفاء.
ويكفي أن تقديم الكأس لفريق الكويت الفائز بكأس دورة الشهيد فهد الأحمد الصباح، من قبل رئيس الجمهورية اليمنية، وهو الشهيد الأبرز للغزو العراقي الغاشم في أغسطس 1990، قد انطوى على أكثر من اعتذار ورد اعتبار للكويت من نافذة كرة القدم التي أضحت من رهانات التجسير الفارقة للعلاقات بين الدول والشعوب في عالم اليوم.
وفي العموم، تمكنت منافسات خليجي 20 من تخليق مناخات نفسية وذهنية تغوي الناس بالمرح، وتدهيهم على استعادة ما تمزق وتهتك واحترق من خيوط الأمل في طواياهم وحناياهم غير المرئية.
واستطاعت هذه المنافسات والمناخات حفز خلايا الأفراح والمسرات التي كانت نائمة، خامدة، وملفوفة بالسخام والرماد، وأظهرت للعيان أن الجمهور في اليمن والشعب -إن شئتم- يستطيع فتح ثغرة كبيرة في جدار الانسداد السميك، وتبديد ليل الكوابيس، وهو يستحق شرف الاستضافة من قبل اتحاد "الفيفا"، وأن يكون ضيف الشرف، وفي صدارة النظارة والمشجعين للفرق التي سوف تتبارى وتتنافس على كأس العالم، بعد أقل من 4 أعوام في بلاد السامبا والقرنفل: البرازيل.
وفي كل الأحوال، يجدر بأحزاب و"قبائل وشعوبـ" اليمن أن تلتقط هذه الانفراجة التي انفسحت بفضل وفعل خليجي 20، وتكون كـ"القابض على جمرة"، وينبغي أن تحرص على توسيع هذه الانفراجة، ولجم أسباب ومظاهر ودواعي التدهور والانفجار التي تحيق بالبلاد من كل قصر ودار ومربع ومخضرية!
إن ترشيد وتوسيع جملة هذه الانفراجة التي نزلت علينا من السماء، وتحققت بما يشبه "المعجزة"، يدعو كافة "الفرقاء" في ملعب السياسة، وفي صدارتهم الحزب "الحاكم"، أن يرتقوا إلى مستوى هذا الجمهور الطيب الصابر، ويتدارسوا في إمكانية ترك الملعب لغيرهم، فالبلاد صارت في أحوج ما تكون لفريق آخر، مغاير، وجديد تماماً يلعب في السياسة والاقتصاد والتربية والاجتماع، ويستقطر الفريق المناسب لمنتخب اليمن القادم في كرة القدم.
ذلك أنه لم يعد في الوقت متسع، ولا في العمر بقية لتسيد (طاعون) المتنفذين الفاسدين الذين يتدخلون في صلاحيات مدرب فريق كرة القدم الأجنبي -مثلاً- ويفرضون عليه القواعد واللاعبين تبعاً لمنطق التراتب والنفوذ القبلي، لأن كرة القدم، كانت في الأصل، وستظل، لعبة مرتبطة بالمدنية، وقائمة على قواعد وشيجة الصلة بالمدينة، ولا يجوز بالمطلق أن تدار بمعايير الذهنية القبيلية، وغيرها من معايير الكائنات الانتروبولوجية المتغولة في هذه البلاد، والمنتمية لزمن: ما قبل كرة القدم وما قبل السياسة.