مكلابة

مكلابة

نعمان قائد سيف
رغم أن لدى السلطة قوات أمنية هائلة ومدربة ومجهزة بأدوات قمع وتلصص حديثة وقديمة، إلا أن هاجس تخوفها من الاحتمالات السيئة، استبد بها كثيراً، أثناء تحضيرها بتكلف، وفي أجواء استثنائية، لخليجي 20، حتى إنها كما يبدو شكّت بقدرات، وربما ولاء أفرادها العلنيين والسريين، فما كان منها تحوطاً إلا الاستعانة بصديق، كي تكسب الجولة بلا منغصات، فاستوردت بدون مناقصة كلاباً بوليسية لتأمين الملاعب والفنادق، والأماكن التي لها علاقة بالبطولة الحصرية!
ما لفت الانتباه -في ظل شحة الإمكانيات- ثمن الصفقة البالغ نصف مليار ريال، بواقع 5 ملايين ريال لكل كلب، كما أورد الخبر موقع محلي قبل أسبوع، استناداً لمصدر أمني مسؤول، علماً أنه جرى نفي خبر مماثل قبل أشهر، فيما تأكد لمواطني عدن صحة المعلومة في حينه، حيث شاهدوا كلاباً بوليسية (مربربة) تتشمم أماكن مختلفة من المدينة أثناء إحدى زيارات الرئيس الأخيرة، ولم يثبت وقتها عملياً وإعلامياً صحة الأوهام الأمنية!
إن رصد 500 مليون ريال ثمناً ل100 كلب، كلفة باهظة ولها تبعاتها طبعاً، قياساً لقدرات البلاد المالية كما يعرف الداخل والخارج، وإن كان الاثنان يعلمان أن حماية العرش الجمهوري بعد نصف قرن على الثورة تكبد خزينة الدولة الفقيرة الكثير مما لا يمكن تخمينه على وجه الدقة، حيث إن نفقات مؤسسات القمع شبه سرية، وصفقات الأسلحة والعتاد غالباً ما تكون مفاجئة، وعادة ما تبدأ بنشر أخبارها الصحافة العالمية، ومن ثم نحتج، ويا جبل ما يهزك ريح، والروائح تفوح!
بالمناسبة، قبل عقد من الزمن، تعرفت على مسنة أجنبية، ضئيلة الحجم، كادحة المظهر في أحد أسواق صنعاء، بعد أن أثارت فضولي، حيث شاهدتها مرات وهي تقوم بجمع بعض مخلفات الذبائح، وبسؤالي لدافعها، أخبرتني أنها مهتمة بتربية الكلاب وبيعها، وقد صادفتها آخر مرة في أحد شوارع العاصمة قبل أشهر، تحمل سلة رزقها بالحلال. فلو كنت أعرف أن الحكومة ستستورد كلاباً من الخارج بالعملة الصعبة أو السهلة، لنصحتها اضطراراً بمخاطبة الصديقة العجوز، وطلب مساعدتها، وإبرام اتفاق معها يقضي بتدريب وتجهيز العدد المطلوب من بين كلاب اليمن الضالة والمتوفرة بكثرة، وأكيد بينها ما يصلح، وحسب الحاجة والخوف. وقطعاً سوف تكون الكلفة منخفضة جداً مقارنة بفاتورة ما يمكن استيراده مع احتساب العمولة، لأن العقد الذي سيبرم مع المربية (المدربة) محلي بحكم إقامتها في البلد، والأهم من ذلك سوف تحصل الحكومة على كلاب وطنية أوفى وأشرس بنسبة 99.9?، وستشكل إضافة نوعية، إلى جانب قوام المنظمات والمنتديات والهيئات المكلفة والممولة رسمياً بالدفاع عن الحكم الفاسد والفاشل باسم الوحدة. ومن لا تعجبه سياسة (المكلابة) قطعاً انفصالي أو حاقد ويستحق النباح عليه!