قراءة للمشهد الانتخابي في صعدة واتجاهاته

قراءة للمشهد الانتخابي في صعدة واتجاهاته

- صعدة - فاضل محسن محمد الشرفي
المشهد الانتخابي في صعدة هذه المرّة يبدو مخالفاً للمشاهد السابقة وإذا كان هناك إجماع من قبل القوى السياسية والمعارضة اليمنية بأن العملية الديمقراطية قد تراخت وتراجعت عما كانت عليه قبل العام 1994 بفعل نكوص الحزب الحاكم عنها من خلال تفرده بالسلطة وإقصاء شركاء الديمقراطية، فإن العملية السياسية والديمقراطية في صعدة قد ماتت واستكملت مراسيم الدفن في جنازة غير معلنة. والمتابع لمجريات الساحة اليمنية وما تشهده من حراك إنتخابي جماهيري وتنافس قوي بين مرشح المؤتمر من جهة ومرشح اللقاء المشترك من جهة أخرى يدرك أن الوضع في صعدة يختلف تماماً عما عليه باقي المحافظات الأخرى.
وكل ما تشهده صعدة هذه الأيام من حراك انتخابي بالنسبة للمجالس المحلية لا يعدو كونه تنافس مؤتمرياً في جميع الدوائر والمراكز الانتخابية فمن لم يُقر ترشيحه بإسم المؤتمر قدم نفسه مرشحاً بصفة مستقلة؛ الأمر الذي أدى إلى تأزم وانقسام داخل صفوف المؤتمر الشعبي العام ومن المتوقع ان تشهد الايام المقبلة قرارات التجميد والإقالة من عضوية المؤتمر لمن يعتبرون مناوئين ومنافسين له من داخل صفوفه وقياداته.
أما على صعيد الانتخابات الرئاسية فهي تسير ببطء وتثاقل وسط برود وجمود شعبي له مسبباته، عدا بعض التحركات الخفيفة للمؤتمر تجاه مرشحه أو للإصلاح وهي أكبر مناصرة للمهندس فيصل بن شملان.
وقد أرجع عدد من المراقبين والمطلعين على المشهد الانتخابي في صعدة وما يمر به من برود وجمود وعدم تأثر أو تفاعل إلى ما شهدته صعدة من أحداث وحروب طويلة خلال العامين الماضيين، مازالت ملفاتها عالقة إلى الآن بين النظام وأنصار الحوثي؛ كون الأخيرين كانوا يعتبرون القوة المنافسة للمؤتمر والإصلاح. ففي العام 1993 كان لحزب الحق مقعدان وحيدان في البرلمان. الأول يشغله حسين بدر الدين الحوثي عن مديرية حيدان والثاني عبدالله عيظة الرزامي عن «كتاف». وفي العام 1997 إنشق بدر الدين الحوثي نائب رئيس حزب الحق وولده حسين والرزامي وانصارهما عن الحزب وشكلوا تياراً مستقلاً له ثقله في صعدة. وفي العام 2003م حصلوا على ثلاثة مقاعد برلمانية انتزعت من المؤتمر والإصلاح في ثلاث دوائر انتخابية هي: «ساقين» «رازح» «مجز»، إنضموا للمؤتمر بعد شروط وتعهدات قطعها لهم سرعان ما نكص عنها وأعلن الحرب عليها في العام 2004م، ورغم زيارة الرئيس للمحافظة الاسبوع الماضي وتدشين حملته الإنتخابية منها، إلا أنه لم يستطع إعادة الحياة للديمقراطية والدفع بها إلى الأمام أو للتفاعل معه ومع حزبه، بفعل ما شهدته المحافظة من إحتراب واقتتال لم يقتصر على الجانب العسكري وحسب بل تعداه إلى حرب طائفية ومذهبية أفضت إلى السيطرة على المساجد الزيدية وإيكالها لعناصر سلفية وإغلاق مراكز وحلقات التدريس ومنع الاحتفال بالشعائر الدينية وممارستها (كعيد الغدير مثلاً)، وهناك من يعتبر حزب الإصلاح، وهو أكبر احزاب اللقاء المشترك، طرفاً في الأحداث وحليفاً للمؤتمر الشعبي العام مما يجعل الرهان على «الزيدية» في صعدة رهاناً خاسراً فلا الرئيس وحزبه بقادر على ذلك ولا احزاب اللقاء المشترك ايضاً.
مما جعل الصراع والتنافس على المجالس المحلية محصوراً بين المؤتمريين أنفسهم..مع المستقلين المؤتمريين وبعضهم من قياداته في بعض الدوائر الانتخابية إذ لا يوجد غيرهم في الساحة، ولم يتقدم أي حزب بمرشحين ولا في دائرة انتخابية.
أما بالنسبة للانتخابات فإنها محصورة بين المؤتمر ومرشحه وبين الاصلاح ومرشحه وهو تحرك بطيئ وتنافس خفيف مقصور على بعض الدوائر فقط.
أما من كانوا يمثلون تياراً مستقلاً منافساً للمؤتمر والإصلاح، والمعروفون اليوم باسم «أنصار الحوثي» فمنهم مبعدون في الجبال وقسم ما زال في السجون وهم ومن يؤيديهم لا يعيرون هذه العملية أي إهتمام وموقفهم في هذه اللحظة غير معلن بل هم يسيرون في اتجاه المقاطعة فلا هم مع ولا ضد، لا مع صالح ولا ضد ابن شملان وإذا كان هناك مشاركة للبعض فقد تكون في صالح الأخير قناعة ولدتها ثلاث حروب متتابعة في أقل من عامين.