عمال مصافي عدن.. 20 عاماً في انتظار الوعود

عمال مصافي عدن.. 20 عاماً في انتظار الوعود

طالبوا رئيس الجمهورية بإنقاذ مشروع "الصالح" من الفشل وحماية أرضهم من الضياع
عدن- فؤاد مسعد
بدأت معاناة عمال وموظفي شركة مصافي عدن، منذ فترة طويلة، ولا يبدو أنها ستنتهي في القريب العاجل، كما كانوا يؤملون بحسب الوعود الكثيرة التي كانت تمطر عليهم من إدارة الشركة والجمعية السكنية التي حملت على كاهلها مهمة تأمين مساكن للعمال، أو هكذا يفترض، خصوصا وأنه يتم استقطاع جزء من مرتباتهم لهذا الغرض منذ ما يقارب 20 سنة.
عند لقائنا بعدد من العمال، الأسبوع الفائت، بدا أن لديهم كثيرا من الهموم تؤرقهم، وفي المقدمة تأتي مشكلة المساكن، سيما بعدما تطور الموقف ورفع العمال أصواتهم شاكين من التجاوزات التي يقولون إنها تُرتكب من قبل الجمعية السكنية لعمال المصافي، حيث طالب أعضاء الجمعية العمومية للجمعية السكنية نيابة استئناف الأموال العامة بعدن بالتحرز على الأراضي والمساكن التي تم بناؤها فوق الأرضية التابعة للجمعية بطريقة وصفوها بالمخالفة. كما طالبوا النيابة بالتحرز على الوثائق الخاصة بالجمعية، مطالبين بإعلان قضائي يتم بموجبه توثيق أية عملية يراد بها التدليس على الأعضاء أو غيرهم، واتخاذ أي إجراء تراه النيابة مناسبا.
بدورها وجهت نيابة الاستئناف مذكرة إلى مدير عام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في عدن، للنزول الميداني والفحص في الهيئة الإدارية للجمعية السكنية لعمال المصافي، وهو ما ينتظره العمال بفارغ الصبر.
وكان أعضاء الجمعية السكنية للمصافي نفذوا اعتصاما سلميا ناشدوا فيه رئيس الجمهورية إنقاذ مشروعهم من الفشل، وحماية أرضهم من الضياع، خصوصا والمشروع يحمل اسم "مشروع مدينة الصالح".
وذكروا في مناشدتهم التي وجهوها قبل أسابيع، أنه خلال 20 عاماً لم تنفذ توجيهاته، ولم يتم العمل بها إلى يومنا هذا، حيث لم يقدم الدعم من الشركة لتنفيذ وإنجاز المشروع، بل إنه تحول من تعاوني إلى استثماري. وكذلك لم تصرف عقود الملكية للعمال سواء أكانوا من المشتركين أو العمال الجدد، فكلهم من ذوي الدخل المحدود، ويستحقون صرف بقعة أرض، حسب البيان الذي طالب فيه العمال رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تقصي الحقائق ومحاسبة من ارتكبوا الأخطاء والتجاوزات بحق المشروع والعمال الذين استنكروا وعبروا عن رفضهم ما قامت به الهيئة الإدارية للجمعية من أعمال بناء دون موافقة مسبقة من الأعضاء، وأكدوا أنهم غير ملزمين بذلك الإجراء غير المتفق عليه من قبل الجميع عند البدء بتنفيذ المشروع.
بالإضافة لذلك، فإن العمال ناشدوا رئيس الجمهورية التدخل لإيقاف الظلم الذي قالوا إنه لحق بهم بتغيير المشروع السكني إلى مشروع استثماري لا يستطيعون مجاراته. وذكروا في مناشدة تزامنت مع زيارة رئيس الجمهورية للمصافي، أنه تم الالتفاف على المشروع من خلال الاستبيان الذي وزعته الجمعية على الأعضاء، ويطالب بمبالغ خيالية ثمنا للمساكن.
العمال يشكون من ارتفاع تكلفة تلك المساكن رغم رداءة العمل وافتقاره للجودة المطلوبة في المساكن التي تنشئها الشركات المستثمرة في المجال العقاري. يقول أحدهم: لا فرق بين ما تقوم به الجمعية أو أية شركة استثمارية، باستثناء فارق واحد هو أن ما تنشئه الجمعية من مبانٍ ليست بالمستوى المأمول، إذ يلاحظ أنه تم بناؤها ولا يزال بطرق يرون أنها غير مطابقة للمواصفات التي تنشأ على أساسها المدن السكنية.
وذكروا أن الاستبيان حدد عليهم تسليم مبالغ تتراوح بين 18 و29 ألف دولار للسكن الواحد، مؤكدين أنهم لا يستطيعون تسديدها كونها أكبر من إمكاناتهم المادية المتواضعة.
رفض العمال الاستبيان ووصفوه بالمجحف كونه لا يلبي طموحاتهم، ولا يراعي قدراتهم المالية البسيطة، ورفعوا مذكرة لإدارة المصافي طالبوا فيها بوقف البناء حتى يتم إيجاد حلول مناسبة، ويعاد المنسحبون، ويتم استيعاب العمال الجدد، مشيرين إلى أن الأسعار التي تضمنها الاستبيان تفوق أسعار الشركات العقارية، ناهيك عن كونه يفتقر للجودة.
وفي سياق التبرم من الأوضاع السائدة، يشير أحمد رجب، الناشط النقابي في المصافي، إلى أن الجمعية السكنية التي تقوم بالبناء منذ 2008، انقضت فترتها القانونية قبل سنوات، ويتساءل عن سبب سكوت الجهات المعنية في مكتب الشؤون الاجتماعية، عن هذه المخالفة، ومواصلة التعامل من قبلها مع الهيئة الإدارية رغم مرور أكثر من 8 سنين على انتهاء فترتها المحددة في قانون الجمعيات. وبحسب إدارة الجمعيات بمكتب الشؤون الاجتماعية بمحافظة عدن التي وجهت مذكرة للهيئة الإدارية للجمعية، فإن الهيئة الإدارية الحالية انتهت الفترة القانونية لها في فبراير 2008، حيث طالبت إدارة الجمعيات قيادة الجمعية بعقد الاجتماع الانتخابي لانتخاب قيادة جديدة في فترة لا تتجاوز نهاية شهر فبراير 2008.
الأسبوع الفائت؛ جدد عمال المصافي مطالبتهم رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة للتحقيق في ما تقوم به الجمعية السكنية التابعة للمصافي من ممارسات يرون فيها عبثا وتلاعبا بالمال العام والحقوق الخاصة والمكتسبة للعمال الذين أنفقوا سنوات طويلة من أعمارهم وهم ينتظرون الوفاء بجانب مما وعدتهم به إدارة الشركة وقيادة الجمعية، حيث يرون أن انتظارهم طال بلا طائل، إذ كان من المتوقع أن تباشر الجمعية صرف المساكن للعمال حسب الالتزامات، وبموجب استقطاعات بدأت منذ ما يقارب 20 سنة، إلا أن الجمعية التي بخلت عليهم في توزيع العقود، طالما كانت كريمة معهم في ما يتعلق بتوزيع الاستبيانات التي تفاجئ العمال بين فترة وأخرى بأسعارها الباهظة التي ترهق كواهلهم المثقلة بهموم ومتاعب أخرى كثيرة.
يقول أحد موظفي المصافي إن مثل هذه الممارسات الخاطئة تؤدي إلى إخراج الناس للشارع نتيجة وصولهم إلى درجة اليأس من إمكانية أي إصلاح إزاء تلك الممارسات التي يقول إنها تستهتر بحقوقهم لإرضاء قلة من الفاسدين.
الحكومة وجهت بمنح قطعة أرض لكل موظف باستثناء موظفي المصافي، بحسب ما يقول أحد عمال المصافي المنتسبين للجمعية السكنية، الذين لم يجدوا غير وعود لم تجد طريقها نحوهم، على الرغم من كونهم يعملون في منشأة نفطية، وحين تصور العمال أن أحلامهم أوشكت أن تتحقق فوجئوا بكثير من العوائق التي تبدأ بالأسعار الباهظة للمساكن بحسب الاستبيان الموزع على أعضاء الجمعية.
أعضاء الجمعية البالغ عددهم 2000 بعد انسحاب 1200، ذكروا في شكواهم أنه يتم العبث بأموال وأراضي الجمعية السكنية لعمال المصافي، وتمارس الجمعية التسويف والمماطلة في المشروع، وعدم توزيع العقود الفردية أو استخراج العقد الأم للأرضية، أو أي تراخيص بشأن ذلك. كما ذكرت الشكوى أنه لم يتم تصفية الحسابات المالية للجمعية، ولم تتم الانتخابات منذ العام 1997. وتشير إلى عدد من المخالفات للوائح وأنظمة مكتب الشؤون الاجتماعية والجمعيات السكنية.
ويدير الجمعية المدير السابق للمصافي فتحي سالم الذي بدأت نيابة الأموال العامة بعدن التحقيق معه واثنين آخرين في إدارة المصافي، في أبريل الماضي، على خلفية اتهامهم بقضايا فساد أحالتها هيئة مكافحة الفساد للنائب العام، تضمنت الاتهامات استيراد شحنة من البنزين قالت الهيئة إنه ملوث بمادة الاكسجينت السامة، إضافة لاتهام إدارة المصافي بأنها كبدت الخزينة العامة للدولة ما يزيد عن ملياري ريال.
محمد المسيبلي، رئيس نقابة عمال المصافي، قال لـ"النداء" إن النقابة تقف ضد أية محاولة لاستهداف المصافي كشركة وطنية. وكشف في حديث سابق لـ"النداء" عما أسماها بالهجمات التي قال إنها بدأت بمحاولة أخذ ميناء الزيت من شركة مصافي عدن، وتسليمه إلى هيئة موانئ عدن منذ فترة، إلا أن هذا الإجراء تم إيقافه مؤخرا، حسب قوله.
وأكد أن النقابة يهمها مصلحة الموظفين والعمال في المصافي. وبخصوص كمية البنزين المستوردة قال المسيبلي إن القضية منظورة في المحكمة، معربا عن ثقته بكفاءة القضاء ونزاهته.
وكان صدر قرار جمهوري، مطلع مارس الماضي، بتعيين نجيب منصور العوج مديرا عاما تنفيذيا لشركة مصافي عدن، خلفا لفتحي سالم الذي حملته التقارير مسؤولية الاختلالات الموجودة في المصافي.
وكانت وسائل إعلام رسمية تناقلت قبل ذلك بشهر تقريبا، خبراً مفاده صدور توجيهات من رئيس مجلس الوزراء تقضي بإغلاق الملف المرفوع ضد مصافي عدن، بعد الاطلاع على تقرير شركة انترتك الفاحصة، التي كلفتها الحكومة بفحص الشحنة (كمية البنزين التي تحاكم بسببها إدارة المصافي)، والتي أكدت سلامتها. وخلص التقرير الذي أشارت إليه الحكومة، إلى أن الوقود المستورد مطابق للمواصفات العالمية القياسية المتعارف عليها للنفط الذي يستخدم كوقود.