اقراء في ملعب النداء

اقراء في ملعب النداء

قد لا يتصور عاقل أنه تم اعتراض طريق الكابتن خالد عفارة عريس تلك الليلة ومنعه من الدخول من قبل أفراد أمن الملعب الذين سيطرت علامات الغضب على وجوههم!
مطالبات خليجية بـ"تقرير مصير" خلجيي 20
وقبائل ملف البطولة: "ارحبوا على الحاصلـ"!
دخلنا لنشاهد السنغال طلع "المحاريق"
ممنوع التصوير "منطقة عسكرية"!
شفيع العبد
تحول ملعب "22 مايو" بمحافظة عدن (الملعب الرئيس لخليجي 20)، عصر الخميس الماضي، إلى ما يشبه "الثكنة" العسكرية، حيث تم إغلاق كافة الطرقات المؤدية من وإلى الملعب، وتم فرض طوق أمني مهول من أفراد الأمن المركزي الذين انفردوا وحدهم دون غيرهم من الوحدات العسكرية والأمنية الأخرى، بحماية الملعب، في صورة سيطرت عليها علامات الاستفزاز، حيث ظهر عناصر الأمن -غالبيتهم من صغار السن- بملامح غاضبة، واضعين أصابعهم على الزناد في حالة تأهب قصوى.
مصادر محلية كشفت النقاب عن عملية استبدال تمت لكافة أفراد الأمن ورجال المرور في الجولات القريبة من المكان بمن فيهم أمن الملعب، قبل يوم المباراة.
الجماهير الرياضية التي احتشدت لمشاركة نجم المنتخبات الوطنية الكابتن خالد عفارة الشهير بـ"وزير الدفاع"، في يوم اعتزاله، أصيبت بالذهول مما حدث، حيث أغلقت الأبواب التي اعتادت الولوج منها، وتم فتح أبواب في جهة أخرى، مما اضطرها إلى السير على الأقدام لمسافات طويلة، كما أجبر أصحاب السيارات على البحث عن مواقف في مناطق بعيدة عن المكان، ما حدا ببعضهم تغيير وجهته صوب المنزل ليريح نفسه من ذلك العناء.
الاستياء كان واضحاً على وجوه الجميع، ما دفعهم للتساؤل عن الكيفية التي سيتم بها التعامل مع مباريات خليجي 20.
وكيل وزارة الشباب والرياضة رئيس اللجنة المالية لبطولة خليجي 20 حسين الشريف، أوضح أن افتتاح ملعب 22 مايو الدولي بلقاء المنتخب الوطني ومنتخب السنغال، عكس واقعية العمل الجاد للإعداد، وأكد جاهزية اليمن للاستضافة الخليجية!
أية واقعية عمل تمت، وأية جدية حدثت؟
ما تم وبشهادة من حضروا للملعب قمة في العشوائية، وانعدام واضح لأبجديات التنظيم في مثل هكذا أحداث، إلا إذا كان القائمون على الشأن الرياضي ينظرون للإخفاق دقة، والفشل نجاحاً، والتخبط تخطيطاً، والعشوائية جدية، كما حدث في حفل قرعة البطولة، فذاك شأنهم!
قد لا يتصور عاقل أنه تم اعتراض طريق الكابتن خالد عفارة عريس تلك الليلة، ومنعه من الدخول من قبل أفراد أمن الملعب الذين سيطرت علامات الغضب على وجوههم.
ليس "عفارة" وحده من اضطر للاستعانة بصديق حتى يتمكن من الدخول للملعب في الوقت الذي يؤكد فيه أمين عام اتحاد الكرة اليمني حميد شيباني استكمال كافة الإجراءات التنظيمية للبطولة، بل إن رئيس اللجنة الفرعية المنظمة لمهرجان الاعتزال، رئيس اللجنة الفنية للاتحاد اليمني العام لكرة القدم الدكتور عزام خليفة، هو الآخر تعرض للمنع كما هو حال الكابتن شرف محفوظ.
الشخصية الرياضية علي جلب كان واحداً من الداعمين لمهرجان الاعتزال، اعترضوا طريقه ومنعوه من الدخول، فرفض "التوسلـ" لأحدهم، فعاد أدراجه إلى منزله!
لا يمكن أن ندرج ما حدث في قائمة الأخطاء البشرية، بل إنها ترتقي إلى مرتبة "الفضائح"، خصوصاً وهم مقبلون على استقبال خليجي 20، كان الأحرى بهم أن يستغلوا هذا الحدث لتجريب كوادرهم التي يقال إنهم دربوها في مجال التنظيم والاستقبال.
لعلهم لم يفكروا إلا في كيفية الحماية الأمنية لهذه المباراة، وعدم السماح بحدوث ما يعكر صفوها لإثبات استتباب الأمن لكل من تسول له نفسه التشكيك في ذلك، فذهبوا للإفراط في نشر قوات الأمن المركزي في الشوارع وبجانب الملعب وداخله، إلى درجة عدم السماح للجماهير بالمرور فوق رصيف الشارع المحاذي لسور الملعب. من حقهم أن يحتاطوا، لكن ليس إلى درجة نشر الخوف والرعب في قلوب الجماهير التي توقعت أنها ضلت طريقها نحو أحد المعسكرات!
شيء من هذا حدث معي في اليوم التالي للمباراة التي جمعت منتخبي اليمن والسنغال، وانتهت لصالح الاول ب4 أهداف مقابل هدف، مما جعل أحد الجماهير الرياضية يصرخ عالياً: "دخلنا لنشاهد منتخب السنغال طلع لنا منتخب المحاريق" (المحاريق أحد الأحياء الشعبية في عدن)!
في اليوم التالي ذهبت لمتابعة مباراة التلال وضيفه القادم من صنعاء فريق الشعب على ملعب "حقات" في افتتاح مباريات الدوري العام لأندية الدرجة الأولى للموسم الجديد 2010/2011، هناك شاهدت الحماية الأمنية للملعب وقد أوكلت للحرس الجمهوري أو القوات الخاصة لأنهم يرتدون ذات الزي العسكري والنظارات السوداء التي يظهر بها نجل الرئيس اليمني.
كنت رفقة الصديقين سامي الكاف وعلي بن يحيى، ففكرت في التقاط صورة للملعب من الخارج بواسطة التلفون المحمول، وبمجرد أن رفعت الجهاز صوب الملعب حتى فاجأني صوت صم أذنيّ من مكان مجاور، التفتّ صوب مصدر الصوت فشاهدت "عسكري" بذات المواصفات السابقة قادماً نحوي يتطاير الشرر من عينيه، يخبرني بأن التصوير ممنوع!
سألته عندها عن السبب، فجاء الرد: "منطقة عسكرية"، ولم يتركني إلا بعد تأكده من خلو تلفوني من أية صورة للملعب "المنطقة العسكرية"!
موقف آخر حدث عند خروجنا من الملعب عقب نهاية المباراة التي فاز بها التلال ب4 أهداف مقابل هدف، حيث اتجهنا صوب المسجد المجاور للملعب لأداء صلاة المغرب، إلا أن "العسكري" منعنا من الوصول للمسجد الخاص بأفراد المعسكر فقط –حسب قوله-!
لا أظن أن هناك رابطة بين الحدثين والنتيجة المتشابهة للمباراتين، هناك علاقة مباشرة لما حدث بالعقلية الحاكمة التي لا تجد نفسها ولا تشعر بوجودها إلا في البدلة الكاكي والبيادات، وإلا ما المانع في أن تعطى الحماية الأمنية للملاعب لأبناء المحافظة ذاتها، بما أننا نعترف بأن لكل جغرافيا خصوصيتها تماشياً مع "ادعاءات" الحكم المحلي، ربما هذا يثير حفيظة البعض، لكنه الأقرب للواقع طالما ونحن عاجزون عن إيجاد كفاءات أمنية ورياضية تجيد التعامل مع الأحداث والأمكنة الرياضية.
ملعب التلال "حقات" أحد ملاعب التدريب الرئيسية لخليجي 20، وما زال ينظر إليه كـ"منطقة عسكرية" يمنع التصوير فيها ويمنع الصلاة في المسجد المجاور له.
كل ذلك يحدث والمسافة الفاصلة بيننا وبين خليجي 20 –حسب ما هو معلن- 20 يوماً، ونجد "القبائلـ" المسؤولين عن ملف خليجي 20 يعلنون انتهاءهم من كل الترتيبات المتعلقة بالبطولة، حيث أكدت اللجنة الإشرافية العليا جاهزية اليمن الكاملة لاحتضان بطولة خليجي 20 الهامة، واستقبال الأشقاء من دول الخليج العربي بعد استكمال وإنجاز المنشآت الرياضية من ملاعب مباريات وتدريب والبنية التحتية، وكذا التجهيزات النهائية الجارية في بعض المنشآت الإيوائية، والتي سيتم استكمالها بحسب البرنامج الزمني المحدد في مطلع نوفمبر الحالي، إضافة إلى الجوانب الأمنية المرتبطة بإنجاح هذه البطولة.
إلى ذلك، تزداد المخاوف الخليجية كلما اقترب الموعد المحدد لانطلاقة البطولة، ومنها ما عبر عنه عضو مجلس إدارة رابطة كرة القدم الإماراتية محمد سعيد النعيمي، الذي أكد أنه على الرغم من أنه لم يتبق إلا أيام قليلة على موعد انطلاقة البطولة، فإن مصير إقامتها في موعدها من عدمه لا يزال مجهولاً وتسوده الضبابية، بسبب التطورات الأمنية الأخيرة، لاسيما في المناطق المحددة لإقامة البطولة في مدينتي عدن وأبين، لأنهما تشهدان معارك طاحنة بين القوات الحكومية والمتمردين هناك، مطالباً في الوقت نفسه بأهمية التعامل مع كل هذه التداعيات والظروف المحيطة بالبطولة بواقعية تامة بعيداً عن المخاطرة، مشدداً على إقامة البطولة وسط أجواء ملائمة أو بعيداً عن أي أمور أخرى قد تعكر صفوها، حتى تتمكن البطولة من تحقيق أهدافها الحقيقية التي أقيمت من أجلها، فهي تعد حدثاً يلتقي فيه أبناء المنطقة لتعزيز معاني المحبة والتآخي، وتوطيد العلاقات في ما بين الرياضيين في دول الخليج كافة.
ودعا النعيمي رؤساء اتحادات كرة القدم في دول الخليج إلى ضرورة اتخاذ قرار حاسم وجريء بشأن مصير البطولة، واضعين في الاعتبار الهواجس الأمنية التي تجعل الجمهور ولاعبي المنتخبات الخليجية التي تستعد للمشاركة في هذا الحدث، في حالة من التوتر والقلق.
وقال لـ"الإمارات اليوم" رداً على سؤال عما إذا كان يعتقد إمكانية إقامة البطولة في موعدها في ظل هذه الظروف والتعقيدات في الدولة التي من المقرر أن تستضيف البطولة، "رغم كل هذه الهواجس فإن أصحاب القرار في تحديد مصير البطولة لم يتخذوا قرارهم بهذا الشأن، ولذلك فإن الكل يترقب صدور قرار حاسم من رؤساء اتحادات كرة القدم في دول الخليج، وإزالة حالة الضبابية التي تسود مصير البطولة".
وأشار النعيمي إلى أن الأمور تستدعي عقد اجتماع طارئ لرؤساء الاتحادات الخليجية لدراسة الوضع، والخروج برؤية واضحة بشأن إقامة كأس الخليج في موعدها أو تأجيلها.
وتابع "مع تقديرنا للجهود الكبيرة التي بذلها الأشقاء في اليمن لتحضير المنشآت الخاصة بهذا الحدث، فإن الجميع يدرك أن الظروف الحالية غير مناسبة لإقامة البطولة في موعدها وإخراجها بالشكل المطلوب من حيث الإقبال الجماهيري الكبير الذي اعتادت عليه بطولات كأس الخليج السابقة، لأن الحضور الجماهيري يمثل نكهة خاصة في هذا الحدث، وإذا غاب الجمهور بسبب الهواجس الأمنية، فإن البطولة ستفقد طعمها وبريقها ونكهتها المميزة التي عرفت بها، وصار الجميع يترقب انطلاقتها".
وأضاف "حتى موقف اتحاد كرة القدم اليمني تسوده أيضاً الضبابية، فهو حتى الآن لم يخرج بقرار واضح وصريح بشأن مقدرته على استضافة هذا الحدث، وتوفير الأجواء المناسبة للوفود والمنتخبات المشاركة في البطولة، وإزالة المخاوف التي بات يشعر بها الكثيرون، خصوصاً على صعيد لاعبي المنتخبات والجمهور الذي يستعد لحضور هذا الحدث".
وتابع "رغم أنه لم يتبق على انطلاقة البطولة سوى أسابيع قليلة فإنه حتى الآن فإن المنتخبات المشاركة وحتى الجمهور الخليجي، لا يدرون إن كانت البطولة قائمة في موعدها أم أنها ستؤجل إلى وقت لاحق".
من جانبه، ذكر الصحافي العماني محمد بن سيف الرحبي، في مقالة له بجريدة "الشبيبة" العمانية، أن كأس الخليج في خطر لأنها تواجه الخطر –حسب رأيه. ومما جاء في المقال المذكور: "ليس مجرد خطأ تنظيمي كالذي حدث في سحب القرعة، إنما هو أمر يتعلق بالانفجارات والرصاص وحقول الموت التي تعلن عن مواعيدها يوما بعد آخر على أرض الواقع، لا في افتراضيات المواقع المغرضة التي لا تريد لليمن هذه الاستضافة".
ويضيف: "يذهب الخليجيون لليمن للعب دورة كروية لا مواجهة مخاوف أمنية (حقيقية) هم في غنى عنها، وقد تتوافر الحماية للمنتخبات لكن من يضمن للمشجعين حياتهم في ظل وضع إشكالي لم يعد خافيا على أحد، ولم يعد مجرد خبر عابر في نشرة أخبار، إنما خبر متكرر يحدث دائما".
ويختتم: "لكن كرة القدم ليست لعبة رجلين يجلسان في فندق محصن، هي لعبة الجماهير، الناس الذين يسيرون في الشارع، يسهرون في المقاهي، لكل الحالمين بالأمن، وبفرحة تنطلق صافية حينما تهز الكرة الشباكـ".
تلك من أبرز المخاوف الخليجية والقائمين على ملف البطولة يقابلونها بمزيد من الانتشار الأمني الفاقد التوعية بأهمية الحدث وكيفية التعامل معه. ليس الجانب الأمني غير مؤهل فحسب، بل أيضاً الكوادر الإدارية غير مؤهلة للتنظيم، حتى إن الدورات التي تأتي في سياق الدعم الخليجي الهادف لرفع قدرات الكوادر اليمنية العاملة في لجان خليجي 20، يتسابق عليها من لن يرضى بأن يكون عضواً فاعلاً في عملية التنظيم، ولن يقبل بغير مقعد وفير في منصة كبار الضيوف. وما البعثة الأخيرة لقطر وما حوته من مدراء عموم من عدن إلا دليل واضح.
على أن الاسطوانة المشروخة التي يرددها البعض هذه الأيام، تكشف عن مرحلة الفشل التي وصلوا إليها، وكذب الجاهزية الحقيقية، والتي مفادها "هذه إمكاناتنا وقدراتنا"، وكأني بهم يقفون موقف ذلك القبيلي الذي يحسن ترديد: "ارحبوا على الحاصلـ"، وحينها ستكون الاستضافة بلون "الفضيحة"!!. وكفى!

c.v
الكابتن خالد عبده محمد عفارة؛ من مواليد 1969، محافظة عدن، متزوج وأب ل3 أطفال، استمر مشواره الرياضي 22 عاما، لعب خلالها مع أندية وحدة عدن والتلال، وشارك مع المنتخب الوطني في فئاته المختلفة بالعديد من المحافل الدولية. وخلال مشواره الرياضي شارك في أكثر من 70 مباراة دولية، أحرز خلالها العديد من الأهداف، واختير أفضل لاعب في عدد من الدورات الرياضية المحلية والدولية أبرزها اختياره ضمن أفضل اللاعبين النجوم العرب عام 1994، التي اختارتها إذاعة "بي بي سي" البرياطنية، واختياره أفضل مدافع في عدد من المواسم في عدة استفتاءات.
بدأ الكابتن خالد عفارة مشواره الكروي في العام 1988، مع نادي الوحدة بعدن، وكانت أول مشاركة له مع المنتخبات الوطنية في المالديف عام 1989، ثم في السعودية، ثم شارك في دورة الصداقة والسلام في الكويت، وفي 1990 اختير ضمن صفوف المنتخب الوطني للجمهورية اليمنية، وشارك في التصفيات الآسيوية في الصين، ثم شارك مع المنتخب الأولمبي في تصفيات دورة برشلونة، ثم مع المنتخب الوطني الأول في تصفيات كأس العالم تجمع إربد الأردنية والصين عام 1993، وبطولة الاستقلال في قطر عام 1994، والمشاركة مع المنتخب الوطني في بطولة آسيا في الرياض عام 1995.
وعام 1996 ذهب النجم خالد عفارة للاحتراف الخارجي، حيث انضم إلى صفوف نادي تضامن صور اللبناني حتى العام 2000، ليعود بعد ذلك للعب في صفوف نادي التلال الرياضي بعدن. وشارك مع المنتخب الوطني الأول في بطولة آسيا بالكويت عام 2000، وفي تصفيات كأس العالم عام 2002، وبطولة الأقصى التي أقيمت في صنعاء، وتصفيات آسيا في اليابان عام 2004، وبطولة كأس الخليج ال17 التي أقيمت في قطر عام 2006، إلى جانب المشاركة مع نادي التلال في بطولة الأندية العربية عام 2007.