الصورة في تنافس الرئاسية

الصورة في تنافس الرئاسية - محمد أنعم

الصورة أولاً.. الصورة ثانياً وعاشراً ايضاً.. الشارع كله صورة.. وقد تعود إلى منزلك حاملاً على ظهرك صورة مرشح رئاسي وانت لا تدري. فرق ميدانية بالقرى والمدن تعمل من أجل صور المرشحين.. بيانات واحتجاجات وتصريحات صحافية شديدة اللهجة تملأ الدنيا ضجيجاً لسقوط صورة هذا المرشح الرئاسي أو ذاك، اتهامات متبادلة ونفي متبادل بين قيادات الاحزاب حول الصورة ومناشدات للحفاظ عليها، ولم يتبق إلا أن يطالب بعضهم المنظمات الخارجية والرقابية الدولية كذلك بالضغط على لجنة الانتخابات الالتزام الحيادية في تعاملها مع صور المتنافسين وان تضع آلية تحد من استقواء بعض الاحزاب بالرياح لتمزيق صور بعض مرشحيها- مثلاً.
للأسف تبقى الصورة هي البرنامج المستقبلي لكل ابناء اليمن لدى بعض الاحزاب، فصورة مرشحها اصبحت في منزلة الحجر الاسود قداسة، ولم يتبق لها إلا أن تستنفر قواها لصراع «قرمطي» جديد لحماية الصورة.
اشعر بغصة تهزم انفاسي، بل اعترف انني اختنق وانا اشاهد طليعة قوانا السياسية تخوض التنافس الانتخابي الرئاسي بقشور «الصورة» أولاً، ولا تتنافس ببرامجها الانتخابية أو تعطيها ربع اهتمام الانتشار والتوزيع الذي تحظى به الصورة.
لا ادري إن كان الناخب والناخبة سيتعاملون مع مستقبل البلاد والعباد ويدلون باصواتهم من اجل الصورة ويقتنعون بالشعارات الخجولة اسفلها ليمنحوا ثقتهم لهذا المرشح او ذاك ويسلموا حياتنا ومستقبلنا بكل هذه السهولة؟!
قد يقول البعض عيوب البرامج لمرشحي الرئاسة «واستر ما ستر الله» هي السبب، ويمكن انهم استحوا من نشرها خجلاً للملمة الفضيحة. والصورة ليس فيها عيوب، إلا أن تبريراً كهذا فيه تمييع وتجهييل لجوهر العمل الديمقراطي وتعامل لا مسؤول مع تنافس لمنصب بحجم رئاسة الجمهورية.
ان العملية الانتخابية لا يجب ان نتعامل معها كتعاملنا مع وظيفة الخاطبة (طبعاً المعاصرة) التي تعرض على الشاب الراغب في الزواج صورة مشروع زوجة المستقبل.
ان الديمقراطية والتنافس الحر بين مرشحي الاحزاب او مع المستقلين يجب ان يقوم على برامج ورؤى اقتصادية وسياسية ومعالجات واضحة لقضايا مجتمعنا ومن خلال نقاط محددة وواضحة ومسؤولة تعبر ولو بحد ادنى عن الاستشعار بحجم المسؤولية الوطنية لمنصب مهم ورفيع كهذا دون الحاجة لبهرجة الصور او للبيانات السياسية التي يحاول البعض ان يسميها «برامج» في مغالطة مفضوحة امام الشعب.
أخيراً:
التنافس الانتخابي في العالم يتم عبر برامج بناء المستقبل، والناخب يصوت فقط لها، الرئيس علي عبدالله صالح يشدد دائماً على ذلك مراراً وتكراراً، هو يريد ذلك ترسيخاً للنهج الديمقراطي، وخلافاً لذلك ومن اجل ان تؤكد المعارضة انها تعارضه فبرنامجها الصورة أولاً وأخيراً.