هذا بلاغ للناس

هذا بلاغ للناس - عادل سعيد القدسي

عندما يسخر الحاكم وحزبه ويلمز من قناة احزاب اللقاء المشترك طموحها المشروع في الوصول الى الحكم عبر صناديق الاقتراع.. سخرية الحاكم وحزب الحاكم من الاحزاب الاخرى؛ ظناً منه انه قد أتى بالعجب العجاب، بما لم تأت به الاوائل، وأن هؤلاء الحالمين بكرسي الرئاسة هم أصغر من أن تتطاول قاماتهم أو ترتفع هاماتهم نحوها، وان تجربتهم التي يناوشون بها لا تدير موقعاً صغيراً هنا أو هناك فما بالك بدولة؟!!
الحاكم -في أكثر من مقابلة وخطاب- يضخم دوره خلال سني حكمه التي تقارب العقود الثلاثة، ويحاول أن يصنع منجزات عملاقة لا وجود لها إلا في خياله هو وخيال حزبه، حتى ليخيل لمن يستمع اليه وهو يفت في عضد المعارضة تعنيفاً وتقريعاً وسخرية، لكأنه يتكلم عن تجربة حكمه في سويسرا او النرويج او هولندا او حتى في أفقر دولة مجاورة..
الطموح-إبتداءً- حق مشروع لكل إنسان، فرداً كان أم جماعة.. لا يستدعي من أي أحد- كائناً من كان- أن ينال بسببه السخرية والاذى.. وأي موقع، صغر أم كبر، من الوظيفة الدنيا حتى طلب الرئاسة، هو حق لكل مواطن، كفلته سائر الاديان السماوية والقوانين الوضعية بلا استثناء..
والحاكم، الذي ينفخ في تجربته ويعظم من دوره في مقابل استخفافه بقدرات الآخرين وطموحاتهم المشروعة في التداول السلمي للسلطة، نقول له: دع عنك هذه النفخة الكذابة، هذا التسويق لبضاعة مغشوشة منتهية الصلاحية امتحنها اليمنيون وجربوها لما يقارب الثلاثين عاماً، وماذا كانت النتيجة؟ هل تعرف أيها الحاكم وحزب الحاكم ما النتيجة التي أوصلتم شعبنا إليها؟
سأقول لك إجمالاً وباختصار شديد:
لقد صار شعبنا في مستوى من المهانة والفقر، لم يصل إليه أي شعب آخر، حتى الشعوب التي تقع تحت الاحتلال أو تحت الظروف غير الطبيعية؛ فهي بكل المقاييس أحسن حالاً منا.
هل نعقد مقارنة ؟ حسن إذاً:
راتب الموظف الفلسطيني، الواقع تحت نير الاحتلال الغاشم، يفوق ما يتلقاه الموظف اليمني بضعف واثنين وثلاثة أضعاف. الخدمات التعليمية الفلسطينية خدمات راقية، تتمزق اكبادنا ونحن نقارنها بهذه المباني المتآكلة التي تعيشها مؤسساتنا الصحية.. أنقل لك مشهداً عايشته لحظة بلحظة: المستشفى الجمهوري بتعز (قلب تعز) عاصمة الثقافة، عاصمة الصناعة، عاصمة المال والأعمال.. ثلاجة المستشفى -أيها الحاكم الموقر- يدخلها الموتى عال العال، ويخرجون منها يقطر الدم والقيح من أجسادهم المتورمة، المتعفنة.. جثة ينكرها أقرب المقربين لها، ليست جثة العزيز الذي يعرفون.. أقسم بالله العظيم أنني رأيت ذات المشهد بأم عيني ومرضت على إثره لثلاثة أيام متتالية.
لا كرامة في هذا البلد السعيد لحي ولا لميت. الكل زائدة دودية يتوجب إنهاؤها في أسرع وقت ممكن.. ومن لم يمت بالسيف مات بغيره..
هل نعقد مقارنة بالخدمات الاساسية، حيث لا تكون دولة دون بسطها حقاً لكل مواطن في الريف والحضر، وبأسعار رمزية في متناول الجميع.
أستحي- ورب الكعبة- أن أتكلم عن الماء، أن أتكلم عن الكهرباء، عن الصرف الصحي، عن الطرقات، عن التعليم، عن الصحة..
أفيكم من يستطيع أن يرفع رأسه ليقول لنا شيئاً عن هذه الخدمات التي نسمع عنها ولانراها؟ أنا أسألكم با الله ربكم: ألا ترون الانهيارات المتلاحقة في مناحي الحياة كافة وبلا استثناء؟!
على ماذا يزايد الحاكم إذاً وحزب الحاكم؟!
أتساءل هنا، جاداً أتساءل: هذا الحاكم الذي يلهث على ذات المنصب ويسخر من الآخرين.. ماذا صنعت لشعبك ؟! ما هي التجربة الرائدة التي أنجزتها وتريد تجديد ولايتك على قوتها؟!
تقارير الدول الكبرى والمنظمات الدولية كلها تجمع على أن اليمن بلد منكوب وأنه موشك على الانهيار التام..
> اليمن السعيد - بالوصف التاريخي- صار بتجربة الحاكم هذا وحزب الحاكم: اليمن الاشقى، الذي لم تنفك الاحزان تتناوب عليه والامراض تفتك به، وصار شعبه يغرق بدموعه وأنينه على مرآى من العالم ومسمع.
> يمن الحكمة والايمان- بالوصف النبوي - صار امثولة العالم في النزق والطيشان، وحقل تجارب لأنواع لا حصر لها من الاسلحة التي تدخل البلد وتجعل من اليمن وأبناء اليمن ساحة حرب مفتوحة، ضحاياها بالمئات..
> يمن الوحدة، ومن الوحدة صنعنا انفصالاً، من التجمع صرنا أشتاتاً ونتباهى ان الوحدة التي تحققت سلماً بين الاخوة الاشقاء «تعمدت» - هكذا- بالدم بين الاخوة الاعداء. من سلموا بالوحدة ومنحوها رقابهم، سلموا دولتهم أرضاً وإنساناً وثروات.
من كان رئيساً وتنازل نائباًَ.. في غمضة عين وبما يشبه السحر، اضحى انفصالياً خائناً عميلاً مرتداً.
> يمن الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة: الكذبة الكبرى التي لم نلمس لها أثراً، فالجمعة الجمعة، والخطبة الخطبة، «وديمة وخلفنا بابها». هل لمستم -أخي المواطن- تغييراً ما على مستوى المحافظة او المديرية او حتى القرية؟
أية ديمقراطية -إذاً - ننعم في بحبوحتها؟! ديمقراطية لا تصنع التغيير، دجل وكذب وأعمال شعوذة وسحر!!
> يمن الدستور والقانون والنظام، وأم الكذبات، أكبر كذبة يعيشها اليمانون ؛ حيث لا وجود -على الاطلاق- لهذه الكائنات الغريبة ولا محل لها من الاعراب.
هل فيكم من رأى هذه الكائنات: دستور أو قانون أو نظام؟
هل فيكم من شاف هؤلاء؟! كلنا لم يتشرف برؤية هؤلاء.. صحيح نسمع بهن جميعاً عبر كافة الوسائل من الحاكم وحزب الحاكم؛ لكننا نبحث عنهن، والحاضر يبلغ الغائب.
أيها الحاكم.. وحزب الحاكم.. وسلطة الحاكم: أعطاك الشعب ثقته لمرة، ومرة، ومرة.. وفي كل مرة كنت تفشل في الامتحان تفشل بامتياز..
لا داعي- اللحظة- لأن تنفش ريشك وتنفخ اوداجك لتحدثنا عن المنجزات المعجزات، ولا داعي لأن تسخر من إرادة التغيير لدى شعبك، ولا داعي لان تمارس اعمال ترهيب وترغيب؛ فالوقت ليس وقتك، والزمن ليس زمنك.. ثمانية وعشرون عاماً اخذتها بالطول وبالعرض، ورميتنا في الارض..
أيها الحاكم.. وحزب الحاكم.. وشلة الحاكم: بأدب جم، وبكل احترام نقول لكم: حلّوا عنا، وارحلوا الى غير رجعة!!