الكهرباء في عدن..

الكهرباء في عدن..

حريق الحسوة يعيد مسلسل الانقطاعات ومحليات تعلق أعمالها احتجاجاً على التسعيرة الجديدة
عدن- فؤاد مسعد:
تزامن الانقطاع المفاجئ للكهرباء في عدن مع ارتفاع تعرفة فواتير الخدمة ذاتها، وهو ما صعد من نبرة الاحتجاج في أوساط مواطني المحافظة الذين لم تكن دواعي السخط تنقصهم، بداية بانقطاعات الكهرباء والمياه، وليس انتهاء بوباء الضنك الذي قتل العشرات وأصاب المئات، مرورا بالحوادث الأمنية التي أقلقت السكينة العامة، وجعلت بعض أحياء المدينة تبدو كما لو كانت قرية تابعة للمحفد أو جبال ردفان.
منتصف الأسبوع الفائت استقبل المواطنون فواتير الكهرباء بتعرفة جديدة لم تكن لتخطر ببال أحد، في البداية ظن البعض أن خطأً ما وقع بحقهم وأن التعرفة لم يطرأ عليها أي جديد خصوصا من تنامى إلى مسامعهم أن الحكومة تنوي رفع أسعار الخدمة بنسبة تصل إلى 50%، لأن الأمر لا يزال قيد الدراسة ولم يصدر بشأنه قرار، إلا أن الحقيقة كشفت عن نفسها، وتأكد أن نية الحكومة قد صاحبها العمل الموثق بفواتير قالت أرقامها إن الزيادة لم تتوقف عند ال50%، بل ربما ضاعفتها في كثير من الحالات، وهو ما يراه الشاب عواد أحمد راجح الذي فوجئ بفاتورة المرفق الذي يعمل فيه (مكتب صحيفة "أخبار عدن") وهي تطالب بدفع مبلغ يتجاوز 90 ألف ريال، بينما كان المبلغ الذي يدفعه سابقا لا يتجاوز 30 ألفاً، ما يعني أن زيادة بنسبة 100% تعد قليلة بنظر معدي الفاتورة، وتتوالى الشكاوى المشابهة من مواطنين أفادوا بأن الفاتورة بتعرفتها الجديدة تشكل عبئا لا يمكن القيام به خصوصا مع ارتفاع درجة الحرارة، وفي الوقت الذي كان أبناء عدن كغيرهم من أبناء المناطق الساحلية الحارة ينتظرون بفارغ الصبر تنفيذ توجيهات رئاسية سابقة تقضي بمراعاتهم في ما يتعلق بتسعيرة الكهرباء.
مواطن قال إن ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء ناتج عن صفقة شراء الأسلحة الجديدة من روسيا، مؤكدا أن الحكومة مضطرة لتغطية العجز الحاصل من خلال رفع الأسعار بعدما صارت قيمة النفط عاجزة هي الأخرى عن تحمل العجز المتواصل والذي غدا أهم سمة من سمات الموازنة العامة للحكومات المتعاقبة.
قبل سنة تقريبا وجه رئيس الجمهورية بتخصيص اعتمادات تبلغ أكثر من 600 مليون ريال لتحسين قدرات محطات التوليد الكهربائية في كل من الحسوة والمنصورة وخور مكسر، بالإضافة إلى إيجاد المعالجات اللازمة لتلبية احتياجات المحافظة من الطاقة الكهربائية وتحسين الشبكة الكهربائية فيها وبما يخفف من معاناة المواطنين نتيجة العجز القائم في توليد الطاقة الكهربائية.
المواطنون في عدن لا يدرون هل تم اعتماد المبلغ في تحسين تلك القدرات أم أنه تولى تحسين قدرات أخرى ليس من بينها محطات التوليد الكهربائية ولا المعالجات اللازمة لتلبية احتياجات عدن (العاصمة الاقتصادية)، لكنهم يعتبون على الرئيس عدم متابعته لمسؤولي الكهرباء سيما وأنه زار عدن في مايو الماضي قبيل الاحتفال بعيد الوحدة، وغادرها دون أن يتأكد من تحسين قدرات الكهرباء في المحطات الثلاث، لأنه ما إن ترك المدينة حتى عادت الانطفاءات لتحل ضيفا ثقيلا غير مرحب به لدى المواطنين.
صباح الخميس الفائت فوجئ المواطنون بانقطاعات الكهرباء تشمل معظم أحياء عدن بعدما كادت الانقطاعات تتوقف منذ حوالي أسبوعين، وقد عزا المسؤولون أسباب معاودة الانقطاع لحريق شب في محطة الحسوة الحرارية.
وقالت مصادر محلية إن الحريق الذي أصاب كهرباء عدن تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء كبيرة من مدينة عدن، وذكر مسؤول حكومي أنه ناتج عن زيادة في قوة التيار الكهربائي ما أدى إلى حدوث انفجار.
وقال محسن سعيد ثابت مدير عام محطة الحسوة بمحافظة عدن، إن سبب انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من مناطق المحافظة منذ ما بعد منتصف ليلة الخميس الفائت، يرجع إلى خلل في أحد مفاتيح الدوائر التي تربط محطة الحسوة الحرارية بمحطة المنصورة.
وذكر في تصريح صحفي أن مثل هذا الخلل يحدث نتيجة لارتفاع الاستهلاك إلى 580 أمبير فوق الحمل والجهد الطبيعي للمحطة الذي يقدر ب33 كيلو فولت، وهو ما أجبر الفنيين في المحطة على إطفاء أجزاء كبيرة من مناطق المحافظة ليتسنى استبدال قطع الغيار التالفة وإزالة الكربون الناتج عن الخلل، مشيرا إلى أنه يتم حاليا فحصها بالجهد العالي لإعادة التيار لها وربط المفاتيح بالمحطة.
وكان المجلس المحلي لمديرية صيرة أعلن تعليق نشاطه حتى يتم إلغاء الزيادة غير القانونية على فاتورة الكهرباء، ودعا في اجتماع استثنائي لرفع الشارات الحمراء وعدم تسديد فواتير الكهرباء، محملا المؤسسة العامة للكهرباء المسؤولية التي تترتب على قطع التيار الكهربائي.
ودعا محلي صيرة في اجتماع رأسه الأمين العام للمجلس عوض مبجر، لعقد اجتماعات استثنائية حتى يتم حل المشكلة القائمة، مطالباً أعضاء كتلة محافظة عدن في مجلس النواب بتحمل مسؤوليتهم تجاه ناخبيهم. كما دعا أبناء المديرية للقيام بإطفاء الكهرباء بشكل طوعي احتجاجا على الارتفاع المفاجئ في الفواتير، وهو ما تم في الساعة السابعة من مساء الجمعة الماضية حين باشر أهالي صيرة إطفاء الكهرباء لمدة ساعة واحدة.
وفي السياق ذاته، عبر المجلس المحلي بمديرية التواهي عن استيائه من قرار رفع سعر فاتورة الكهرباء، ودعا المجالس المحلية للتنسيق في ما بينها لاتخاذ موقف محدد إزاء ذلك، وضرورة تراجع وزارة الكهرباء عن القرار. ودعا المواطنين إلى رفع الشارات الحمراء احتجاجاً على رفع تسعيرة الكهرباء، كما طالب قيادة محافظة عدن بالتدخل والسعي لإلغاء القرار الذي قال إنه سيزيد الأعباء على كاهل المواطنين.
وقد خرج عشرات المواطنين في عدن عصر الخميس الماضي في مسيرة احتجاجية جابت الشارع الرئيس في كريتر، وبعد ساعة من انطلاقها قامت أطقم الأمن المركزي بتفريقها أمام مجمع عدن مول.
كما خرج المواطنون في عدد من أحياء عدن في الأيام الثلاثة الماضية احتجاجا على ارتفاع تعرفة فواتير الكهرباء والانقطاعات المتكررة، رغم الوعود الكثيرة من المسؤولين بعدم تكرار انطفاء الكهرباء.
ومن جهته، طالب المكتب التنفيذي للإصلاح بعدن حكومة المؤتمر الشعبي بالتراجع الفوري عن إجراءات تسعيرة الكهرباء التي وصفها باللامسؤولة.
وأضاف أن الزيادات الجديدة في تسعيرة فواتير الكهرباء، ستؤدي إلى زيادة الأعباء والسخط الشعبي والاندفاع غير المسؤول لمواجهة تلك الخطوات الفاشلة التي لا تستند إلى إستراتيجية واضحة.
ودعا إصلاح عدن في بلاغ صحفي صدر عن اجتماع استثنائي لمكتبه التنفيذي، الكتلة النيابية وأعضاء المجالس المحلية بمختلف أطيافهم السياسية في المحافظة، للوقوف إلى جانب المواطن، ورفض هذه الخطوات والقيام بما يتوجب عليهم، داعيا الفعاليات الشعبية بالمحافظة ومؤسسات المجتمع المدني وكافة أبناء المحافظة للتفاعل والتصدي لتلك الزيادات بكل الوسائل الاحتجاجية السلمية التي كفلها الدستور والقانون، حسب البلاغ.