كِلعادة

كِلعادة

* نعمان قائد سيف
لم يجد الوزير المحترم جبران باسيل بداً من ردع /صعق المتخلفين من علية القوم، غير سرعة قطع التيار عن قصورهم وأماكنهم، بعد أن أمهلهم شهراً كاملاً، للإسراع بتسديد ما عليهم لأقرب مكتب تحصيل، إيفاء بالتزاماتهم تجاه الدولة الخدومة، كمواطنين صالحين، لا فارق بينهم وبين بقية أفراد الشعب، فقد كانت الاستجابة الأولى للإنذار بواقع 25?، بمجرد ما أحس المتثاقلون بجدية الوزير، الذي لم يعطِ اعتباراً لمكانة سياسية أو هالة دينية أو زعامة طائفية، في بلد تثقل كاهله تكاليف تشغيل الإنارة والتبريد والتدفئة والآلات والولاءات الضيقة!
لقد بلغ مدى صبر وزارة الكهرباء في الدولة الشقيقة الفقيرة، حداً لا يمكن السكوت عنه، بعد أو وجدت أن حاصل جمع الديون المستحقة للخزينة العامة تجاوز ال8 ملايين دولار أمريكي، فما كان من الوزير إلا أن يبلغ الجبابرة صراحةً، على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وجهويتهم، أن الكل سواء، فما ينطبق على المواطن العادي بالضرورة يشملهم، فالكل أولاد تسعة وأبناء وطن واحد، إذ ليس من العدالة أبداً أن يرفل النافذون الباذخون بالنعمة وكأنها مباحة لهم، فيما الأغلبية الساحقة تتكبد عناء الدفع بانتظام على حساب قوت يومهم ومصاريف أطفالهم، فكان القرار الشجاع الذي لم يستثنِ أحداً رغم العتاب الذي جاءه من كل حدب وصوب، وتمسك الوزير المسؤول بموقفه، ولا أعرف إلى الآن كم زادت نسبة من هرعوا لتسديد ما عليهم رغم أنوفهم، ومؤكد خضع البقية أو جلهم للحق العام، و"ما في حدا أحسن من حدا" حسب التعبير اللبناني الفصيح!
بالمقابل.. عندنا قبل 3 سنوات تحدثت الأخبار كالعادة، وهي في الحقيقة (كِلعادة)، عن توجيه رئاسي إلى الحكومة بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتخلفين عن تسديد فواتير الكهرباء مهما كانت مكانتهم السياسية والاجتماعية، ولم نسمع خبراً عن اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء، وحتى اللحظة لا زالت الوزارة الدائنة تترجى المتخلفين -وهم متخلفون حقاً من كل جانب- تسوية ما عليهم من ديون مستحقة، ولو بالتقسيط المريح، ولا مجيب. ولم أسمع، وأقرأ شخصياً عن قامة أو جهة سارعت إلى الاستجابة، بما فيها القصر الجمهوري ووزارة الدفاع وجامع الصالح ورؤوس القبائل وغيرهم من متنفذي المرحلة. ويكفي الذكر والتذكير هنا أن ديون المؤسسة العسكرية تساوي لوحدها حتى سبتمبر الماضي، إجمالي ديون المتخلفين في لبنان إلى أمس القريب بالريال اليمني، فيما القصر الجمهوري حتى تاريخه مطالب بمليون دولار فقط، وجامع "الصالح" هو الآخر مديون، بينما إنارته مستمرة رغم الإيمان الذي يشع بالكهرباء من داخله وحواليه، في ظاهرة مستفزة لجميع المسلمين، باستثناء شلة من المنافقين. فهل لنا بوزير من أهل الكتاب يطفئ نور الفاسدين في اليمن؟!