الفساد يستولي على مشروع استثماري في الجراحي ويعطل قرارات السلطات الثلاث وتوجيهات رجل الدولة الأول

الفساد يستولي على مشروع استثماري في الجراحي ويعطل قرارات السلطات الثلاث وتوجيهات رجل الدولة الأول

قد لا يعدم المرء دليلا لبرهنة ما يُرتكب في محافظة الحديدة السمراء خصوصا من مظالم مُظلمة وفساد فاحش بحق الوطن والمواطن، فذاك المبتغى السهل والوفير لمن أراد ذلك. وفي قضية المستثمر علي محمد قيس بموضوعها الأليم وتفاصيلها غزيرة الشكوى وأمدها الطويل، يبرز أحد تلك الأدلة الساطعة والشواهد الساخنة لتأكيد حالة التردي في أجهزة الحكم في الحديدة، وانحطاط السلطة المحلية فيها وهي توظف مسؤوليتها الخدمية في ظلم الناس وقهرهم، وصلاحياتها الممنوحة في خلق بيئة طاردة للاستثمار وحاضنة للأذى والفيد والفساد.
تعود قضية المستثمر قيس إلى 2001 حينما قرر في لحظة بريئة القيام بالاستثمار في بلده ظنا منه أنه سيكون في مأمن وفي حالة رعاية ودعم وتشجيع من الدولة، متكئاً على خطابات رسمية عليا ودنيا لم يتوقف زعيقها ودوشتها عن التغني بالاستثمار بسخاء والإعلان صراحة ووقاحة عن دعم الحكومة لهذا القطاع الحيوي وتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين، فيما الواقع ينضح بعكس ذلك تماما.
وبحسب ملف القضية المتضمن مجموعة من الوثائق والشكاوى والتوجيهات، تحتفظ الصحيفة بنسخة من الملف، فإن عقدا مستوفيا كافة أركانه وشروطه القانونية أبرم بتاريخ 12 نوفمبر 2001 بين المجلس المحلي بمديرية الجراحي محافظة الحديدة كطرف أول والمؤسسة الوطنية للثروة الحيوانية والمنتجات الزراعية ممثلة بمديرها العام علي محمد قيس كطرف ثان.
الاتفاق المعمد من قيادة المحافظة والمصادق عليه من المحكمة التجارية، نص على: أن يقوم الطرف الثاني (المؤسسة) ببناء وإنشاء سوق مركزي شامل بمدينة الجراحي يستوعب بائعي القات والخضروات والفواكه واللحوم والأسماك والثروة الحيوانية والمنتجات الزراعية وأصحاب المفارش، وذلك على أرض كافية لاستيعاب تلك الفئات المذكورة، يلتزم الطرف الثاني بتوفيرها من أملاكه، وذلك من أجل أن يلبي هذا السوق خدمة المواطنين وحركة البيع والشراء وحل مشكلة الاختناقات المرورية في الخط العام (الحديدة -تعز) المسببة للكثير من الحوادث. فيما يلتزم الطرف الثاني وفقا للعقد بتشغيل السوق بنقل الباعة من الشارع العام وجنبات حرم الطريق إلى السوق، وتقديم كافة التسهيلات للمستثمر وفقا لقانون الاستثمار، وكذا عدم منح تراخيص إقامة مشاريع مماثلة أو مشابهة في المنطقة كونها لا تتحمل أكثر من سوق واحد، بالإضافة إلى التزامات أخرى ثانوية.
نفذ الطرف الثاني (قيس) كل ما تضمنته بنود العقد، بإنجاز المشروع وفقا لما هو محدد بالعقد وافتتاحه رسميا بتاريخ 7/8/2003 من قبل وزير الصحة ومحافظ الحديدة حينها محمد صالح شملان، بينما تنصل الطرف الأول من تنفيذ التزاماته المنصوص عليها بالعقد، وتشغيل السوق لصالح المجلس المحلي بالمديرية وحرمان المستثمر من الانتفاع بمشروعه الذي أنفق عليه حتى الآن كما يفيد في شكواه ما يقارب المليار ريال، بعد أن قام المجلس المحلي بتحصيل إيجارات السوق لصالحه.
لجأ المستثمر إلى المحكمة التجارية بالحديدة، فأصدرت قراراً في 15 سبتمبر 2003 يلزم الطرف الأول بتنفيذ ما نص عليه العقد، إلا أنه رفض ذلك، فأصدرت المحكمة قرارا جبريا في 14/4/2004، بدفع إيجارات السوق للمستثمر من إيرادات المجلس المحلي حتى يقوم بتنفيذ التزاماته المنصوص عليها في العقد، ولم يتم تنفيذ القرار.
اتجه قيس إلى الشكوى لدى السلطات العليا الثلاث وخرج منها بتوجيهات تخاطب الجهات المعنية في الحكومة التقيد بأحكام القانون وتنفيذ القرار الصادر عن المحكمة الابتدائية التجارية والتشديد على أن أي تأخير في التنفيذ سيترتب عليه تحمل المجلس المحلي التزامات كثيرة هم في غنى عنها.
تقدم علي محمد قيس بعد ذلك بتظلمات إلى رئيس الجمهورية وخرج منه ب3 توجيهات كلها تلزم السلطة المحلية بمحافظة الحديدة ومديرية الجراحي بدفع قيمة السوق المملوك له وخسائره التي لحقت به جراء متابعة الجهات المختصة لتنفيذ العقد. لكن دون طائل.
وتتهم الشكاوى والتظلمات قيادة محافظة الحديدة ومدير عام مديرية الجراحي بإعاقة تنفيذ العقد والقرار القضائي وتوجيهات قيادات السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحرمان الرجل من حقوقه المستولى عليها والتصرف بها لصالح شخصيات قيادية في المحافظة والمديرية.
10 سنوات تقريبا أخذت هذه القضية وما يزال الحق لم يصل أصحابه، والعدالة مؤجلة، وحالة الإنصاف لم يصل إليها الرجل بعد.