الضالع تشيع قتلى المواجهات والمجلس الوطني للحراك يحمل تيار البيض مسؤولية العنف

الضالع تشيع قتلى المواجهات والمجلس الوطني للحراك يحمل تيار البيض مسؤولية العنف

* الضالع - فؤاد مسعد:
شيع الآلاف في الضالع، الأربعاء الفائت، 3 من قتلى المواجهات الأخيرة التي اندلعت في الأسبوعين الماضيين بين مسلحين ودوريات عسكرية وأمنية، وإلى جانبهم جثامين رمزية لاثنين من أبناء الصبيحة قتلا برصاص مسلحين صبيحة الأحد قبل الماضي في الشارع العام بمدينة الضالع، إثر اعتراض المسلحين للطقم العسكري الذي كان يقل عددا من الجنود في طريق عودتهم إلى أسرهم في الصبيحة.
ووفقا لمصادر محلية فقد مرت فعالية التشييع من دون مواجهات، باستثناء استهداف مبنى إدارة أمن المديرية بقنبلة رماها مجهول وأدت لإصابة 2 من الجنود جرى نقلهما إلى المستشفى للعلاج، بحسب ما ذكرت مصادر أمنية في الضالع.
وكان المشيعون رفعوا صور قتلى مواجهة الأحد، وهم: حمادة فضل غالب، عميد كردوم، غمدان الصبيحي، وفضل عرماس الصبيحي، إضافة لمحمد كباس الذي سقط بعد مواجهة بين الجيش ومسلحين كانوا يحاصرون مواقع عسكرية بجحاف منذ مطلع الشهر الفائت، حتى تمكنت حملة عسكرية من فك الحصار وإجبار العناصر المسلحة على مغادرة المداخل الرئيسية لمديرية جحاف.
وكانت الضالع شهدت تطورات لاحقة لما عرف بحادثة الاثنين التي تعرضت فيها عشرات المنازل في المدينة لقصف مدفعي خلف أكثر من 20 بين قتيل وجريح، وإثر ذلك توالت عمليات استهداف عناصر مسلحة لعدد من القيادات العسكرية والأمنية بالمحافظة، وتأتي في مقدمتها حادثة اعتراض المسلحين لطقم عسكري في منطقة حبيل جباري، التي أودت بحياة 4 أشخاص (2 من الجيش هما النقيب غمدان جهاد الصبيحي، والعميد فضل عرماس -ركن اتصالات أحد الألوية العسكرية بصعدة، و2 من العناصر المسلحة هما حمادة فضل وعميد كردوم)، إضافة لجرحى من الطرفين، وهي الحادثة التي أثارت الكثير من ردود الفعل المنددة بقتل المسافرين، خصوصا بعدما تأكد أن الجنود المستهدفين كانوا مسافرين إلى أسرهم وليسوا عناصر إمداد كما خيل لقيادة المجموعة المسلحة التي كانت حينها تفرض الحصار على موقع دار الحيد في مدينة الضالع، وقامت تلك العناصر بإطلاق النار على الطقم الذي كان يقل العسكريين المسافرين إلى أهاليهم في يافع والصبيحة، حسب ما أورد أحد الناجين بعد وقوع الحادثة.
من جهتها، قامت السلطة المحلية بالضالع في نفس يوم الحادثة، بتنظيم لقاء حضره المحافظ والوكلاء وبعض المشائخ ووسائل الإعلام بالمحافظة، وتحدث فيه العسكريون الناجون عما واجهوه من المسلحين الذين اعترضوهم بوابل من الرصاص، بحسب ما ذكر عبدالمجيد سالم اليافعي قائد معسكر طيبة في البقع بصعدة، الذي قال إنهم فوجئوا بمجموعة نصبوا لهم كمينا مسلحا وأمطروهم بوابل من الرصاص، مشيراً إلى محاولتهم الالتفاف من خلف دوريتهم العسكرية لحماية أنفسهم، غير أن تلك العناصر كانت أحكمت نصب الكمين وأطلقت عليهم الرصاص من اتجاه آخر، وأضاف: "كلما انسحبنا إلى خلف عمارة، تبعونا بإطلاق الرصاص".
كما أقيم في مديرية المضاربة بالصبيحة -محافظة لحج، مهرجان خطابي للتنديد بالحادثة، وقال ياسر اليماني وكيل المحافظة إن السلطة المحلية في لحج والضالع تتابع من وصفهم بالخارجين عن القانون، مؤكدا أنه سيتم القبض عليهم لينالوا جزاءهم الرادع، حسب تعبيره. وألقيت كلمات من قبل السلطة المحلية بالمديرية وأسر الشهداء استنكرت ما أطلقت عليها "المجزرة الدموية للانفصاليين الخارجين عن القانون الذين يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وتمزيق اليمن".
وفي ما يتعلق بالحراك الجنوبي فقد بادرت عناصره لاتهام طرف ثالث بتصفية الفريقين (الجنود والمسلحين) لكون الجميع جنوبيين، وفي سياق تأكيدهم على ذلك أعلنوا نصب مخيم عزاء لقتلى الطرفين وتنظيم فعالية تشييع واحدة في خطوة اعتبرها البعض هروبا من الإقرار بفداحة ما ارتكبه المسلحون من جريمة أودت بحياة الجنود المسافرين إضافة لاثنين من العناصر المسلحة التي تُتهم بالاعتداء على الطقم وأفراده.
وفي ردة فعل مغايرة لمألوف الخطاب الإعلامي لمكونات الحراك، سارع المجلس الوطني للتنديد بالحادثة وإدانة مرتكبيها والتعريض بمنافسه (مجلس الحراك السلمي) واتهامه بتبني العنف المسلح، عبر جناح عسكري، كما ورد في بيانه الذي صدر عقب الحادثة.
وقال المجلس الوطني الذي يتزعمه حسن باعوم، إنه يحمل مجلس الحراك السلمي وما سمي بجناحه العسكري المسؤولية الكاملة عن قتل الأبرياء. ونبه المجلس الذي يعد من أقدم فصائل الحراك وأكثرها تنظيما "من يقدم التمويل والتوجيه لهذه الأعمال الطائشة والفوضوية أنهم سيتحملون المسؤولية الكاملة عن مثل تلك الأعمال، مؤكدا الوقوف ضد محاولات تدمير نضال شعبنا السلمي وإقحامه في طريق الفوضى وارتكاب الجرائم التي لن تسقط بالتقادم على أي كان".
وفي البيان دعا المجلس الوطني "المكونات والشخصيات الجنوبية للوقوف على ما يجري والتحري من الممارسات التي يرتكبها مثل هؤلاء والعمل على صدها وردعها وعدم السماح لها بتهديد نضال شعبنا في مسيرته الظافرة والإضرار بها وحرفها عن خطها الواضح..".
وإثر ذلك تناقلت مواقع الكترونية تابعة لمجلس الحراك الذي يتزعمه البيض، تصريحا نُسب لرئيس المجلس الوطني حسن باعوم المتواجد خارج البلاد، ينفي فيه صدور البيان السابق المنسوب إلى مجلسه، فيما كانت قيادة المجلس الوطني استبقت مثل هذه المواقف قبل أكثر من عام، حين أقرت في اجتماع طارئ تكليف نائب رئيس المجلس أمين صالح، بمهام الرئيس باعوم حتى يعود من رحلة علاجه، وهو ما يخول القيادة المتواجدة بالداخل برئاسة القيادي أمين صالح وزملائه، حق إصدار مثل هذه البيانات المعبرة عن المجلس.
يذكر أن المجلس الوطني الذي يتبنى خطابا مناهضا للبيض ومجلسه، يتهم من قبل مجلس الحراك بإعاقة توحيد المكونات، على خلفية رفضه ما أسماه الدمج القسري في مايو 2009، بإشراف طارق الفضلي الذي أعلن حينها عن تشكيل "مجلس قيادة الثورة" في ما عرف بإعلان زنجبار، قبل أن يتراجع الفضلي عن هذه التسمية، ويطلق على المكون الجديد اسم "مجلس الحراك السلمي"، أواخر العام الفائت.

ولجنة التحقيق الرئاسية تنتظر نتائج اللجنة المحلية
وبالمقابل تراجع الحديث عن التحقيق في ما تعرضت له مدينة الضالع من قصف مطلع الشهر الماضي، بعدما عادت اللجنة الرئاسية إلى صنعاء بعد يومين من نزولها، والتأكيد أنها ستكتفي بما تخرج به اللجنة المحلية التي تواصل عملها في حصر المتضررين، وينتظر منها تقرير ما يلزم والرفع إلى قيادة السلطة المحلية بالمحافظة.
وبحسب أحد أعضاء اللجنة الرئاسية، فإن اللجنة بعد نزولها "وجدت لجنة محلية قد شكلت لذات القضية، برئاسة أمين عام المجلس المحلي، وتضم في عضويتها كل القوى والتنظيمات الموجودة في الضالع، وأنا معهم ممثلا للجنة الرئاسية المشكلة من مجلس الشورى".
وقال عضو اللجنة محمد إسماعيل في تصريحات صحفية، إنه حاليا في الضالع يتابع القضية كممثل للجنة الرئاسية المكلفة للتحقيق في الأحداث.