أسر المعتقلين يناشدون الرئيس التوجيه لتنفيذ قراراته التي تتحجج الأجهزة الأمنية أنها لم تصلها وتواصل التنكيل بالمعتقلين وأسرهم

أسر المعتقلين يناشدون الرئيس التوجيه لتنفيذ قراراته التي تتحجج الأجهزة الأمنية أنها لم تصلها وتواصل التنكيل بالمعتقلين وأسرهم

لم تظهر المفاجأة في خطاب الرئيس. لكن أسر المعتقلين، وهم المعنيون، وجدوها بعد يومين، لدى
مسؤولي الأجهزة الأمنية لانتظار تنفيذ القرار بإطلاق ذويهم.
*  "النداء"- صنعاء:
تترقب أسر المعتقلين على ذمة حرب صعدة والحراك الجنوبي، إطلاق سراح ذويهم، منذ عشية ال22 من مايو المنصرم. في ذاك المساء، أطلق رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح "مفاجأة خطابه الاحتفائي بالذكرى ال20 لتحقيق الوحدة اليمنية" بقرار "إطلاق سراح جميع المعتقلين سواء على ذمة حرب صعدة أو الحراك في بعض المحافظات الجنوبية".
لم يجد الشعب "مفاجأةً" في خطاب الرئيس. لكن أسر المعتقلين، وهم المعنيون، سمعوها بعد يومين، لكن من مسؤولي الأجهزة الأمنية عندما وقفوا على أبوابها ينشدون تنفيذ قرار الرئيس بإطلاق ذويهم: "لم تصلنا أية توجيهات أو أوامر".
حتى الآن، بعد مضي شهر كامل على "مفاجأة خطاب الرئيس"، ما تزال أسر المعتقلين جميعهم، على ذمة الحراك أو حرب صعدة، بانتظار "مفاجأة تنفيذ قراره" وإيصال توجيهات "فخامته إلى أجهزته الأمنية" لإطلاق ذويهم.
نفّذت السلطات قرارات الرئيس التي تلاها محافظ تعز ولم تنفّذ القرارات التي تلاها هو شخصياً وعلى مرأى الشعب الذي انتظر المفاجأة. لقد أفرجت عن 7 من الصحفيين والكتاب من السجن المركزي، 6 منهم كانوا على ذمة الحراك الجنوبي، طبقاً لإحصائيات مقدمة من المرصد اليمني لحقوق الإنسان والمنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات.
وتستمر الأجهزة الأمنية والجهات المعنية باحتجاز نحو 524 معتقلاً، منهم 189 معتقلاً على ذمة الحراك الجنوبي، ويتوزعون على 10 جهات، منهم من صدرت بحقهم أحكام من المحكمة الجزائية المتخصصة، ومنهم من محاكماتهم مستمرة، وآخرون لم يقدموا للمحاكمة. فيما 335 معتقلاً على ذمة أحداث صعدة، ويتوزعون على 3 جهات، وتختلف أوضاعهم بين محكوم ومستمرة محاكمته، وآخر لم يقدم للمحاكمة منذ عدة سنوات بالنسبة للبعض.
في مؤتمر صحفي عن العفو الرئاسي إلى أين.. الباشا طالبت بالإفراج عن كامل الوطن.. وعلاو: ملف المعتقلين سيبقى ورقة، المخلافي: وزير العدل والنائب العام يرغبان في إغلاق الملف
قال الدكتور محمد المخلافي، الرئيس السابق للمرصد اليمني لحقوق الإنسان، إن السلطة تواصل احتجاز 531 معتقلاً. واستدرك في مؤتمر صحفي دعا إليه المرصد والمنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات: لكن هذا الرقم ليس حصرياً أو نهائياً، وإنما هو حصيلة ما استطعنا تسجيله والحصول عليه.
ظهر الاثنين الماضي، اكتظت قاعة فندق تاج سبأ بالإعلاميين والحقوقيين وأسر المعتقلين، لحضور المؤتمر الصحفي الذي حمل التساؤل عن "قرارات الرئيس إلى أين؟".
وإذ استغرب المخلافي من رغبة السلطة والمسؤولين المعنيين مثل النائب العام ووزير العدل في الاحتفاظ بملف المعتقلين خارج إطار القانون، ومن إيقاف النائب العام تنفيذ القرار الرئاسي، معلقاً التنفيذ بموعد تسلمه قوائم أسماء المعتقلين من وزير العدل، اعتبر أنه لا جدوى في بقاء المعتقلين داخل السجون، وأن بقاءهم ضرر محض على السلطة والأسر. لافتاً إلى أن وزير العدل أكد لهم، هو وعدد من ممثلي المنظمات والمحامين، أن قرار الرئيس لا يستثني أحداً وسيتم إطلاق سراح جميع المعتقلين من: الصحفيين والمعتقلين على ذمة أحداث صعدة، والحراك في الجنوب، لكن دون طائل، إذ لم تطلق السلطة سوى عن الفئة الأولى.
المحامي محمد ناجي علاو، رئيس منظمة هود، استبعد أن يثبت مناخ سلام في صعدة في ظل استمرار مشكلة المعتقلين على ذمة أحداثها وإبقائهم داخل المعتقلات والسجون. مشيراً إلى أن هناك حالة سوداوية تلفُّ ملف المعتقلين. مؤكداً أن ملف المعتقلين "سيبقى ورقة بيد السلطة تمارس بها الضغط على اللجنة التحضيرية للحوار الوطني".
رئيس المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية علي الديلمي، اعتبر قرار الرئيس إطلاق السجناء "الأول من نوعه". وقال: "لأول مرة نحصل على قرار واضح وضوح الشمس". معبراً عن أسفه لـ"عدم تنفيذه بعد مضي أكثر من 20 يوما على إطلاقه".
وشكك بوجود أشخاص وجهات تعرقل "تنفيذ توجيهات وقرارات الرئيس"، مؤكداً أنه "لا يدري ما هي الأسبابـ".
ولفت الديلمي إلى أن هناك معاملات وحشية تتم في أَسر المعتقلين وبين أسرهم.
وإذ حثّ محمد مفتاح على ضرورة "التفريق بين مصطلحي العفو الرئاسي، والإفراج عن جميع المعتقلين"، دعا أسر المعتقلين إلى عدم الصمت ومواصلة النضال من أجل الإفراج عن ذويهم.
وطالبت رئيسة منتدى الشقاق العربي لحقوق الإنسان أمل الباشا بـ"الإفراج عن كامل الوطن من الاعتقال الدائم". متسائلة: "هل نحن بحاجة إلى عفو رئاسي أم إلى إصلاح سياسي؟ وهل العفو تدخل في شؤون الوطن؟" مؤكدة على أن العفو لا يكون إلا عندما يكون هناك "أحكام، إذ تصبح المكرمة الرئاسية هنا مطلوبة". موضحة أن المعتقلين "ليسوا بحاجة مكارم أو عفو رئاسي. بل نحن بحاجة إلى إصلاحات قانونية وسياسية ودولة قانون".
واتفق أهالي المعتقلين على إقامة "اعتصام مفتوح في ميدان السبعين، يعتزم أهالي المعتقلين تنفيذه خلال الأسبوع المقبل، إلى أن يتم تنفيذ قرارات الرئيس".
شهادات أسر الضحايا
تخلل المؤتمر الذي حضره قيادات حزبية، أبرزها أمين عام حزب التجمع اليمني للإصلاح عبدالوهاب الآنسي، وأمين عام حزب الحق حسن زيد، شهادات لأسر المعتقلين حول الانتهاكات التي يتعرض لها أقرباؤهم داخل المعتقلات، وما تعانيه الأسر من انتهاك وعذاب.
وتساءلت زهراء هاشم، قريبة أحد المعتقلين، عن الفترة التي قد يطول فيها تنفيذ قرار الرئيس، وقالت: كنا نظن أنها يومان وامتدت إلى شهر. ولم تفرج إلى الآن بالرغم من توجيهات أكبر شخص في البلاد وهو رئيس الجمهورية.
يحيى السياني، والد 3 معتقلين على ذمة أحداث صعدة، قال إنه يعتبر يوم الاثنين يوماً أسود في حياتهم، فقد اعتقل جميع أبنائه في أيام الاثنين. وأضاف أنه استبشر خيراً بخطاب الرئيس، لكن تسويف ومماطلة الأجهزة الأمنية تفقد القرار قيمته وتقلل من قدر القرار العظيم الذي يدعم السلام في صعدة.
وكانت فاطمة الفقيه، زوجة المعتقل على ذمة أحداث صعدة العزي راجح، الذي تجري محاكمته الآن في المحكمة الجزائية المتخصصة، شككت في جدية القرار، وقالت: يفترض أن الرئيس لا يعلن عن مثل هذا القرار إلا بعد الإعداد له، حتى لا تضع الأجهزة الأمنية الرئيس في إحراج ويتحججوا بأن القرار يحتاج إلى خطة لتنفيذه، وما إلى ذلك.
وذكرت الحاضرين بأن الرئيس سبق أن وجه بإطلاق جميع المعتقلين على ذمة أحداث صعدة في 7 ديسمبر 2008، لكن الأجهزة الأمنية رفضت توجيهاته.
وتحدثت أم وديع الهادي المسجون على ذمة أحداث صعدة، إلى الحاضرين بنبرة ألم وحسرة، وقالت: قد في ابني حالة نفسية وهم جالسين يعذبوه ويعتدوا عليه. فيما شكت أم جحاف، المعتقل في الأمن السياسي: ابني في زنزانة انفرادية ولا فراش معه ولا بطانيات، وهو مريض ولا يخلونا ندخل له علاج.
علي السياني، أب الشاب الذي اعتقل رهينة في قسم شرطة ظهر حمير، مقابل الإفراج عن شقيقته التي أُخذت من منزلها عندما لم يجد الأمن زوجها المتهم بالحوثية، قال إنه تم التنكيل به وأسرته، وإنه بدأ يلمس اليأس وهو يطارد ويراجع منذ 2003. وأن الاعتقال قد طال أولاده وبناته، وإن ابنه أُخذ رهينة وما زال معتقلاً من 5 سنوات.
أمة اللطيف العاصمي، زوجة المعتقل معمر العبدلي، قالت إن وكيل النيابة في المحكمة الجزائية المتخصصة رد عليها هي وعلياء الوزير زوجة المعتقل وليد شرف الدين، إن القرار الرئاسي لم يشمل ذويهما، وهم الذين يحاكمون في المحكمة الجزائية المتخصصة بتهمة التخابر مع إيران. بالرغم من أن قرار الرئيس لم يحدد، وكان صريحاً إذ شمل جميع المعتقلين على ذمة أحداث صعدة. وطالبت الحاضرين بالخروج بآلية يستطعن من خلالها انتزاع ذويهن من غيابت المعتقلات والزنازين السياسية القذرة.
ووزعت المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات بياناً دعت فيه الرئيس إلى الوفاء "بعهده لأبناء شعبه"، مذكراً إياه بـ"الأوامر المتكررة والعديدة" له ولرئيس الحكومة والنائب العام، والتي لم ينفذ أمر واحد منها.
وطالب البيان السلطة والرئيس بسرعة الإفراج عن المعتقلين والوقف الفوري للعدوان والمستمر ضد "الناس والحريات والحياة"، داعياً المجتمع الدولي والمؤسسات الديمقراطية إلى "رفع صوتها وتصعيد احتجاجاتها ضد الممارسات القمعية للسلطة اليمنية".