كيف يستعيد "الحراكـ" وهجه؟!

كيف يستعيد "الحراكـ" وهجه؟!

* حسين زيد بن يحيى
لا أحتاج امتشاق قول الزبيري: "خرجنا من السجن شم الأنوف...". ففي زنزانة رقم 3 شمالي دور أرضي، هتفت للجنوب وضد الطاغية وأعوانه، ودفعت ثمن ذلك ضربا وقيدا وكسرا لقدمي وبكل سرور، وهي حادثة أشهر من نار على علم في سجن سياسي صنعاء.
المحزن، وبعد خروجنا بفضل الله وتضحيات جماهير الجنوب الأبية والوفية، والإسناد السياسي والحقوقي لأحزاب اللقاء المشترك ونقابة الصحفيين، اصطدمنا بواقع مشوه بحيث أصبح السجن لنا أرحم. ففي المعتقل نشعر برضا بأننا ندفع ثمن خياراتنا الحرة، ولذلك استرخصنا اقتطاع أكثر من سنة ونصف من أعمارنا، وبعيدا عن أطفالنا وأسرنا بسجن سياسي صنعاء، دون احتساب مدد الاعتقال بالجنوب الحبيب. فكيف بعد ذلك لا نألم من فقدان "الحراكـ" بعض وهجه؟! خاصة بعد انخراط كل الطيف السياسي الجنوبي فيه وتوافقهم أن وحدة 22 مايو 90 قد أسقطتها حرب صيف 94، والمنتصر استعاد دولته "ج.ع.ي" بكل تخلفها ورجعيتها. فما الذي حدث وجعل الحراك يتباطأ بعد كل التضحيات التي دفعتها جماهير الجنوب الأبية؟!
الحقيقة التي لا ينكرها إلا مكابر، أن النفوس قد أفسدت، ولم نعد كما كنا عند انطلاقتنا الأولى أحبة ورفاقاً.. وهذا ما كان ليحدث إلا بعد أن عمد "المؤلفة قلوبهم" إلى إفساد قيم النضال وأخلاقياته. فغيبت روح التصالح والتسامح التي وأدت صراعات الماضي الجنوبية –الجنوبية.. فأعيد إنتاج التناقضات التي يعتلج بها المجتمع الجنوبي، ففاحت الروائح المنتنة، والبداية كانت بتطاول "العسكر" -أبلد ما خلق الله- ومرورا بإحياء مصطلحات "المنطقة الوسطى"، مديريات يافع الثماني، مديريات ردفان الأربع، الشيخة فلانة والقائد زعطان... الخ. وكلهم مجتمعون تشاركوا بإفقاد الحراك الجنوبي بعض بريقه في محاولة كانت تستهدف روح الجنوب وطمس هويته. وليس بعيدا ساهمت بالمؤامرة "الشقيقة الكبرى" بحسبة ضيقة اعتقدت أن المشكلة السكانية الاقتصادية اليمنية تهديد لأمنها القومي، وإبعاد لاحتمال تدفق الموجات البشرية شمالا عند أية أزمة، فالحل الأسهل السماح بابتلاع الجنوب في إطار صفقة لمكافأته على تنازله عن الوديعة والشرورة والخراخير والبريمي الجنوبية.
وهنا علينا الاعتراف -أيضا- أن نظام صنعاء قد أجاد اللعب على ورقة "الإرهابـ" للحصول على دعم الغرب له وسكوته على جرائمه في الجنوب. مما يبرز الحاجة لحملة علاقات عامة مع الرأي العام الغربي لتوضيح حقيقة أن "الإرهابـ" بضاعة النظام. ويمكن لزائري سجن سياسي صنعاء ملاحظة المعاملة الخاصة لقطعان تنظيم القاعدة، والدعم المالي الذي يحصلون عليه من السلطة، والسماح لهم بالتدريبات الرياضية، ضف لدورات وكتب الكراهية. وحكاية "إسماعيل غرابـ" المتهم بتفجير فندق بباب اليمن يؤمه سياح غربيون، واحدة من الشواهد! فبرغم الحكم عليه بالسجن لم يُسجن، بل كان يقيم في أحد القصور الرئاسية مع قائد عسكري قريب له (صهر الرئيس)! وتلك الورقة قد تنقلب على النظام إذا تأكد للغرب أن "الشمالـ" في الأساس بيئة حاضنه "للإرهابـ" وحماية لمصالحهم بالخليج الفارسي قد يدفعه للنظر بجدية لإيجاد حاجز جغرافي (دولة الجنوب) كخط دفاع أول له.
وفي خضم كل ذلك تقع على كل الخيرين مسؤولية رص الصفوف وبما يعيد للحراك الجنوبي وهجه، خاصة وأن كل الظروف مهيأة لانتصاره التاريخي. وذلك يقتضي العودة لخط البداية المتمثل بالتصالح والتسامح وأسلوب النضال السلمي. تلك الفكرة والوسيلة كافية لتحقيق الانتصار بعد إزالة ما علق بالحراك من شوائب الواقع المتخلف.
ومن الأهمية التأكيد على عدم جر الحراك الجنوبي إلى معارك جانبية تنهكه ولا تخدم سوى السلطة من خلال دفع "المؤلفة قلوبهم" فيه للتصادم مع أحزاب اللقاء المشترك وحزب الجنوب الكبير وأبيه وأمه: الحزب الاشتراكي اليمني "أدام الله ظله".
تضامن:
الحرية للمناضل معمر العبدلي ولالجي ودين والسقافين علي وعقيل.
منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن