رئيس أكبر الكتل البرلمانية يتدخّل مباشرة وينوب في التوقيع عن أعضاء غائبين لتوفية النصاب

رئيس أكبر الكتل البرلمانية يتدخّل مباشرة وينوب في التوقيع عن أعضاء غائبين لتوفية النصاب

بعد أسبوع من فشل البرلمان في عقد جلساته بسبب عدم اكتمال النصاب، وكادت أن تستمر لأسبوع آخر
هلال الجمرة
إذا صمتَ النواب وتعاموا عن رؤية ما أقدم عليه رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشيخ سلطان البركاني، من اختراق للدستور ومخالفة أمام الملأ، في جلسة السبت، أو أيدوا فعلته، فإننا (الصحفيين في الشرفة) سننقل للرأي العام ذلك الخرق والتحايل على الدستور، بتجرد: لقد استلف البركاني قلماً من أحد الأعضاء في سكرتارية الجلسات، ووقّع نيابة عن عديد برلمانيين غائبين

بعد أسبوع من فشل البرلمان في عقد جلساته بسبب عدم اكتمال النصاب، وكادت أن تستمر لأسبوع آخر
هلال الجمرة
إذا صمتَ النواب وتعاموا عن رؤية ما أقدم عليه رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشيخ سلطان البركاني، من اختراق للدستور ومخالفة أمام الملأ، في جلسة السبت، أو أيدوا فعلته، فإننا (الصحفيين في الشرفة) سننقل للرأي العام ذلك الخرق والتحايل على الدستور، بتجرد: لقد استلف البركاني قلماً من أحد الأعضاء في سكرتارية الجلسات، ووقّع نيابة عن عديد برلمانيين غائبين، بمبادرة يعتقدها حلاً لبلوغ النصاب. فبعد 7 دقائق من وصول البركاني إلى القاعة، ورؤيته الجلسة المشلولة ومناقشته إمكانية عقد جلسة بالعدد الموجود، والذي لم يبلغ النصاب بعد، وجد أنه لا فائدة من إقناع نواب رئيس المجلس بذلك، خاصة وأنهم امتنعوا عن عقد 4 جلسات سابقة للسبب عينه.
لم يفضِ الحوار معهم لشيء، فسار البركاني إلى السكرتارية، واطلع على إجمالي عدد الموقعين على حافظة الدوام، وعندما وجدهم ناقصين ترك لخياله العنان، وربما ساعده من كانوا إلى جواره، ليقرر أن يعمل ما يمكنه عمله لعقد جلسة برلمانية. سحب قلماً من عضو السكرتارية، الذي كان قابضاً بحافظة الدوام كالقابض على الجمر، وأدار الحافظة نحوه، وبدأ بالتدقيق على الغائبين ينتقي منها، بعناية، أسماء من يثق بأنهم لن يتحدثوا وغير بارزين، والتوقيع على نحو 7 أسماء، ساعده في اختيارها الشيخ ناجي القوسي، وآخر لا أعرف اسمه بالتحديد، وقّع أمام نحو 3 أعضاء.
عدد من النواب شاهدوا هذا، وعدد من نواب المعارضة كانوا مشغولين في أحاديث جانبية، ويلفون في القاعة وخارجها بانتظار اكتمال النصاب، ونواب رئيس المجلس حمير الأحمر ومحمد الشدادي وأكرم عطية، كانوا جالسين في مقدمة القاعة عن يمين المنصة، يتحدثون مع نواب. عقب انتهاء البركاني من مهمة توفية النصاب، تولى عضو في السكرتارية إبلاغ الشيخ حمير الأحمر، أن النصاب اكتمل، وما عليه سوى افتتاح الجلسة. صعد حمير المنصة وصاح لموظفي السكرتارية متفحّصاً صحة البلاغ، ومؤكّداً للصحفيين في الشرفة أن النصاب اكتمل. وفي الساعة ال11 و35 دقيقة افتتح حمير الجلسة بعد أن أعفاهم البركاني من إحراج افتتاحها دون بلوغ النصاب.
برغم أن المجلس عالج مشكلة كتلة الحديدة، التي تقاطع الجلسات منذ فترة، عقب اعتداء النائب محمد شردة على النائب عبدالله أهيف. وقد عالجها المجلس بالتحكيم القبلي وبالعدال ثم بالهجر ب43 ثوراً. وعادت الكتلة إلى الحضور السبت، وكان يعتقد بأنها ستملأ الفراغ وتكمل النصاب. لكن ركون عدد من النواب إلى هذه الكتلة التي يصل عدد أعضائها إلى 34 نائباً، وتكاسلهم عن الحضور، أبقى مشكلة عدم اكتمال النصاب قائمة، قبل التدخل العاجل الذي تولاه رئيس أكبر الكتل البرلمانية (المؤتمر الشعبي) البالغ عددها 240 نائباً، وقام بالتوقيع على بعض نواب غائبين بدلاً من التدخل بإلزام أعضاء كتلته لحضور الجلسات.
الأسبوع الماضي، لم يعقد المجلس سوى جلسة واحدة فقط، افتتحها رئيس المجلس يحيى الراعي دون اكتمال النصاب. وفي نهاية الجلسة وجّه -على صيغة تستخدم في الجلسات المماثلة التي لا يكتمل فيها النصاب معنونة بـ"الواصلين بعد رفع الحافظة"- سكرتارية الجلسات بإضافة 16 اسماً إلى حافظة الدوام، مبرراً ذلك بأنهم من "الواصلين بعد رفع حافظة الدوام". علماً أن الحافظة عادةً، لا تُرفع حتى رفع الجلسة. وتعتبر هي أول جلسة برلمانية في الفترة الثالثة من الدورة الأولى لدور الانعقاد السنوي الثامن.
وفي الجلسة التالية، أتى نائب رئيس المجلس محمد الشدادي ليعقد جلسة الأحد، لكنه اعتذر لعدم اكتمال الحضور، وقد بلغوا في حافظة الدوام لتلك الجلسة 137 نائباً، وبلغوا في جلسة السبت التي أدارها الراعي في اليوم السابق 134 نائباً فقط، مع هذا فقد أدارها ووجّه بتوفية الباقين وعددهم 16 من الغائبين.
حاول حمير الأحمر أن يعقد الجلسة ليومين تاليين، لكنه اعتذر أيضاً وخيّر النواب بين أن يصوتوا على خرق المادة 72 من الدستور، أو عدم عقد جلسة لأن النصاب لم يكتمل. واستمر في الاعتذار لجلسة أخرى، ثم اقترح على النواب رفع الجلسة ليوم السبت. فعلاً، مضى أسبوع ولم يعقد المجلس جلساته سوى ليوم واحد. وقد اعتبر عدد من النواب رفض نواب رئيس المجلس عقد جلسات دون اكتمال النصاب، رسالة واضحة منهم "باحترام الدستور والقانون".
وعلّق رئيس كتلة الاشتراكي عيدروس النقيب، بأن "ظاهرة الزيادة والغش في عدد الحاضرين أصبحت ظاهرة مألوفة في كافة الجلسات، ويعرفها جميع الأعضاء، حتى إنها أثيرت أكثر من مرة في المجلس دون طائلـ". وأضاف معلّقاً على اعتذار نائبي رئيس المجلس عن عدم عقد جلسات لأسبوع كامل: "الحقيقة أن كل الجلسات تعقد بهذا العدد، لكن النائبين أرادا النظام وتطبيق الدستور".
واعتبر النائب علي عشال "النصاب مشكلة المجلس المزمنة"، مؤكداً "أن ما يصدر عن المجلس هو غير قانوني، ولو كان هناك تفعيل للمحكمة الدستورية ووجد رجال قانون يتابعون ما يصدر عن المجلس لطعنوا في صحة كل ما يحدث عن هذه المؤسسة"، مشبّهاً المجلس "بالبيت الخرابـ". فالمادة 72 من الدستور اليمني "تشترط لصحة جلسات مجلس النواب حضور أكثر من نصف أعضائه مع استبعاد الأعضاء الذين أعلن خلو مقاعدهم".
فيما يقول النائب عبدالعزيز جباري باقتضاب إنه: "يجري العمل على اكتمال النصاب من خلال إصدار توجيهات من هيئة رئاسة المجلس إلى السكرتارية للقيام بهذه المهمة".
المشكلة أن موضوع افتتاح الجلسات دون اكتمال النصاب قد أثير في 30 مارس الماضي، وأثاره النائب المؤتمري نبيل باشا. ولم يتحدث معه سوى عبدالعزيز جباري الذي أعلن عدداً من الأسماء التي أضيفت في عداد حضور اليوم السابق. وقد انزعج من ذلك النائب محمد النقيب الذي ردّ على جباري بقسوة، وكذّب ما قاله من أنه كان غائباً. فرد عليه جباري معاتباً: يا أخ محمد، والله إنك كنت غائباً، وعلينا أن نفضح هذه الممارسات. المسألة ليست مسألة 7000 ريال بدل جلسات التي ستضاف إلى راتبك، المسألة أكبر من ذلك: اختراق للدستور وجلسات باطلة، وطعن في صحة الجلسات والقرارات الصادرة عنها.
لم يتحدث حينها أحد. وجرت العادة أن يغض النواب الطرف عن تقصي عدد الموقعين على الحافظة قبل افتتاح الجلسات، ويبدو كل همهم "هو افتتاح جلسات من أجل الحصول على بدل الجلسة والسلام"، كما قال جباري.