مرشح المشترك.. الواقع والطموح

مرشح المشترك.. الواقع والطموح - ناصر محمد ناصر*

ترى أين تكمن مشكلة المشترك وإدارته لحملته في الانتخابات القادمة؟ وهل باستطاعة مرشحها أن ينجز بمفرده ما لم تستطع أحزاب المشترك مجتمعة انجازه؟ للإجابة على هذين السؤالين دعونا ننظر في الآتي:
ابتداءً: ليس عندي أدنى شك في أن مرشح المعارضة يمتلك كل مقومات النجاح، فسجله النظيف وخبرته الواسعة وتجربته في الحياة، كلها مميزات تصب في صالحه، ويصب في صالحه أيضاً فساد وسوء إدارة وأخطاء وتجاوزات منافسه، والتي أوصلت نسبة الفقر إلى 70% بعد أن كان 4%، وأوصلت سعر الريال الى 198 للدولار، بعد أن كان 4 ريال للدولار يوم صعوده. ولكن المشكلة ليست على هذا النحو الذي تريد أحزاب اللقاء المشترك حصر المسألة الانتخابية بين شخصين. المشكلة اعقد من ذلك في احتكار القواعد الحاكمة للعبة الانتخابية في يد الحاكم والمتمثلة في:
1 - اللجنة العليا للانتخابات التي صاغت السجل الانتخابي بمفردها فاستبعدت حوالى مليون ناخب تشك في ولائهم، وأضافت نحو مليون آخر من الأتباع والأنصار والصبية، ووزعت البطائق الانتخابية على المعسكرات، وصاغت اللجان الميدانية من أعضاء الحزب الحاكم وعناصره الأمنية، وبالتالي صاغت نتيجة الانتخابات مقدماً.
2 - المؤسسة العسكرية والأمنية، والتي ستستخدم كهراوة لإرهاب الخصوم، ويستخدم أفرادها كناخبين لمن يدفع لهم مرتباتهم آخر كل شهر.
3 - سلاح المال والإعلام. المحتكريْن من قبل الحاكم الذي سيستخدمهما لشراء الذمم وتزييف الوعي في مجتمع تغلب عليه الأمية.
إذاً، هذه هي قواعد اللعبة الحاكمة للعملية الانتخابية والتي ستصيغ نتائج الانتخابات سلفاً لصالح الحزب الحاكم، وكلها دون استثناء في يد الحاكم، والمعارضة قد فرطت فيها مجتمعة يوم وقعت ورقة الضمانات مع الحاكم، وبالتالي سلمت بنتيجة الانتخابات التي صاغها الحاكم بمفرده وأضفت عليها طابع المشروعية، فماذا بقي للمعارضة إذاً من مقومات الفوز والنجاح؟ لا شيء سوى رجل عُرف بثبات الرأي وصلابة المبدأ، تريد أن تتخفى خلفه وأن تحمله مسؤولية إخفاقها وتفريطها وخذلانها للجماهير التي راهنت عليها. إن مرشح المعارضة وسجله الشخصي ليسا كافيين، فليس لدى الرجل عصا سحرية تمكنه من قلب قاعدة القوة التي يملكها النظام من جيش وأمن ومال وإعلام وتجيير النتيجة لصالح أحزاب المشترك، فهذا ضرب من الخيال. المنافسة القائمة الآن ليست بين مرشح المعارضة ومرشح المؤتمر الشعبي العام، ولا بين أحزاب المشترك وبين الحزب الحاكم، إن المنافسة هي –حصراً- بين مرشح المعارضة ومؤسسة الدولة بكل مقوماتها، فالحزب الحاكم هو الدولة وليس أقل من ذلك، وأحزاب المشترك سلمت بملكية الدولة للحاكم يوم وقعت على ورقة الضمانات، وبالتالي بقي في حلبة المنافسة مرشح المعارضة ومؤسسة الدولة بكل مقوماتها من جيش وأمن ومال وإعلام ونفوذ، فأي منافسة هذه التي يتحدث عنها هؤلاء الواهمون؟! المسألة واضحة بالنسبة لي، وهي على النحو التالي:
1 - أحزاب المشترك أخفقت في إجبار النظام على تحييد المؤسسة العسكرية والأمنية، وأخفقت في إجباره على تحييد سلاحي المال والإعلام. كما أخفقت في إجبار الحاكم على تغيير اللجنة العليا للانتخابات أو تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير العملية الانتخابية، أو إدخال طرف دولي ضامن لنزاهة الانتخابات. وعمدت بدلاً من كل ذلك إلى توقيع ورقة ضمانات، وتلك الورقة نفسها لا تمثل في حد ذاتها ضمانات بل أنها تتطلب جهة تضمن تنفيذها. وبذلك سلمت المعارضة بنتائج انتخابات معروف سلفاً أن الفائز فيها هو الحاكم.
2 - وحتى تغطي إخفاقها وتتنصل من مسؤوليتها الى التخفي وراء شخص مستقل له سجل وتاريخ نظيف، فهو وحده من سيتحمل نتيجة الهزيمة التي ستحدث دون أدنى شك والتي سلمت بها المعارضة سلفاً.
أحزاب وقادة المشترك الذين برعوا في انتقاد مسرحية تنحي المركز، تناسوا وثيقة الإصلاحات التي وقعوا عليها والتي كان يتحتم عليهما أن يفاوضوا على تنفيذ بعض بنودها على الأقل، وأخذوا يديرون مسرحية لا تقل هزلية عن مسرحية التنحي، هم وحدهم أبطالها ومهندسوها. أما المخدوعون هم جماهير الشعب اليمني الذين صدقوا أكذوبة المنافسة التي يتحدث عنها هؤلاء. إن باب المقاطعة الإيجابية مازال قائماً وممكناً، وهو الحل العملي في ظل ظروف لا تلبي الحد الأدنى للمشاركة، والذي من شأنه أن يبقي على الحد الأدنى من مصداقية المشترك، ومصداقية مرشحه الذي من الأجدر به أن يربأ بنفسه عن الانغماس في مهزلة لن تنتج سوى السخام.
* استاذ العلوم السياسية - جامعة الحديدة