غليان الأسبوع الأول من نزول تقرير ناهبي أراضي الحديدة تحت البرلمان

غليان الأسبوع الأول من نزول تقرير ناهبي أراضي الحديدة تحت البرلمان

* هلال الجمرة
بدأت انفجارات تقرير اللجنة الخاصة بتقصي الحقائق حول مشاكل الأراضي بالحديدة، تتصاعد الأسبوع الفائت من تحت قبّة البرلمان. وبانت على ألسنة اللّهب المتصاعدة علامات ارتياح وعلامات سخط في صفوف النواب. وبين ثنايا التقرير تجلّى سعير الحرب التي يصلاها ملاّك الأراضي المنهوبة. خلال اجتماعات اللجنة الخاصة لصياغة التقرير، وقع أعضاؤها في تباينات شاسعة بشأن الصياغة خاصة في ما يتعلق بتحديد المساحة التي تم الاستيلاء عليها في بعض الحالات، وكذا التعامل مع بعض الشكاوى التي لا تحمل أية وثائق، والتي لحقت اللجنة إلى صنعاء.
كانت عملية إنزال التقرير إلى القاعة مفاجئة. فخلال ترقب النواب وصول وزيري الداخلية والدفاع على الموعد، يوم الاثنين الفائت، الذي حدده المجلس لهما للرد على أسئلة النواب حول ما قامت به وزارتاهما حيال القبض على المتهمين بقتل 4 من أبناء القبيطة بمحافظة لحج، أمر الراعي السكرتارية بإنزال تقرير الحديدة إلى القاعة وتوزيعه لإخماد سخط النواب على تخلف الوزيرين. ولحظة توزيع التقرير، استغرب عبدالكريم شيبان، وهو عضو في اللجنة، من التعديلات التي استحدثت في التقرير بعد اتفاقهم على صيغة مختلفة مساء اليوم السابق. وانتقد رئيس اللجنة سنان العجي، الذي لم يحتمل الانتقاد من شيبان، فتطور الحديث بينهما إلى خلاف أعقبه تبادل الشتائم حتى كادا أن يشتبكا.
استخدم الراعي ضد شيبان لغة عنيفة وغير لائحية، وخاطب شيبان: "احترم نفسكـ". فرد عليه: "احترم نفسك أنت". وبعد دقائق من تعنيف شيبان، صرخ الراعي: "أين العسكر يجوا يسحبوه على نخره". لم تكن هذه اللهجة مقبولة إطلاقاً، وقوبلت باستنكار غالبية النواب، حتى بعد أن قدّم الراعي اعتذاره لشيبان في اليوم التالي. ويعتبر الراعي أحد الأسماء المتهمة بالاستيلاء على أراضي آخرين في تقرير اللجنة. ويعتقد شيبان أن الراعي أُبلغ بموقفه المتصلب داخل اللجنة تجاه إبراز الحقائق، وتعامله معه بتلك الطريقة "كان ردّ فعل وكأن المسألة شخصية بيننا"، طبقاً لشيبان.
الراعي: عليّ وعلى أعدائي
في اليوم التالي، ارتفعت من وسط القاعة أصوات برلمانية تطالب بالتحفّظ على الأسماء التي تضمنها التقرير بمبرر عدم تأكد اللجنة من تورط كافة المشكو بهم، مقابل أصوات تشدّد على ضرورة قراءتها، وعلى رأسهم صخر الوجيه، أحد أعضاء كتلة الحديدة، "لكي يعلم القاصي والداني من هم الناهبون". أخذ الراعي رأي الطرفين، ليوهم النواب في البداية، بأنه ضد قراءة الأسماء. ليتّخذ القرار النهائي بعد ذلك: "لمه عاد شانخبي... قد شرشحت بنا وسائل الإعلام أمس في كل مكان إن رئيس المجلس بينهب الأراضي، لكن نقرأ الأسماء عليّ وعلى أعدائي". بدا رئيس المجلس العميد يحيى الراعي، غير مكترث بما سيكشف عنه التقرير، فموقفه في النهاية قويّ ومدعوم. وبحسب فتوى اللجنة التي اختتمت بها عدداً من الوثائق التي أبرزها لها، فإن "شراء الراعي وشريكه صحيح استناداً إلى البصائر المسلسلة". لكنها لم تبدِ رأيها في الأوراق والوثائق والبصائر والتوجيهات الرئاسية التي قدّمها لها الشاكون من الاعتداء على أرضهم والبناء فيها بالقوة وبالأطقم.
استمع المجلس لعدد من الأسماء ورفعت الجلسة قبل إكمال البقية. جلسة الأربعاء، كان مقرراً حضور رئيس الوزراء، للرد عن الأسباب ارتفاع الأسعار. لكن حرارة التقرير، ساقت الشيخ محمد شردة إلى مواجهة عضو كتلة الحديدة، الشيخ عبدالله أهيف، الذي صرّح للجنة أن القاضي محمد الأكوع -الذي تكرر اسمه في التقرير من ضمن المشكو بهم بالاستيلاء على مساحات شاسعة، 4 مرات- والشيخ محمد شردة "كانا يحضران ومعهما مجاميع مسلحة بالزي العسكري، إلى منطقة المجاهصة بالحديدة ويخطفون المواطنين ويحرقون عششهم حسبما هو مثبّت في محاضر النيابة والمحاكم، وذلك من أجل السيطرة على الأراضي التي يدعون ملكيتها والتي يوجد فيها مساكن لأهل المجاهصة من عشرات السنين".
وبعد لحظات من وصول شردة إلى أهيف، مدّ الأول يده ولَكَمَ أهيف وحاول صفعه على خده، إلا أن الثاني تحاشى ذلك، ووقف بينهما الشيخ ناجي القوسي. وتنبّه حمير لذلك حالاً، وطلب من النواب التصويت على إخراج شردة من القاعة، بسبب إخلاله بالنظام داخل القاعة، وبحسب اللائحة يعاقب بإخراجه من القاعة، فقام النواب وسحبوا شردة إلى خارج القاعة. وبعد لحظات من الغليان الذي شهدته القاعة، انسحب أهيف وانسحبت وراءه كتلة الحديدة بأكملها، إضافة إلى عدد من النواب المتعاطفين والمستنكرين للتصرّف الذي قام به شردة.
كتلة الحديدة تقاطع الجلسات حتى تنفذ الحكومة توصيات اللجنة
ويوم السبت الماضي، سلّم علي عشّال رسالةً موجهة من كتلة الحديدة إلى البرلمان مفادها: نحن أعضاء مجلس النواب الممثلين لمحافظة الحديدة نقاطع جلسات المجلس نتيجة لما حدث صباح الأربعاء 7 أبريل الجاري تحت قبة البرلمان من انتهاك صارخ للدستور والقانون من قبل النائب محمد شردة تجاه الشيخ عبدالله أهيف. موضحة أن الاعتداء كان على خلفية قراءة تقرير لجنة تقصي الحقائق حول نهب أراضي الحديدة، والذي ورد اسمه ضمن القائمة المتهمة بالاستيلاء على الأراضي. مؤكدين أنهم لن يتوقفوا عن مقاطعة جلسات المجلس إلا بعد أن تلتزم الحكومة بتنفيذ توصيات اللجنة وتنتهي من تنفيذها. وقع على الرسالة 34 نائباً يتصدرهم صخر الوجيه ونائب رئيس المجلس أكرم عطية.
في هذه الجلسة، انتقد عدد من النواب ما حدث من اعتداء على أهيف، وانتقد نبيل باشا عدم نقل المحضر للخبر بحيادية، وقال إن المجلس لو تجاهل هذه القضية فسيكون مصير المجلس الانقراض والهلاك. فقبل أشهر، "علّق نائب رئيس المجلس محمد الشدادي حضور الجلسات، واليوم نائب رئيس المجلس، أكرم عطية وكتلة الحديدة، ونحن غير مكترثين لما يحدث".
علي عشّال، استنكر ما تعرّض له أهيف من اعتداء. واعتبر تجاوز المحضر لحادثة الاعتداء واعتبارها مجرّد خلاف عابر "مصيبة كبرى". وأن اعتداء شردة على أهيف أمام الأعين "سابقة خطيرة جداً توجب على المجلس الوقوف أمامها والانتصار لكتلة الحديدة ولأعضاء المجلس". معتبراً ما حدث ليست إساءة لكتلة الحديدة فقط، بل للمجلس بكامله، وعلى المجلس أن يقوم برفع الحصانة عن محمد شردة".
وفي حين طالب النواب بإكمال قراءة التقرير للشروع في النقاش للانتصار لكتلة الحديدة، لاحظ نائب رئيس المجلس حمير الأحمر أن اللجنة لم توفق في إعداد التقرير. وإذ تمنّى أن يكون رئيس اللجنة ومقررها موجودين، قال إن "هناك أشياء تضمنها التقرير تتعارض مع الدستور، وهي التدخل في شؤون القضاء". وأضاف موضحاً: "الإخوة في اللجنة قدمت لهم وثائق وأوراق صحيحة وخاطئة وهم يقولون هذه قضايا صحيحة، وهذا خطأ لأنهم تعدوا صلاحياتهم وتدخلوا في صلاحيات القضاء". واقترح أن "يحال التقرير إلى لجنة برئاسة نائب رئيس المجلس محمد الشدادي". وزاد مبرراً ضرورة إحالته إلى اللجنة: "لا نريد أن نشهّر بالناس دون أن يكون لهم علاقة، وكي لا نقع في هذا الخطأ علينا أن نحيله إلى اللجنة، وإلا فسنبقى مهددين بأن ترفع علينا دعاوى قضائية". مؤكداً موقفه تجاه الظلم: "نحن مع المواطنين ضد الظلم والظلام والنهب الذي يتعرّضون له، لكن في التقرير مخالفات للدستور وللقانون، نرجو التصويت بإحالة التقرير".
حميد الأحمر: ورود اسمي ضمن التقرير استهداف شخصي لأسباب سياسية
بدت المعركة كما لو أنها بين الراعي وحمير، وبدا القصد من إنزال التقرير الذي حرص الراعي على إنزاله، لمجرد إنزال اسم حميد الأحمر ضمن المتهمين بالاستيلاء على أراضي الحديدة. وقد أشار الراعي إلى الغرض من مناقشة التقرير حين رد على حمير: "نناقش التقرير في القاعة ونلزم الحكومة بتنفيذ التوصيات، والذي عنده أي اعتراض أو لديه أوراق يقدمها للحكومة، والذي اتهموه خطأ يرد إليه اعتباره". وكما هو لافت في الرد الذي حرره الشيخ حميد الأحمر إلى اللجنة قوله بأنه اشترى الأرض، واختتم رسالته قائلاً: "إنه لم يتقدم أحد بشكوى محددة ضدّنا، وكل ما تم كلام عابر، وكما سمعت من رئيس اللجنة أنه عند التعرض لهذا الأمر أكد لكم مرافقوكم من أبناء المنطقة أننا من المشترين شراء سليماً، وأننا لم نستلم أرضنا حتى الآن". مؤكداً أنه في حال ورود اسمه ضمن هذا التقرير فإنه سيعتبره "استهدافاً شخصياً لأسباب سياسية"، مبدياً استعداده للوقوف أمامهم مع أي شخص يدعيه. وأوضح في رسالته أنهم مشترون من شخصيات معروفة أمثال حمود بن ناجي الشايف والشيخ شعيب الفاشق.
*********
بين نموذجين
يتعامل رئيس مجلس النواب العميد يحيى الراعي، مع أعضاء المجلس باعتبارهم "موظفين تابعين له أو جنوداً في لوائه". وبرغم محاولاته المتكلفة تقمص شخصية البرلماني الخبير ببواطن الأمور، إلا أن تكلفه الزائف، غالباً ما يغادره، فيلبس شخصية "العسكري الجَلِف"، ويظهر ما يكنّه للآخر من غضب. في جلسة الاثنين الماضي، تصرّف الراعي على سجيته، وهاجم عبدالكريم شيبان بشدّة، مهدداً بـ"سحبه على نخره إلى خارج القاعة".
قطع الراعي على شيبان الميكرفون أثناء إعلان شيبان تحفظه على تقرير اللجنة الدستورية حول رأيها في مشروع "إنشاء صندوق استثماري لإقراض الأسر الصغيرة" المقدم من النائب محمد الحزمي. وشيبان هو عضو اللجنة، وقد تحفظ على ذلك لما قال إنهم أنزلوه إلى القاعة دون علمه وهو عضو في اللجنة. تصرُّف الراعي معه بهذه الطريقة له أسبابه، يقول شيبان: كان منزعجاً من موقفي الواضح في اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق حول ناهبي الأراضي في الحديدة.
انتقد شيبان تصرف الراعي وقطعه لكلامه، وكان يصيح فيما تجاهل الراعي طلبه فتح الميكرفون. الراعي خاطب من شيبان قائلاً: احترم نفسك، فرد الثاني: احترم نفسك أنت. في تلك اللحظة، اعترض شيبان على ما استحدثه رئيس لجنة الحديدة على التقرير من تعديلات وحذف وإضافات. ودخل هو ورئيس اللجنة سنان العجي، في إشكالية أدت إلى محاولة العجي الاعتداء على شيبان. تبادل النائبان الشتائم، فيما تدارك بعض النواب الموقف ومنعوهما من الوصول إلى حد الاشتباك بالأيدي. وتولّى ثمة نواب مهمة تهدئة شيبان ومنعه من الردّ على تعليقات الراعي دون أن يحاولوا إسكات الأخير. خلال ذلك، صاح الراعي قائلاً: "أين جوا الأمن يجوا يسحبوه على نخره". فيما قام نواب بأخذ شيبان إلى بوفية المجلس.
كان تصرّف الراعي مخالفاً لنص المادة 96 من اللائحة الداخلية للمجلس، تماماً، والتي توضّح كيف يتعامل المجلس مع أعضائه في حال أخل أحدهم بالنظام داخل القاعة. في المقابل، أثبت الشيخ حمير الأحمر، نائب رئيس المجلس، فهمه العميق للائحة وتعامله الراقي مع النواب. في جلسة الأربعاء الماضي، كانت تداعيات تقرير اللجنة البرلمانية حول ناهبي أراضي الحديدة تتجدد، وكان رئيس الجلسة حمير الأحمر، عندما اعتدى النائب محمد شردة على زميله في المجلس عبدالله أهيف، حيث لكمه وحاول صفعه، قبل أن يتدخّل الشيخ ناجي القوسي بفضّ العراك.
تنبّه حمير الأحمر للموقف مباشرة، وتصرّف على النقيض من تصرف رئيس البرلمان في الجلسة السابقة. طلب حمير من المجلس التصويت على إخراج شردة من القاعة، فصوّت الحاضرون على ذلك فغادر شردة القاعة. لقد طبّق نص المادة 96 من اللائحة الداخلية التي تنص على أنه: "للمجلس أن يوقع على العضو الذي يخل بالنظام أو لا يمتثل لقرار رئيس المجلس أحد الجزاءات الآتية: أ- منع العضو من النقاش بقية الجلسة. ب- الإخراج من قاعة الجلسات مع الحرمان من الاشتراك في بقية أعمال الجلسة". بعد ذلك رفع الجلسة، بصورة طارئة، استجابةً لطلب بعض الأعضاء، لاسيما بعد انسحاب كتلة الحديدة وتضامن عدد كبير مع النواب مع زميلهم عبدالله أهيف.
ولدى ملاحظة الفرق نجد أن هناك هوة كبيرة بين الأسلوبين. فبين تعامل لائحي دائماً ما يكرره حمير الأحمر عند أية إشكالية تحدث في القاعة خلال إدارته للجلسات، وتشديده على النواب ودعوتهم لقراءة اللائحة وفهمها، عند ردوده على تذمّر النواب من أسلوب إدارته للجلسة. فهو غالباً ما يتعمّد أن يرد عليهم باقتضاب: "اقرأ اللائحة... أنا أطبق اللائحة... اقرأها وأنت شاتعرف".
وتعامل نائب رئيس المجلس حمير الأحمر بحذر شديد مع الموقف الشديد الحساسية لدى النواب. وعقب التصويت على إخراج محمد شردة من القاعة، اقترح الشيخ أحمد أبو حورية أن يتم عقاب شردة أكثر بأن يتم التصويت على رفع الحصانة عنه لفترة محددة، إلا أن حمير ردّ بثقة شخص يتصرف وفق لائحة: "اللائحة لا تجيز لنا ذلك. وتستوجب تصويت ثلثي الأعضاء لرفع الحصانة عنه". ويوم السبت الماضي، قال إن اللائحة لا تعطيهم الحق في رفع الحصانة عن زميلهم شردة إلا بطلب من وزارة العدل مبني على إدانات. فلم يجرؤ أحد على التعقيب على حمير سيما وهم يرونه بين الفينة والأخرى يفتح اللائحة ليراجعها حتى إذا ما حدث شيء طارئ داخل القاعة يكون قريباً من ذاكرته.
الاعتداء الذي تعرض له أهيف، جاء كردة فعل غاضبة من محمد شردة الذي ورد اسمه في تقرير تقصي الحقائق حول أراضي الحديدة، ضمن ردّ النائب عبدالله أهيف على سؤال استدعت اللجنة البرلمانية حول اتهام القاضي محمد الأكوع، المتهم بالاستيلاء على أراضي مواطنين، له بتحريض الأهالي -المدعين ملكية الأرض- عليه. وقال أهيف إن "الأكوع ومعه النائب محمد شردة كانا يحضران ومعهما مجاميع مسلحة بالزي العسكري إلى منطقة المجاهصة بمديرية التحيتا بالحديدة، ثم يقومان باختطاف المواطنين وإحراق عششهم حسب ما هو مثبت بمحاضر النيابة والمحاكم، وذلك من أجل السيطرة على الأرض بقوة السلاح. مع العلم أن هذه الأراضي التي يدعون ملكيتها فيها مساكن لأهل المجاهصة من عشرات السنين".
**********
الشخصيات الاستثنائية في نظر اللجنة
ركّز تقرير لجنة تقصي الحقائق في الحديدة على 4 شخصيات، وحرص على أن يوليها اهتماماً خاصاً. أبلغ الشخصيات "الاستثنائية" بالشكاوى المقدمة ضدّها، وطلب منها تزويد اللجنة بالوثائق التي تثبت أحقيتها في الشراء، وتجاهل إبلاغ أكثر من 145 شخصية من المتهمين بالاستيلاء على أراضي الدولة، و179 شخصية من المتهمين بالاستيلاء على أراضي مواطنين. خصّ بالبلاغ "رئيس المجلس يحيى الراعي، الشيخ حميد الأحمر عضو المجلس، الدكتور عبدالوهاب محمود، نائب رئيس مجلس النواب السابق، والقاضي محمد الأكوع نافذ ومتهم بشراكته مع ورثة محمد عبدالله صالح شقيق رئيس الجمهورية"، بحسب التقرير.
اعتمد التقرير في تركيزه على تبرئة العميد يحيى الراعي، إذ أقرت "اللجنة أن شراء الراعي وشريكه صحيح استناداً إلى البصائر المسلسلة". ولهذا السبب بدا الراعي واثقاً من نفسه بعد أن تأكد من تبرئة اللجنة له. ويقول عبدالكريم شيبان إن أحد أسباب الخلافات التي حدثت بينه وبين رئيس اللجنة، أنها برأت أشخاصاً دون أن يكون لها الوجه القانوني في ذلك. وسردت في الملاحظات نحو 6 وثائق قالت إن الراعي قدمها للجنة، وتجاهلت الوثائق والبصائر وعقود التمليك وتوجيهات رئيس الجمهورية التي قدمها الشاكي لإثبات ملكيته للأرض.
ولتعويض الشيخ حميد الأحمر، فقد عمدت اللجنة إلى قبول الشكوى المقدمة ضده بعد وصولها صنعاء. ولأن الشاكين لم يرفقوا للشكوى ضد حميد أية وثائق تثبت ملكيتهم للأرض، فقد استندت اللجنة على أنها صحيحة لأنها مقدمة من 11 شخصاً. يقول شيبان في تصريح لـ"النداء": "بعض الشكاوى لم تكن موجودة في الحديدة ووصلت صنعاء وقدمت إلى اللجنة.. حينها أحسست أن هناك استهدافاً لبعض الشخصيات، حتى إننا حين نزلنا إلى موقع الأرض نفسها لم تقدم لنا أي شكاوى". وأشار إلى أن من الأخطاء التي تضمنت التقرير أن تستخدم مصطلح "البسط" للحديث عن أرض غير مقبوض أو مبسوط عليها خطأ.
طافت اللجنة المكونة من 7 أعضاء، تهامة، في 6 أيام، وعادت للمجلس بتقرير تقصي الحقائق حول أراضي الحديدة المنهوبة، يحتاج إلى تحرٍّ حول صحة المعلومات التي احتواها. عضو اللجنة شيبان يقول إن التقرير الذي نزل إلى المجلس هو رابع نسخة حيث تم تنقيحه وتعديله 3 مرات، استبعد في هذه التعديلات تصريحات لمسؤولين توضح كيف تم الحصول على توضيحات. وقد اعتمدت اللجنة في جانب الشكاوى على حدسها إذ قبلت بأي شكوى حتى لو لم تدعّم بالوثائق، لتترك مسألة التحري من صحة أو كيدية الدعوى على الحكومة بعد الالتزام بتوصيات مبنية على شكاوى غير موثقة وعلى قضايا غالبيتها منظورة أمام القضاء.
وفي مصفوفة المتهمين بالبسط والاستيلاء على أراضي الدولة اتهم التقرير 148 شخصية نافذة تتنوّع بين أعضاء مجلس النواب ومشائخ وشخصيات اجتماعية ورجال الأعمال وعسكريين. ونحو 197 شخصية بالبسط والاستيلاء على أراضٍ تابعة لمواطنين، 58 منهم ينتمون إلى المؤسسة العسكرية، 57 نافذون في الدولة ومؤسسات حكومية مختلفة، 10 من المشائخ، 8 أعضاء مجلس نواب، و53 بين تجار وناهبين لم تحدد صفاتهم الوظيفية. أكد هذا التقرير في ملاحظاته أن معظم الاعتداءات على الأراضي حاصلة من عسكريين ومسؤولين أو شخصيات اجتماعية أو تجار يساندهم عسكريون أو مسلحون.
تقول الشكوى المقدمة ضد د. عبدالوهاب محمود، نائب رئيس المجلس السابق، في تقرير اللجنة: إن الحميري قام ببناء غرفة في أرضه بقوة السلاح باسم الدكتور عبدالوهاب محمود. ثم تشير اللجنة إلى وجود غموض في الشكوى من حيث المشكو بهم. أحضر إلى اللجنة بصيرة الشراء معمدة من محكمة زبيد الابتدائية.
وبرغم أوجه القصور التي تضمنها التقرير، إلا أن اللجنة بذلت جهوداً تشكر عليها. وستبقى مسألة التحري بالنسبة لصحة الشكاوى من عدمها مرهونة بقرار الحكومة. شيبان لفت إلى أن التقرير لا يمثل سوى عينة لما يجري في الحديدة من سعار النهب للأراضي، وأن ما تضمنه التقرير لا يصل إلى 10% من عمليات النهب الموجودة في الحديدة.
اللجنة التي تكونت من رئيسها سنان العجي ومقررها مفضل الأبارة، وضمت في عضويتها عبدالكريم شيبان وحسين السوادي وعلي فتيني غلاب ومحمد البرعي وعبدالحميد فرحان، خرجت ب28 استنتاجاً وملاحظة بنت عليها 22 توصية للمجلس بإلزام الحكومة بها، تأتي في صدارتها التوصية بضبط كل حالات الاعتداءات على أملاك الدولة والمواطنين في المحافظة، وضبط ومعاقبة كل من يبيعون بمحررات وهمية أو من يدعون الملكية دون وجه حق مهما كانت صفة المعتدين، عن طريق تحريك الدعاوى القضائية على المعتدين وتنفيذ الأحكام القضائية بعد صدورها بكل حزم وصرامة.
إضافة إلى إلزام السلطة المحلية بتنفيذ المحضر الموقع من الجهات المختصة المحدد لحرم مطار الحديدة وتسويره بحسب العلامات الموضوعة، ومنع الشرطة الجوية من التدخل في قضية الأراضي وتسليم الأراضي الخارجة عن الحرم للهيئة لتخطيطها حتى ينتفع بها المواطنون المحتاجون للسكن، وتسليم المزارع والأراضي المجاورة لحرم المطار أو الداخلة فيه لأصحابها أو تعويضهم التعويض العادل وخلال مدة أقصاها 6 أشهر. وإلزام وزارتي الدفاع والداخلية بمنع أي تدخل من قبل أي فرد من منتسبي وحدات الجيش والأمن بالمحافظة في مشاكل الأراضي أو السطو عليها بالقوة أو حماية أشخاص للسيطرة على أراضي الدولة، ومحاسبة ومحاكمة كل من ثبت اعتداؤه.
علاوة على توصيات أخرى جميعها تشدد على معاقبة وحاسبة المعتدين وضبط مسألة البيع والشراء، وإجراء تعديلات قانونية من شأنها تشديد العقوبات على كل من البائعين المدعين للملكية بدون وجه حق، أو الأمناء ومحرري البصائر والعقود بدون التحري والتثبت من صحة الملكية، المشترين مع معرفتهم بعدم صحة ملكية البائعين لهم، وكل من مارس أي شكل من أشكال العدوان أو الاستحداث على أراضي الدولة أو أراضي المواطنين.