فخامة الرئيس

فخامة الرئيس

* محمد الغباري
فخامة الرئيس علي عبدالله صالح.. تحية احترام..
أجدني في لحظة تأثر بالغ وعجز على الأقل في ما يخص شخصي، وبعد أن وجدتني عاجزا عن فعل شيء ينهي معاناة الزميل محمد المقالح، أتقدم إليك بهذه المناشدة، لعلها تجد صدى لديك.
فخامة الرئيس: أرجوك بكل قيم الإنسانية، أن تتدخل وتنهي معاناة الزميل وإطلاق سراحه، لأن التنكيل الذي تعرض له طوال 6 أشهر مضت، لم يسبق لغيره أن تعرض لمثله، كما أن سيرتك في الحكم تتعارض تماما مع هذه الحالة اللاإنسانية، والتهم التي سيقت ضده لا تبرر ما تعرض له، والأدلة التي سيقت لا تؤكدها، وبدا وكأن الأمر موقف شخصي، لا أظن أن عاقلا يقبل أن يكون خصمه رئيس الجمهورية.. وإذا حدث ذلك فإنها الكارثة بعينها.
أعرف يقيناً -كما تعرف أنت- أن المقالح لم يكن متآمرا، ولا يجيد الكذب والمراوغة واللعب على الحبال، وأنه يقول كل ما يقتنع به حتى وإن اختلف فيه مع أقرب أصدقائه، وأدعي أني قد أكون واحدا من هؤلاء الذين عايشوه لسنين طويلة. كما أن المنطق يقتضي، وقد وقفت الحرب وأصدرت عفوا عاما عمن حمل السلاح في وجه الدولة وقتل الجنود، أن يكون المقالح أول المعنيين بهذا التسامح، لأنه لم يحمل سلاحا ولم يقتل أحدا.
لن أطالب بالتحقيق في حادثة اختطاف المقالح وتعذيبه، ولكني أستحلفك بكل عزيز في حياتك، أن تضع حدا لهذه المهزلة التي تسمى محاكمة، لأن التسجيلات التي قُدمت فيها تسيء لنظام حكمك، وتكشف مقدار الجرأة التي وصلت لها بعض الأجهزة في التنصت على المكالمات الشخصية، والعائلية للناشطين السياسيين والصحفيين، فيما إن الجميع يعلم جيدا أن الخارجين على القانون وأصحاب النفوذ بعيدون عن المساءلة، ويتم استرضاؤهم؛ إما خشية من نفوذهم القبلي، أو طمعا في كسب ودهم لمواجهة الأطراف الأخرى.
فخامة الرئيس: لقد خذل الزملاء محمد المقالح ربما لأسباب سياسية، وبدا من حديثك لقناة العربية عن التمرد أن الحرب في صعدة قد أصبحت جزءاً من الماضي، ولهذا فإن استمرار محاكمته والتنكيل به، وتعمد امتهانه يزيد من مساحة الشعور بالغبن المناطقي لدى فئة واسعة جدا من الناس الذين وجدوا أن من قُتلوا في بني حشيش أو حرف سفيان أو غيرهما، يعاملون كأنداد حتى وهم في السجون، لم يتعرض أي أحد منهم ولو لجزء بسيط مما تعرض له المقالح.
ألا يرجح هذا التعامل الفرضية التي تقول بأن الحكم لا يحترم إلا الأقوياء، وأنه لا يستقوي إلا على المجردين من السلاح، أو الانتماء القبلي، أو المنخرطين في العمل السياسي السلمي..؟
مهما قيل عن محمد المقالح فقد أثبتت الأحداث أنه ضحية للحرب في صعدة، ولم يكن قائدا وموجها لها كما كان يراد تصويره، ولو لم يكن الحال كذلك لما جلس ممثلو الحكومة مع قادة التمرد وفاوضوهم، وربطوا صداقات معهم. وإني إذ يخيفني التدهور المريع في صحة زميلي، أخشى أن تتحملوا وزر ما سيلحق به جراء سوء معاملته طوال التاريخ.
أصدقك القول إن الرجل، رغم ما تعرض له، ظهر صامدا لم ينكسر، ولا أظنه سيفعل ذلك، لكن الاستفراد به وتحويل الدولة بكل أجهزتها إلى عدو لمواطن مجرد من القبلية أو السلاح، أمر مرعب، لأننا في الجلسة الأخيرة لمحاكمته، وجدنا أن ممثل الادعاء العام يتصرف كضابط بوليس، يلقي بالشتائم على شخص مكبل وسط قفص الاتهام، وكأنه ينتظر إشادة من أعلى المستويات على هذا الفعل المجرد من قيم الرجولة أو الشجاعة.
هل من الأخلاق في شيء، أن يعتدي ضابط على رجل مقيد وتحت مسؤوليته؟ ولماذا كل هذه العدوانية تجاه المقالح، وهو وإن اختلف مع الحكم في الموقف من الحرب في صعدة، لا يمتلك إلا قلمه، وموقعا الكترونيا من السهل إغلاقه أو تدميره إذا كان ما يكتبه يؤذي أو سبب في عدم القدرة على حسم المعركة.
مرة أخرى أناشدك بكل قيم الإنسانية أن تضع حدا لمعاناة زميلي، مع أني لا أعرف إذا كانت تلك المناشدة ستجد من يسمعها، أم أني بهذا الفعل أكون قد أغضبت من حيث لا أدري من اعتقدت أني أسعى للمساهمة في وضع حد لمأساته.