ليلة باردة!

ليلة باردة!

* شفيع العبد
فاصلة أولى:
"لا داعي للخوف من صوت الرصاص.. فالرصاصة التي تقتلك لن تسمع صوتها"!
في إحدى الليالي الباردة جمعتني الصدف ببعض الأصدقاء، وتجاذبنا أطراف الحديث حول الأوضاع التي تشهدها محافظات الجنوب، وتحديداً الضالع ولحج وأبين، وما تمر بهمن ظروف استثنائية جراء الحملة العسكرية الشرسة التي استهدفت تلك المحافظات، وأدت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى، وإعلان منع التجوال بداخلها، وجعلها تعيش حالة طوارئ غير معلنة.
أحدهم قال ساخراً: إذا سألت أحد أبناء الجنوب أين كنت فستأتيك الإجابة على الفور: كنت في السجن، أو لتوي عائد من الجبل حيث كنت مطارداً من قبل قوات الأمن والجيش.. بينما لو سألت أحدهم من الضفة الأخرى -يقصد أبناء المحافظات الشمالية- لأجابك: كنت في باريس أو واشنطن أو القاهرة لقضاء فترة نقاهة أو غيرها!
ذلك ما قاله صديقي مع تحفظي على التعميم، لكنها حالة باتت تفرض نفسها جراء ما يعانيه ابن الجنوب الذي بات اليوم أكثر إصرارا على التمسك بخيار "فك الارتباط" ويرى نفسه من خلاله ويناضل لتحقيقه غير مبالٍ بالسجون أو الاغتيال أو المطاردة أو توقيف الراتب!
صديقي تساءل أيضاً عن حقيقة موقف طارق الفضلي وسبب توقيعه الهدنة منفرداً دون التشاور مع قادة الحراك الجنوبي؟ ولماذا أقدم على طمس أعلام الجنوب من على أبواب منزله، وأنزل العلم من على سطح المنزل؟ وهل استكثر على شهداء مجزرة 23 يوليو 2009، بقاء صورهم على واجهة منزله؟
أسئلة كثيرة وجهها صوبي باحثاً عن إجابة مني أنا الباحث عن الإجابة أيضاً، فلم أجد بداً من تذكيره بمقولة لعبدالرحمن الكواكبي مفادها: "لا تربط نفسك بمن إذا سقط سقطت"!
الحراك السلمي الجنوبي ما وجد إلا ليبقى ويحقق أهدافه بصرف النظر عن مواقف الأشخاص أكانوا متواجدين في صفوفه منذ البداية وكانت لهم إسهاماتهم، أو من أولئك الذين أعلنوا انضمامهم إليه!
لذا فالإيمان بعدالة القضية والتمسك بالنضال في سبيلها كخيار استراتيجي هو الميزان الحقيقي بصرف النظر عن مدى استمرارية هذا الشخص أو ذاك!
التفتيش في النوايا مؤلم، وليس في مصلحة الحراك السلمي الجنوبي وهو يدخل عامه الرابع، ولن يخدم الجهود الحقيقية الرامية إلى تقريب وجهات النظر وإذابة الخلافات التي دأب البعض على إيجادها لخدمة أهداف غير سوية. على الجميع أيضاً ألا يقف كثيراً عند مواقف الأشخاص، وأن ينتقل جدياً باتجاه الدفع بالجهود نحو توحيد الصف ونبذ الفرقة.
السلطة تجتهد في التصعيد ومواجهة الحراك بمزيد من القمع وعسكرة المدن ومطاردة الناشطين واعتقالهم ومحاكمتهم بأقسى الأحكام كما في حالة المناضل حسين زيد بن يحيى. لذا على قادة الحراك وناشطيه أن يدركوا يقيناً أن تقريب وجهات النظر وإزالة التباينات والاختلافات طالما والهدف واحد، باتت ضرورة تمليها المرحلة الراهنة لما من شأنه القدرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية!
فاصلة أخيرة:
إهداء للأسير هشام باشراحيل:
"كل الظلام الذي في الدنيا لا يستطيع أن يخفي ضوء شمعة"!