هل يفعلها الإرياني؟

هل يفعلها الإرياني؟

* محمد شمس الدين
أعتقد أن الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، والتي سببتها سياسة الحزب الحاكم وضعف المعارضة، تتطلب من العقلاء والخيرين الخروج من دائرة الصمت حتى لا تذهب اليمن إلى الجحيم، فالوقت لم يعد يسعف أحدا، لأن التخلي عن المواقف الحزبية والمصالح الشخصية إن وجدت أصبح ضرورة حتمية.
الرهان على إصلاح أوضاع البلاد من داخل الحزب الحاكم لم يعد مجدياً بعد أن ارتفعت أصوات المستهترين واللاميين والمستثمرين لأزمات البلاد وجراحها على أصوات السياسيين وحملة الشهادات والمخلصين، والذين أصبحوا عرضة للتجريح بين الحين والآخر من داخل حزبهم، ليس لشيء، ولكن لمواقفهم الوطنية والسمعة الطيبة التي يحظون بها لدى العامة من الناس رغم وجودهم إلى جانب الحاكم.
يتردد عقلاء المعارضة ومن يقدرون الدكتور عبدالكريم الإرياني في توجيه العتاب أو مجرد النصيحة له، غير أن الحزب الحاكم والصحف المقربة منه لا تتهاون في توجيه الشتائم المقذعة ضد الرجل وأسرته حتى وإن كانت هذه الإساءة منقولة من صحف إسرائيلية، ومع أن الرجل أفنى عمره في خدمة من يمولون الحملات ضده وهو يعرف وأفراد أسرته جيداً مصدر هذه الشتائم، ولكنه رد على تلك الشتائم باعتبارها مكافأة نهاية الخدمة.
الإرياني كما أعتقد ويعتقد الكثيرون حاول إصلاح الأوضاع من نفس المكان الذي يأتي منه الدمار مهما كان الأذى الذي يتعرض له من حزبه والسمعة الطيبة التي يخسرها عند من لا يعرفونه، ومع أن الإصلاح من الداخل هو أفضل، غير أن الأوضاع الحالية وتغلغل الفساد في مفاصل السلطة والحزب الحاكم، والعبث بكل مقدرات البلد ووحدته واستقراره، والاستياء المحلي والدولي من طريقة إدارة البلاد التي استفحلت كل الجهود الدولية والمحلية من أي إصلاحات قد يحدثها الحزب الحاكم.
أعتقد أن الوقت قد حان كي يحدد الدكتور الإرياني وغيره ممن ظلوا يراهنون على إصلاح حزبهم من الداخل، أن يعلنوا موقفا واضحا من القضايا التي تهدد استقرار اليمن ووحدة أراضيه، لأنني لا أعرف ما الذي تراهن عليه هذه الشخصيات وهي تعلم أن هناك إدارة عجزت عن حل المشاكل البسيطة كمشكلة المئات من مهجري الجعاشن التي تجاوزت إطارها الوطني، فيما حلها لا يحتاج أكثر من مكالمة هاتفية من الرئيس إلى شاعره.
أي حزب هذا وأية إدارة يمكن لك يا دكتور أن تراهن عليه في الحفاظ على وحدة الوطن وأمنه، وهو يوجه بمنع الصحافة من تغطية قضايا المعتصمين أمام مجلس الوزراء بدلاً من حلها وإعادة حقوقهم المهدرة، التي قد تتراكم وتتحول إلى قضايا عنف، تتوسلهم الدولة إيقافها كما عودتنا في كثير من القضايا التي تبدأ بسيطة وتنتهي بإراقة الدماء وتعويضات بمليارات يتقاسمها محدثو الفتن وتجار المظالم!
لم يعد من المقبول ولا من المغري أن يضيع الدكتور الإرياني وغيره من الشخصيات علمهم وخبراتهم العلمية والعملية في حزب سلم قيادته لمن لا يجيدون سوى توجيه الشتائم وتزييف الحقائق. ولا أعرف ما الذي يجمع بين الإرياني وسلطان البركاني حتى يكونوا في حزب واحد، وما الذي يجمع بين الشخصية الوطنية المعروفة الأستاذ محمد سالم باسندوة وتكتل يضم مجموعة من المشائخ وبعض الشخصيات التي يتناقض مشروعها مع مشروع الدولة الحديثة!
كم نحن بحاجة الآن إلى تكتل مستقل يكون في طليعته الدكتور الإرياني ومحمد سالم باسندوة، وعبدالعزيز عبدالغني، وعلي سيف حسن، وآخرون من الشخصيات الوطنية التي حققت نجاحاً في مجالات السياسية والاقتصاد، وحظيت باحترام الجميع سواء كانت داخل الحكم أو بعد خروجها منه.
يعرف الدكتور الإرياني مثل غيره الذين عايشوا الحاكم ويعرفون كيف تدار البلاد، أن اجتماع مجلس القضاء الأعلى للرد على الدكتور الإرياني حول اتهامه للقضاء بالفساد، والمن عليه أن هناك من أفراد أسرته من يعملون فيه، هي فبركة معروفة، إذ كان يفترض في مجلس القضاء الأعلى أن يناقش الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم والنيابات دون أن تقوم الأجهزة التنفيذية بتنفيذها، وهي الإهانة الكبرى التي يتعرض لها القضاء! أما أن يذكر المجلس الموقر الإرياني أن له أقارب وأصدقاء في سلك القضاء تمنعه من توجيه النقد، فتلك هي المهزلة التي اعتدنا عليها.
mshamsaddinMail