النائب العام يتجاهل مطالب المعتصمين بالتحقيق في جريمة إخفاء المقالح قسرياً

النائب العام يتجاهل مطالب المعتصمين بالتحقيق في جريمة إخفاء المقالح قسرياً

في 13 يناير الماضي كان مكتب النائب العام ينفي بلهجة قاطعة أية صلة للنيابة باحتجاز الزميل محمد المقالح. وحسب مذكرة صادرة من مكتب النائب العام نشرتها "الوسط"، فإن النيابة العامة لم تأمر باحتجاز المقالح "ولو كان الأمر كذلك لما طلبت النيابة العامة من أجهزة الأمن ووزارة الداخلية تكليف الجهات المختصة بالبحث والتحري عن مكان وجود الصحفي المذكور".
صدرت هذه المذكرة الكاشفة بعد 3 أسابيع من إقرار الرئيس علي عبدالله صالح بوجود المقالح كسجين في المعتقل (!)، وذلك في لقائه في دار الرئاسة بأمناء عموم أحزاب في اللقاء المشترك، وبعد أسبوع من تصريحات للأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام أحمد بن دغر ذكر فيها أن المقالح معتقل بأمر من النيابة.
اختطف المقالح في 17 سبتمبر الماضي، ونفت الأجهزة الأمنية أية صلة لها بواقعة الاختطاف. ومع مرور الأيام تم تصنيف الصحفي باعتباره ضحية جديدة في ملف ضحايا الإخفاء القسري.
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى على واقعة اختطافه، مارس مسؤولون في الدولة والأجهزة الأمنية لعبة تضليل بشأن الضحية. فعلى سبيل المثال تم تسريب معلومات عن أن جماعة قبلية مسلحة هي من دبرت عملية خطف المقالح احتجاجاً على ما ينشره موقع "الاشتراكي.نت" من مواد متعلقة بالحرب في صعدة.
وفي الشهر الثاني من الواقعة تم الترويج لشائعة أن المقالح محتجز في السجن الحربي، وحالته الصحية جيدة. ثم تردد أن المقالح محتجز في أحد معتقلات عدن.
وقد توجب الانتظار حتى مطلع الشهر الرابع عندما تحول "الضحية" إلى ورقة مساومة في لقاء سياسي رفيع، وعندها فقط اعترفت السلطة بالجريمة.
لكن الأمين المساعد لحزب الرئيس، أراد بعد أسبوعين من الاعتراف نفي حدوث جريمة، فقال بكل برود إن "الصحفي الرهينة" معتقل بأمر من النيابة العامة. فبادر النائب العام الذي كان في موقع مكشوف، قانونياً وأخلاقياً، إلى نفي أية صلة له باحتجاز المقالح.
النفي، غير المسبوق، بعث برسالة أمل إلى أسرة المقالح ورفاقه وأصدقائه وزملائه. فإذا كان النائب العام قد خرج علناً لنفي "أكذوبة" مسؤول في المؤتمر (الشعبي) فلمَ لا يعقد الأمل عليه لإعادة القليل من الاعتبار للعدالة؟
وصباح السبت الماضي اعتصم عشرات الصحفيين والناشطين الحقوقيين في مقر النائب العام لمطالبة النائب العام بتحمل مسؤوليات موقعه كممثل للمجتمع، وذلك بإطلاق سراح المقالح فوراً، والتحقيق مع الجهة المتورطة في اختطافه وتعذيبه. لكن المعتصمين لم يجدوا النائب العام في مكتبه. فبادر البرلماني فؤاد دحابة بالاتصال به هاتفياً، وقد جاء الرد مخيباً للآمال. أبلغ النائب العام المعتصمين، عبر الهاتف، بأن المقالح سيُحال إلى المحاكمة غداً (أمس الأحد)!
النائب العام لم ينتصر لنفسه، وقرَّر إرسال "الضحية" إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، حيث يتم مواصلة التنكيل، ولكن بالقانون، بأصحاب الرأي والصحفيين اليمنيين.