الأنيق.. لاعبًا وإنسانًا

الكابتن خالد الناظري (أرشيف)
الكابتن خالد الناظري (أرشيف)

يأتي لاعب كرة قدم فيقنعك وأنت تشاهده لأول مرة، ثم مرات ومرات أنه فنان كأي فنان تشكيلي غنائي مصور محترف كالغابري... وكلما مر الوقت يتأكد لديك ما ذهبت إليه قناعتك...

لا يهم لدى المشاهد المتوازن أن يكون اللاعب الأنيق من ناديك الذي إليه تنتمي، وأنا انتميت إلى نادي شعب صنعاء، وقضيت بين جنباته وعلى حسه وسمعته أجمل أيام العمر...

الكابتن خالد الناظري (أرشيف)
الكابتن خالد الناظري (أرشيف)

في نادي الشعب، وفريق القدم تحديدًا، كان ثمة لاعبون يجبرك لعبهم على أن تظل معلقًا نظرك على أقدامهم، خذ: الورقي، قاسم منصر، يحيى محمد أحمد، شكيب البشيري، أحمد العرشي، سالم عبدالرحمن، العزعزي، ووووووو

وفي الوحدة خذ: علي الأشول، طارق السيد، نصر الجرادي، أحمد رشدي، وووووو

وفي المجد شُوِيت ومحمد الآنسي

وفي الأهلي يحيى جلاعم وأحمد وعبدالله الصنعاني

وفي الطليعة ملك الوسط مضار السقاف..

وفي أهلي تعز إمبراطور القدم والكرة عبدالعزيز القاضي لاعبًا وخُلُقًا

وفي الجيل الملك الآخر محمد الجهمي

كل هؤلاء على سبيل المثال، وليس الحصر، وليعذرني أحمد المقدم فقد نسيت أجمل الأسماء...

هنا نتحدث عن لاعبين فنانين...

وهنا أشير لأول مرة للاعب الأنيق لعبًا وسلوكًا شخصيًا رفيع المستوى..

خالد الناظري لاعب الزهرة والمنتخب الوطني ما غيره..

من أرشيف المشاركات في الفرق الرياضية
من أرشيف المشاركات في الفرق الرياضية

خالد لاعب أنيق وإنسان يفيض أدبًا وخُلُقًا وعلاقة متميزة بالآخرين

برغم التنافس الشديد الذي طبع علاقة الشعب بالزهرة أيام مجد الكرة، وبرغم أنني كنت أهرب إلى عصر في مباريات الشعب التي تقرر مصير دوري وكأس، إلا أن أية مباراة بين الشعب والزهرة مهما كانت مصيرية، فقد كنت أحرص على أن أتواجد أول الناس في المدرج الغربي لملعب الظرافي، وكله من أجلك يا خالد الناظري..

قلت لعلي الظاهري المعجون بالشعب، ذات مساء، في مطعم الفيتنامية:

ماذا يعجبك في العَبدي؟ محمد العبدي أحد لاعبي الشعب الأفذاذ، ومن بسببه بمباراة حاسمة في تعز بين الشعب والفتوة من إب، وقد نقلت إلى الشهداء بسبب شغب الجمهور، نزلت إلى تعز تاركًا الصحيفة "الثورة" بدون مدير تحرير، ورئيس التحرير كان سلمني السلطة لسفره إلى مصور قريته في حجة...

جنان الكرة ومصيرنا المتعلق بتلك المباراة، جعلني أركب سيارة اللواء الصديق والأب الروحي للشعب وأذهب...! عندما عدنا، طبعًا مرت الأمور بسلام، لسبب بسيط، أن المقر الجديد يومها في الجراف، كان بدون تليفونات، والتليفون السيار لم يظهر بعد!

ليلتها مسكت العبدي، وبحماس قلت:

يا عبدي، وهو أحد أجمل اللاعبين والبشر تهذيبًا، يبدو أنه ورث ذلك من أمه السودانية! قلت بلغة خطابية وعيناي تكادان تغرقان بالدموع:

يا عبدي كرامتنا في رجليك!

رد، وقد كان مصابًا في اليمنى:

شوف يا بجاش، والله أنت يا زول في عيني، وسأكسر رجلي الاثنتين إن لم أهدف، كان عزيز الكميم يومها موقوفًا إذا ذاكرتي لاتزال ناصعة البياض...

جلست بجانب اللواء يحيى الكحلاني، وراء المرمى الجنوبي، وكان صعبًا أن أشاهده لقربه من الجدار، بسبب ضيق الملعب من تلك الناحية..

بدأت المباراة وأعصابنا وقلوبنا وأعيننا تتابع، كان العبدي قد بخ إلى رجله مخدرًا عادة يستخدمه اللاعبون عند الإصابة...

هجمة معاكسة للشعب، العبدي جناح أيمن، صعد بالكرة صعد صعد، فجأة قام من بجانبي يصيح:

شعب.. شعب.. وأنا علمي دخن، لأنني لم أشاهد العبدي "بملعقته" اليمنى كما كان يسميها الظاهري، قد أسكنت الكرة في الزاوية البعيدة...

استطاع الشعب أن يحافظ على الهدف حتى آخر لحظة ليتوج بالدوري!

مساء قبلت ملعقة العبدي!

خالد الناظري يشبه العبدي في تكوين جسمه، أما عندما يلعب فهو يغازل الكرة ولا يلعب...

لم أرَ في حياتي هنا لاعبًا يغازل الكرة ضاحكًا كخالد...

تعجبني لمسته

يعجبني غزله مع الساحرة، واللاعب الأنيق والفنان عمومًا، هو لا يلعب بقدر ما يمارس العشق مع محبوبته، ويخيل لك عندما تشاهده أن أهدافه مواليد أتوا من رحمها كمعشوقة...

وعلى الصعيد الإنساني، خالد الناظري جميل في كل شيء، أنيق في علاقته بالآخرين... ولأنه كذلك ستجده الآن في بيت محمود أبو غانم، مع قدامى الشعب من جيله، في دلالة واضحة على أن الكرة سمو وخلق قبل أن تكون:

"زبط، ردع" كما كان يقولها عبدالفتاح محمد سعيد، المشهور في الشعب بـ"الرُّكَب"...

هنا هي تحية للاعب أنيق

لإنسان وسيم في علاقته بالآخر

والليل يا شعب...