لقاء السلطان مازال عالقًا في الأذهان

صالح الغرابي والسلطان عبدالله بن صالح الكثيري
صالح الغرابي والسلطان عبدالله بن صالح الكثيري

منذ فترة قد تكون بعيدة انقطعت قسرًا عن زيارة وادي حضرموت، وتحديدًا حاضرته الجميلة مدينة سيئون.

لكن هذا الانقطاع الطويل لم يجعلني محبطًا من عدم تحقيق حلمي في زيارة الوادي وأهله الكرام مرات أخرى.

بل لدي من الأمل والتفاؤل الشيء الكثير في تكرار الزيارات للوادي ومدنه الآسرات للألباب والقلوب، والغاليات علينا جميعًا كحضارم.

فها هو ذلك الأمل والتفاؤل يتحقق من خلال زيارتي الوادي ليلة الجمعة الماضية التاسع عشر من رمضان، برفقة المنصب حسن عبدالصمد باوزير، منصب آل باوزير ساحل حضرموت، وبعض الإخوة من آل باوزير.

الجميل في هذه الزيارة، بل الشيء الجديد، هو اللقاء بشخصية حضرمية كبيرة، شخصية لها وزنها وثقلها الاجتماعي في عموم حضرموت، إنه السلطان عبدالله بن صالح الكثيري.

هذا الرجل الذي سمعت عنه الكثير، ويبقى ما سمعته منه شخصيًا هو العالق بذهني للحظة، وكان لقاء مفرحًا للغاية، ومبعثًا للفخر والاعتزاز بهويتنا الحضرمية التي نراها تتعرض للمؤامرات والمكايد والدسائس.

ما يؤلمني حقًا هو ما سمعته سابقًا قبل هذا اللقاء الأخير، فهو كلام عكس ذلك تمامًا، وقد يلاقي من يصدقه بحكم البعد الجغرافي بين الساحل والوادي.

ولأجل تبيين الحقيقة أو كما نقول في عاميتنا "أشرب من رأس القصبة"، فقد شددت الرحال مع الأخيار حتى أشرب من رأس القصبة، وهذا ما حصل مساء الجمعة، في بيت الشيخ عبدالله صالح الكثيري، العامر بزوار من كل مكان.

حقيقة أبهرني الرجل بأشياء كثيرة تجمعت في شخصه الكريم.
ولعلي هنا وفي هذا العجالة أذكر شيئًا بسيطًا مما رأيته في هذا الرجل، ألا وهو الإخلاص لحضرموت ولأبناء حضرموت.

فحديثه المفتوح معنا خلا من التحفظات ومن المصطلحات السياسية التي مللنا سماعها كثيرًا من الكثيرين.

الرجل أظهر مدى حبه وإخلاصه الكبير لحضرموت، وأتى بحقائق قد تكون مخفية على الكثير من البعيدين ممن يسمعون من طرف واحد دون سماع ما يأتي من الطرف الآخر.

الرجل في حديثه بين لنا أنه منذ فترات بعيدة قدم التنازلات ومازال على عهده في تقديم كل ما بوسعه لأجل خدمة حضرموت وأبناء حضرموت، فهو كما عرفنا أنه منذ تلك الفترات البعيدة يسعى بكل ما امتلك من جهد إلى لم الشمل الحضرمي على كلمة سواء، وإذابة كل الخلافات المصطنعة.

ومع ما قدم وسعى، إلا أنه ليس هناك ما يظهر أية قابلية أو تفهم لكل هذه التنازلات من الجهات المعنية بهذه التنازلات لأجل حضرموت التي يتشدقون بها ليل نهار.

وبما تقدم من كلام فلست ضد أحد، بل كل همي اجتماع الكل على مصلحة حضرموت، وللجميع كل الاحترام والتقدير.
فهل نرى من الجميع سباق الوقت في تقاربهم، وتغليب المصلحة العامة على ما دونها من مصالح زائلة؟

الرسالة الأولى:

لمن قد يسمح لنفسه الأمارة بالسوء في التطاول عليَّ بالألفاظ النابية وغير المستحبة، وذلك من خلال حضوري لهذا اللقاء المهم جدًا في نظري، فهو الذي غيّر كل المفاهيم والمعتقدات الخاطئة الموجودة لديّ ولدى الكثير ممن حضروا هذا اللقاء مع الشيخ عبدالله الكثيري. وللعلم أن حضوري لا يمثل أحدًا، بل هو يمثلني، وأتى بعد قناعة شخصية مني، مع أني أتيت وأحمل هموم الكثير ممن لا يروق لهم ما تمر به حضرموت من وضع مزرٍ وكارثي، وهي أرض الخيرات العديدة.
وقد يتجرأ البعض الآخر بالقول إني أمتدح الكثيري لغرض في نفسي، وقد يتمادى البقية الباقية وهم أشد إيلامًا، أني مطبل للكثيري، وكل هذا لا أساس له من الصحة، فأقوال الرجل آلتي أتبعها بالأفعال في مسيرته الطويلة، هي التي تقول ذلك، وليس أنا.

الرسالة الثانية:

أدعو كل المكونات الموجودة على الساحة الحضرمية، والتي تدعي أحقيتها بتمثيل حضرموت وانتزاع حقوقها، للالتفاف السريع مع هذا الرجل، إن كانوا كما يدعون ويقولون إنهم محبون ومخلصون لحضرموت.
أما غير هذا الكلام، وهو ممارسة المماطلة وتضييع الوقت، فهذا يكشف أنهم ليسوا محبين ولا مخلصين لحضرموت إلا بالكلام، وعمر الكلام ما قورن بالأفعال التي تتطلب سرعة التنفيذ على أرض الواقع من خلال التقارب وليس التنافر الحاصل.

الرسالة الأخيرة:

هي مخصوصة لوفد آل باوزير فردًا فردًا، ممن كلفوا أنفسهم عناء ومشاق الرحلة من ساحل حضرموت إلى واديها، واستمعوا بإنصات لحديث الشيخ عبدالله الكثيري، وهم محقون في ذلك، إذ إنهم في الأصل

دعاة خير ومرجعيات حضرمية مهمة، وهم محل التقاء الناس لا تفرقهم.
من هنا، أرى أنهم بالفعل مصلحون، وأياديهم ممدودة، وقلوبهم مفتوحة لكل الأطراف للتقارب.
فلهم ولإخوانهم في الوادي ممن غمرونا بكرمهم الحاتمي، ألف تحية وتحية.