مواجهات واعدة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.. وحظوظ متكافئة للعبور

الصورة من قناة بي إن سبورت عن نهائي دوري أبطال أوروبا
الصورة من قناة بي إن سبورت عن نهائي دوري أبطال أوروبا (تويتر)

جرت، أمس الجمعة، مراسيم القرعة التي حددت مواجهات الدور ربع النهائي، وكذلك المسار الخاص بدور نصف النهائي، لمسابقة دوري أبطال أوروبا. إذ أسفرت عن صدامات ملتهبة بين الأندية الكبيرة في القارة الأوروبية.

ربما أبرز هذه المواجهات، تلك التي ستجع حامل اللقب مانشستر سيتي، بخصمه الذي أصبح تقليديًا في المواسم الأخيرة، صاحب الرقم القياسي بعدد التتويجات بكأس البطولة: ريال مدريد.

كثيرون من متابعي الرياضة اعتبروا هذا اللقاء بمثابة نهائي المسابقة، وإن كان يأتي في مرحلة مبكرة من عمر البطولة.

وليس في هذا الوصف مبالغة، لا لأن الفريقين يعيشان لحظات مميزة هذا الموسم فحسب، محليًا وقاريًا، كما يمتلكان أفضل العناصر في تشكيلتيهما، سواء من حيث اللاعِبين أو مدرّبَي الفريقين.

لكن أيضًا لأن العادة جرت، في الموسمين السابقين، أن الفائز في هذه المواجهة يُتوّج بطلًا في نهاية المطاف.

وبالتأكيد، لا يمكن التنبؤ بمصير هذا الصراع قبل ثلاثة أسابيع من وقوعه؛ خصوصًا وأن الفريقين، في الأسابيع القادمة، يلعبان مباريات مهمة وحاسمة على صعيد منافسات الدوري المحلي لكل فريق منهما.

ربما هذه النقطة توجّه دفّة الأفضلية ناحية نادي العاصمة مدريد قليلًا؛ بالنظر إلى وضعه المريح نوعًا ما في صدارة الدوري الإسباني.

بينما على الجهة الأخرى، يخوض فريق بيب جوارديولا منافسة شرسة على لقب الدوري الإنجليزي؛ مما لا يسمح له بالتقاط الأنفاس أو التفكير في إراحة بعض لاعبيه المهمين قبل الموعد المرتقب في البطولة القارية.

لكن أيضًا، هنالك الكثير من العوامل التي من شأنها أن تلعب دورًا حاسمًا في ترجيح كفة أحدهما على الآخر. منها أن لقاء الإياب سيقام في ملعب النادي الإنجليزي، وهو ما يصب في صالح الأخير بالتأكيد.

وعلى نفس المنوال، نستطيع أن نواصل التدقيق في تفاصيل المواجهة، وفرز مؤهلات النجاح ودواعي الإخفاق لكل فريق، وسنجد أن بوصلة الأفضلية تتأرجح بين الفريقين، تارةً تميل إلى هنا وتارةً إلى هناك.

وهذا ما يجعلنا نخلص إلى القول الأقرب إلى واقع الأمور؛ وهو أن النزال يعدُ بكثيرٍ من التشويق والإثارة، إلى الحد الذي يجعل مسألة توقع نتيجته ضربًا من التخمين الذي لا يستند إلى تفسيرات موضوعية.

وفي نفس المسار المؤدي إلى النهائي، اصطدم نادي بايرن ميونخ الألماني بواحد من الفرق التي تعيش أفضل مواسمها مؤخرًا، وهو نادي أرسنال الإنجليزي.

هذه المواجهة يمكن النظر إليها من زاويتين مختلفتين:

الأولى تاريخية، والتي سنرى من خلالها تفوّقًا كاسحًا للفريق الألماني؛ إن كان بحساب الإنجازات القارية، أو بالاعتماد على نتائج المواجهات التي جمعت الفريقين تاريخيًا. جميع هذه المؤشرات تؤكد الهيمنة الألمانية.

وعلى الرغم مما سبق، يوجد جانب آخر من الصورة، يعيد الاستقرار إلى ميزان الترشيحات. وأعني هنا حال وواقع الفريقين في ما تقدّم من منافسات الموسم الجاري.

فريق العاصمة لندن يتصدر الدوري الإنجليزي، ويقدم عروضًا لافتة تصرح بالكثير عن استعداده الجيّد على مستويات عدة: فنيًا، بدنيًا، وذهنيًا.

بينما خصمه الألماني يعيش أتعس مواسمه محليًا، إذا يشير جدول الترتيب هناك في ألمانيا، إلى دنو الأجل الذي سيتنازل فيه البافاري عن تاجه للمرة الأولى منذ عقدٍ كاملٍ من الزمن.

ما تقدّم لا يعني أن البايرن معدوم الحيلة وخالي الوفاض من الأسلحة التي ستعينه في المعركة القارية، وإنما ينبه فقط إلى امتياز كل فريق وجانب الأفضلية عنده.

وبالتالي، نستطيع القول بإيجاز -ربما يكون مُخلًّا- إن الإرث الكُروي يرجّح كفة النادي الألماني للعبور إلى المرحلة القادمة من البطولة، فيما يأتي الأرسنال مؤيدًا بجهوزيته التي أثبتها في استحقاقات مختلفة خلال الموسم الجاري.
الأمر الذي لا يمكن الشك فيه، أن اللقاء لن يقل تشويقًا وحماسةً عن مباراة مانشستر سيتي وريال مدريد.

أما برشلونة فقد أوقعته القرعة في طريق نادي باريس سان جيرمان الفرنسي.

على الورق، يبدو خصمًا أقل خطورة من الأسماء التي كان يخشى جمهور الفريق الكاتلوني الاصطدام بها، وتحديدًا: بايرن ميونخ، ريال مدريد، ومانشستر سيتي.

لكن هذا لا يعني سهولة المهمة، أو رجوح كفة الإسبان على حساب الفرنسيين.

كما لا يجب أن ننسى امتلاك النادي الباريسي واحدًا من أكثر اللاعبين فتكًا بشباك الخصوم وقدرةً على إيذاء دفاعاتهم بما يمتلك من حزمة مهارات وإمكانات تجعل العديد من الجماهير يصنفونه كأفضل لاعب في العالم.
بالطبع أقصد النجم اللامع كيليان مبابي.

الفريق المملوك لشركة استثمارات قطرية، يعود لربع نهائي المسابقة بنفس الغاية التي بذل من أجل بلوغها مئات الملايين، وبدّل الكثير من الطواقم الفنية في سبيل تحقيق لقب البطولة الذي لم يسبق أن زار خزانة النادي.
لكنّه فشل دائمًا في اللحاق بركب المُتوّجين. في مناسبات كثيرة بسبب حضور الفريق الباهت نتيجة الإرث المتواضع للنادي، والذي ينعكس على شخصية اللاعبين وقدرتهم على الصمود في الملاعب التي تتمتع ببريق خاص في المسابقة الأوروبية الأمجد.

ومن جهته، فقد تراجع ألق برشلونة في السنوات الأخيرة قاريًا. يكفي معرفتنا أنه يصل إلى هذه المرحلة من المسابقة للمرة الأولى منذ أربعة أعوام.

وهو أمر لم يكن معتادًا خلال القرن الحالي على الأقل.

ظروف الناديين تجعل من المواجهة فرصة ثمينة لكليهما.
بالنسبة لبرشلونة من أجل تجاوز خيبات المواسم الأخيرة، واستعادة الحضور الأوروبي المُشرق. كما أنها مهمة على الصعيد الاقتصادي؛ فمن شأن العائد المالي الناتج عن التأهل إلى الدور القادم، أن يحسّن من الظرف الصعب الذي يعصف بميزانية النادي.

وبالنسبة لباريس سان جيرمان، فالمرور إلى المرحلة القادمة من المنافسة يمنحهم فرصة جديدة لتضميد جراح الماضي، والاقتراب من تحقيق حلمهم المنشود.
وبين أماني هذا وذاك، ستكون الكلمة الحاسمة لأقدام اللاعبين وتحضيرات الإدارات الفنّية لكلا الفريقين.

وفي تقديري، فإن الفيصل في نتيجة المواجهة يكمن بالتحديد في قدرات الفرنسيين الهجومية، وفي استعدادات الخطوط الدفاعية لكتيبة تشافي هرنانديز.

المواجهة الأخيرة من الدور ربع النهائي، والتي تجمع بروسيا دورتموند بخصمه أتلتيكو مدريد، تبدو أقل من نظيراتها من حيث المستوى الفني للفريقين.

لكن الذي سيضمن حضور الإثارة في أحداث لقاءي الذهاب والإياب، هو تكافؤ فرص كلا الفريقين في العبور إلى الدور القادم.