استفاقة برشلونية ومحاولة التدارك

استفاقة برشلونة
استفاقة برشلونة (صفحة النادي على تويتر)

عاد برشلونة لسكة الانتصارات العريضة مجدداً، بعد فترة طويلة تراجع فيها أداء الفريق بوضوح على مستوى جميع البطولات، وهو الأمر الذي أدّى إلى نتائج سيئة كلّفت النادي - حتى هذه اللحظة من الموسم- خسارة بطولتين والتخلّف بعدد كبير من النقاط وراء متصدّر الدوري ريال مدريد.

لكن فريق تشافي ظهر أخيراً بصورة مشرقة أنعشت آمال جماهير النادي بتعديل المسار وتقديم أداء لائق فيما تبقى من استحقاقات الموسم الجاري.

ولم يكن الفوز الكبير على خيتافي، بنتيجة أربعة أهداف مقابل لا شيء، هو المكسب الأوحد من هذه المباراة؛ إذ سجّل الفريق العديد من النقاط الإيجابية، وهو ما يُحسب للّاعبين ومدربّهم في آن.

أبرز إيجابيات هذا اللقاء تمثّلت بتحرّكات اللاعبين المستمرّة وقت الحيازة، وهو ما أتاح لحامل الكرة العديد من الخيارات السانحة للتمرير وتجاوز ضغط الفريق الخصم.

هذا النشاط الذي ظهر به لاعبو برشلونة أفشل خطة المدرب خوسيه بواردلاس، المدير الفنّي لنادي خيتافي، الذي اعتمد على خط الدفاع المتقدم كاستراتيجية لخنق فريق تشافي والاستفادة من الهفوات التي من الممكن أن يرتكبها اللاعب الحائز على الكرة تحت ضغط لاعبي الفريق المنافس.

هذا النهج الذي اعتمده مدرب خيتافي قد يبدو انتحارياً ولا يتناسب مع ظروف اللقاء، لكن المُتابع لأسلوب برشلونة مؤخراً، سيجد التبريرات المنطقيّة التي حملت المدرب بواردلاس على انتهاج الضغط المتقدّم كوسيلة لإحراج الفريق الكتلوني في عقر داره.

وأعني بأسلوب برشلونة مؤخراً: جمود الفريق وقلة نشاط لاعبيه وقت الاستحواذ، وهو ما يُغري لاعبو الفريق الخصم للضغط على حامل الكرة ومحاولة افتكاكها للذهاب في هجمة مُعاكسة، تشكّل، في أغلب الوقت، خطراً أكيداً على دفاعات فريق تشافي.

بالعودة للقطات مختلفة من مباريات سابقة للفريق، ستجد أن لاعب برشلونة يقف مكانه، عادةً، بعد تسليم الكرة، وهو ما يضاعف من صعوبة إيجاد مسار مناسب للتمرير والحفاظ على الاستحواذ.

كان الحل بالنسبة لفريق برشلونة، في مثل هكذا مواقف، يأتي عن طريق مهارة فردية صريحة؛ إما بمراوغة اللاعب الخصم، أو الخروج بتمريرة غير متوقّعة تكسر الضغط وتخلق فرصاً سانحة للاقتراب من مرمى المُنافس.

لكن الذي تغير في لقاء اليوم، وفاجأ مدرب خيتافي وأفشل خطته، كما فاجأ مشاهدي المباراة، هو نشاط لاعبي برشلونة وتحركاتهم المستمرة للتخلّص من رقابة المدافعين، وخلق مساحات واسعة لتمرير الكرة والانطلاق بها نحو المرمى.

يفسّر هذا النجاح التكتيكي لتشافي، عدد الانفرادات التي حصل عليها لاعبو فريقه، إذ حصل كل لاعب، تقريباً، من لاعبي وسط وهجوم برشلونة، على مواجهة مباشرة واحدة على الأقل مع حارس الفريق الخصم.

هذه المواقف المُريحة، مكنّت اللاعبين من استغلال الفرص السانحة للتسجيل، على نحوٍ أفضل من المعتاد، والخروج بنتيجة كبيرة لأول مرة منذ وقتٍ طويل.

وبذكر استغلال الفرص السانحة للتسجيل، قد يكون من الغريب معرفة أن برشلونة يتصدر أندية أوروبا فيما يخص نسبة الفرص التي خلقها الفريق لتسجيل الأهداف.

وعلى الرغم من هذه الإحصائية، يجد برشلونة صعوبة بالغة في حسم نتائج العديد من المباريات ويُضيع لاعبوه كمّاً هائلاً من الهجمات، يُعاقَب عليها الفريق باستقبال الأهداف في مرماه وخسارة نقاط المباراة.

هذا الأمر اشتكى منه تشافي في العديد من مؤتمراته الصحفيّة، ووبّخ لاعبيه على قلة فعاليتهم أمام المرمى، قائلاً إنها من أهم أسباب سوء نتائج الفريق.

وعلى غير ما يرى تشافي، فإن الإحصائية الدالة على تفوق برشلونة فيما يخص صناعة الفرص، تبدو - بالنسبة لي على الأقل- مُضلِّلَة ولا تشير إلى جودة المنظومة الهجومية التي صنعها تشافي.

أعني أن هذه الإحصائية، تكوّنت بفعل مراكمة العديد من الفرص ذات الاحتمالات الضعيفة لدخول المرمى، ولم يكن اللاعب الذي فوّت إمكانية التسجيل في موقف مثالي لإحراز الهدف.

هذا التفسير لا ينطبق على كل الحالات بالتأكيد، فرعونة مهاجمي برشلونة كانت حاضرة بالفعل في العديد من المواقف، لكنّه يشرح، إلى حدٍ ما، مشكلة إضاعة الفرص التي عانى منها الفريق مؤخراً ووجد حلّها في المباراة ضد خيتافي؛ إذ حضرت نجاعة المهاجمين على عكس المعتاد، بفضل الحركيّة الدائمة للاعبي الفريق في مقابل الجمود وانتظار الحل الفردي في أغلب المباريات السابقة خلال الموسم الحالي.

 

وبالعودة لمباراة اليوم، كان أداء أندريس كريستنسن الجيّد من أهم الإيجابيات التي أسعدت تشافي وجماهير النادي بالطبع.

الدنماركي لعب أفضل مبارياته منذ أن استخدمه المدرب في مركز محور الارتكاز.

وأخص بالذكر أداء كريستنسن دوناً عن باقي اللاعبين؛ نظراً لحساسية المركز بالنسبة للفريق.

فبرشلونة يعاني في هذا المركز منذ غادر متوسّط ميدانه سيرجيو بوسكيتس.

تشافي جرّب العديد من الحلول لمعالجة هذه الأزمة، منها استخدام الوافد الجديد جوندوجان كمحور ارتكاز بجانب الهولندي دي يونج، لكن جميع الحلول لم تُقنع المدرب ولم تحسّن من أداء الفريق ولا نتائجه.

غياب لاعب الارتكاز الذي يمتلك المواصفات التي يحتاجها المدرب، شكّل مُعضلةً ألقت بضلالها على أداء الفريق في العديد من مراحل اللعب، سواء عند حيازة الكرة أو عند الضغط لافتكاكها.

مستوى كريستنسن الجيّد قد يكون الضالة التي أرّقت تشافي في رحلته المُضنية للبحث عن معوّض لصديقه -سيرجيو بوسكيتس- الذي غادر النادي على رغم محاولات الأول للإبقاء عليه.

وعلى رغم المؤشرات الإيجابية التي أظهرها فريق تشافي في لقاء اليوم، لا يمكن بحالٍ توقّع استمرارية التطوّر في أداء اللاعبين في قادم المباريات؛ إذ إن تذبذب المستوى وفقدان الثقة في شكل وأسلوب الفريق من أبرز السمات التي رافقت مرحلة تشافي منذ تولّيه منصب الإدارة الفنّية لنادي برشلونة.